ترك برس

يرى خبراء ومؤرخون غربيون، ممن أجروا أبحاثًا حول مزاعم الأرمن المتعلقة بأحداث عام 1915، أن هذه المزاعم تستند إلى إنكار وتشويه للحقائق، ولا تعتمد على أدلة ملموسة.

وفي حديث مع وكالة الأناضول التركية، قال الدكتور "بات والش" المؤرخ الأيرلندي الذي أجرى العديد من الدراسات حول أحداث عام 1915، إنه ينبغي النظر في السياق التاريخي الواسع والتطورات التي شهدتها المنطقة من أجل فهم الأحداث التي وقعت عام 1915.

وأفاد والش بأن أحداث عام 1915 وقعت في إطار حرب عالمية مدمرة وكانت مأساة لجميع الأطراف، وأنه ينبغي النظر إلى التطورات في سياق الحرب العالمية الأولى، التي بدأت عام 1914.

ولفت والش إلى أنه في الوقت الذي واجهت فيه الإمبراطورية العثمانية أزمة وجود نتيجة هجوم قوات الحلفاء، كانت الجماعات الثورية الأرمنية تشن تمردًا مسلحًا ضد الدولة.

- لا يوجد دليل على أن العثمانيين كان لديهم خطة أو نية لإبادة الأرمن

وأكد والش أن إعادة توطين الأرمن في البلاد كانت نتيجة قيام الجماعات الثورية الأرمنية بتنظيم تمرد مسلح لتحقيق أهداف سياسية، وأنه لا يوجد دليل على أن الدولة العثمانية كانت لديها أي خطة أو نية لإبادة الأرمن.

وأضاف أنه لا يوجد دليل في الأدب أو المحفوظات (الأرشيف) العثمانية على وجود مثل هذه النية أو الهدف.

وقال: "الواجب الأساسي لجميع الدول هو ضمان السلامة العامة لمواطنيها. لا شك في أن أي دولة مثل الدولة العثمانية تتعرض لخطر الغزو من جميع الجهات وتواجه انتفاضة في الداخل ستعمل بطريقة مماثلة (إعادة التوطين)".

وأشار إلى أن بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا، التي وصفت بـ "الدول المتحضرة" في تلك الفترة، استخدمت تكتيكات مماثلة لقمع أعمال التمرد المسلح، وبخلاف الدولة العثمانية، فإن تلك الدول لم تفعل ذلك لحماية وجودها بل لتوسيع دائرة نفوذها.

كما لفت والش إلى أن قرار التهجير الذي اتخذته الدولة العثمانية بحق الأرمن في مناطق محددة، جاء في ظروف الحرب، وأنه لا ينبغي للمؤرخين تشويه أو تبسيط الأحداث المعقدة من خلال تجاهل السياق التاريخي العام للحرب العالمية الأولى.

- على الأكاديميين الأتراك والأرمن العمل معًا على دراسة تلك المرحلة التاريخية

بدوره، قال الأستاذ المساعد كريستوفر جن، المحاضر في جامعة كوستال كارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية، إن على الأتراك والأرمن التوصل إلى توافق في الآراء بشأن ماضيهم من أجل منع العنف في المستقبل وتوحيد الخطابات المختلفة التي جرى تطويرها خارج سياقاتها منذ عام 1915.

وفي حديث مع الأناضول، أضاف جن، الذي أجرى دراسات أكاديمية مختلفة تتعلق بالإرهاب الأرمني، أنه يمكن تحقيق المصالحة من خلال العمل بموضوعية، عبر التحقيق في مصادر المعلومات والمحفوظات الوطنية (الأرشيف) وغيرها من المصادر المعتبرة المكتوبة بلغات مختلفة، من قبل أكاديميين أتراك وأرمن يعملون جنبًا إلى جنب لدراسة تلك المرحلة التاريخية.

- مزاعم الإبادة الجماعية تستند إلى إنكار الحقائق وتشويهها

فيما قال المؤرخ الفرنسي الدكتور ماكسيم جاوين، الباحث بمركز الدراسات الأوروبية الآسيوية، إن مزاعم الإبادة الجماعية تستند إلى الإنكار وتشويه الحقائق الأساسية والوثائق والمصادر الرئيسية للمعلومات التاريخية.

وأكد جاوين، في حديث مع الأناضول، أن المزاعم تجاهلت إعفاء الدولة العثمانية نحو 500 ألف أرمني من قرار الترحيل (التهجير)، وإصدار الدولة أوامر تحظر العنف ضد الأرمن، ومحاكمة ألف و387 مسلمًا عثمانيًا يُعتقد أنهم ارتكبوا جرائم ضد الأرمن بين عامي 1915 و1917.

- الادعاءات ليست لها أساس قانوني

ولفت جاوين إلى أن مزاعم الإبادة الجماعية ليست لها أي أساس قانوني، وأن القوميين الأرمن خسروا الدعاوى التي رفعوها أمام المجلس الدستوري الفرنسي في أعوام 2012، و2016، و2017، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أعوام 2013، و2015، و2017، إضافة إلى القضايا المرفوعة أمام المحكمة الدستورية البلجيكية.

وذكر أن العديد من الكتب والمقالات التي تدحض المزاعم الأرمنية نُشرت في دور النشر والمجلات المرموقة، لكن أعدادها لم تكن كافية في الدول الغربية مثل فرنسا وألمانيا.

وتابع: "الأكاديميون الغربيون يتحملون مسؤولية في هذا الإطار. ومع ذلك، من الواضح أن معظمهم لا يجرؤون على الكشف عن الحقائق".

وأضاف: "يتعين على الأتراك الذين يعيشون في الدول الغربية بذل المزيد من الجهود لتوضيح الحقائق، لاسيما وأن القوميين الأرمن يستخدمون هذه القضية أداة لإلحاق الأذى بتركيا".

وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير عام 1915 على أنه "إبادة جماعية"، وبالتالي دفع تعويضات.

وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق "الإبادة الجماعية" على تلك الأحداث بل تصفها بـ"المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراع السياسي وحل القضية بمنظور "الذاكرة العادلة" الذي يعني التخلي عن النظرة الأحادية إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لكل طرف.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!