ترك برس

أعلنت شركة "غرين إنرجي" خلال الأيام القليلة الماضية عن بدء استقبال طلبات تغذية المنازل والمحال التجارية في مدينة إدلب شمال غربي سورية بالطاقة الكهربائية القادمة من تركيا، بعد انقطاع طويل.

وأبرمت "المؤسسة العامة للكهرباء" التابعة لما يُسمى "حكومة الإنقاذ" اتفاقاً مع شركة "غرين إنرجي" لجلب الكهرباء من داخل الأراضي التركية إلى منطقة "خفض التصعيد الرابعة" التي تُسيطر على جزء منها المعارضة السورية في (إدلب وما حولها).

وبحسب تقرير لصحيفة العربي الجديد، تعرضت المحطات الكهربائية والمحولات وأسلاك التوتر العالي خلال العشر سنوات من الثورة السورية ضمن المناطق التي تُسيطر عليها المعارضة السورية، شمال غربي سورية، إلى قصف وتدمير ممنهج من قبل النظام السوري وحلفائه، بالإضافة لعمليات السرقة والنهب في ظل الفوضى التي شهدتها مناطق سيطرة المعارضة خلال فترات نزوح وتهجير سكان المدن والبلدات بفعل قصف النظام إلى أماكن متفرقة من مناطق الشمال السوري المتاخمة للحدود التركية، ما كان سبباً إضافياً لتفاقم مشكلة الكهرباء، بعد إفراغ المدن والقرى من أهاليها ضمن سياسة الأرض المحروقة التي استخدمها عليها النظام وحلفاؤه، ليترك إفراغ السكان مجالاً لعصابات لصوص بسرقة المحولات والأسلاك الكهربائية. 

ونقلت الصحيفة عن المدير التنفيذي لشركة "غرين إنرجي" أسامة أبو زيد قوله إنه "لا يخفى على أحد معاناة الناس مع الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي عن الشمال السوري المحرر، لذلك عملت الشركة على تأمين مصدر للطاقة الكهربائية للمناطق المحررة عن طريق الجانب التركي".

وأضاف أبو زيد: "تم ذلك على عدة مراحل ابتداءً من إنشاء محطة تحويل داخل الأراضي التركية، وإنشاء محطة أخرى في الجانب السوري ضمن مدينة حارم الحدودية شمال محافظة إدلب".

وأكد أبو زيد أن الشركة عملت على صيانة وإعادة تأهيل وتجهيز محطات التحويل في كل من محطات سلقين، أبو كشي، والكيلاني، والكسيح، والدانا، ومركز المحافظة إدلب، تلتها عملية صيانة وإعادة تأهيل خطوط التوتر التي تربط كامل هذه المنطقة ببعضها، وهي خطوط توتر عالٍ 66 كيلوفولط، بالإضافة إلى إعادة تأهيل ومد شبكات خطوط التوتر المتوسط 20 كيلوفولط التي تغذي المراكز التحويلية، ويتم من خلالها إيصال التيار الكهربائي إلى المشتركين. 

وأشار المدير التنفيذي للشركة إلى أنه لا يوجد جدول زمني عندهم للإعلان عن إيصال الكهرباء للمشتركين، معللاً: "للأسف منظومة الكهرباء تعرضت للتدمير وتخريج ونهب وسرقات، نتيجة الهجمات التي شنها النظام، وقيام ضعاف النفوس بسرقة هذه الشبكات والمحولات والأسلاك، وتعمل الشركة حالياً على تجهيز المراكز التحويلية بخطوط التوتر المتوسط لتغذية المدن ذات الكثافة السكانية العالية كمدن إدلب، وسرمدا، وسلقين، وحارم، والدانا".

ولفت أبو زيد إلى أنه "بعد الانتهاء من هذه العملية وتغذية المدن ذات الكثافة السكانية، سوف يتم الاتجاه إلى تجهيز خطوط متوسطة أخرى لتغذية باقي البلدات والقرى في كافة المناطق المحررة". 

وأشار المسؤول في الشركة إلى أنه "تم إحداث دائرة مشتركة مخصصة لكل الزبائن الذين يريدون الاشتراك في الشركة، مع مراعاة الوضع المالي المتدني لسكان المناطق المحررة".

وتابع: "تم تحديد ثمن العداد أحادي الطور لمرة واحدة بقيمة 350 ليرة تركية مع دفع رسم اشتراك 100 ليرة تركية، أما عن العداد ثلاثي الطور فيبلغ سعره 900 ليرة تركية، و300 ليرة رسوم اشتراك".

كما لفت إلى أن هذا الرسوم سيتم دفعها لمرة واحدة فقط. وأردف: "حاولنا قدر المستطاع أن تكون كلفة الكيلوواط الساعي أقل ما يمكن، فهناك كلفة استجرار الكهرباء ومن خلالها تم تحديد سعر الواط الساعي سواء المنزلي أو الصناعي".

واعتمد الأهالي خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي على الطاقة الشمسية ومولدات الأمبير، وبطاريات الشحن، كحلٍ إسعافي بديل على الرغم من غلاء أسعار مستلزمات الطاقة الشمسية، رغم غلاء تكلفتها، بسبب حاجة جميع سكان المنطقة إلى تلك الحلول، على الرغم من قلة الساعات التشغيلية لها. 

ويقول محمود الباشي، وهو نازح من مدينة معرة النعمان ومقيم في مدينة إدلب، إنه "لا شك في أن الكهرباء النظامية هي أفضل بكثير من مولدات الأمبير ومن ألواح الطاقة الشمسية بالنسبة للساعات التشغيلية وأيضاً للأسعار". 

ويضيف: "سابقاً كانت الساعات التشغيلية لمولدات الأمبير يومياً لا تتجاوز الـ4 ساعات، أما الآن فبإمكاننا الاستفادة من الكهرباء لـ15 ساعة تشغيلية يومياً من 9 صباحاً وحتى 12 ليلاً، وهذه الساعات كافية لقضاء جميع الأعمال التي تحتاج إلى كهرباء في ساعات النهار والليل، وسيكون بالإمكان استخدام الأدوات الكهربائية التي لم نستخدمها من 10 سنوات، مثل ثلاجة التبريد لحفظ الطعام، والمكنسة الكهربائية، والفرن الكهربائي وغيرها".

من جانبه، عبّر فاتح رسلان، وهو صحافي يعمل فني مونتاج  مع إحدى الفرق التطوعية داخل مدينة إدلب عن فرحته بعودة التيار الكهربائي إلى المنطقة، واصفاً ذلك بـ "الأمر المبشر للسوريين".

وأكد رسلان أنه يواجه صعوبات كبيرة بحسب عمله، سواء من خلال استخدام الحلول البديلة مثل الطاقة الشمسية أو اشتراك الأمبير. وفق العربي الجديد.

وأضاف: "من خلال عملي مونتير دائماً تكون ساعات عملي في الليل، وأفضل اشتراك مولد أمبير لا يعطيك ساعات تشغيلية بعد الساعة التاسعة أو العاشرة ليلاً، والطاقة الشمسية لا تعطي ساعات تشغيلية لفترة لا تتجاوز الحادية عشرة ليلاً، فهذا الأمر يجبرني على تأجيل عملي إلى اليوم الثاني والاستعانة بمولد كهربائي وشراء البنزين لتشغيله"، متمنياً أن يكون وصول التيار الكهرباء إلى المنطقة بشكلٍ سريع وحقيقي.

ويرى رسلان أن "مولدات الأمبير ليست صديقة للبيئة، وغالبية المولدات يكون تمركزها بالقرب من المباني السكنية وتسبب أيضاً بضجيج مزعج، وفي فصل الشتاء هناك مشاكل وعوائق كثيرة للمولدات منها انقطاع المحروقات، وأعطال تُصيب تلك المولدات وهذا يعني انقطاع الكهرباء عن الأهالي لفترات أحياناً تتجاوز الـ20 يوماً". 

وحول التسعيرة التي فرضتها شركة "غرين إنرجي" أوضح رسلان أن السعر مرتفع بعض الشيء بسبب التكلفة الأولية المدفوعة لرسم الاشتراك وسعر العداد، ولكن اعتبره أفضل بكثير من سعر اشتراك الأمبير كونه يتم الدفع على قدر الكمية التي يحتاجها المواطن من الكهرباء وتنظيم طريقة للتوفير.

وختم قائلاً: "نتمنى أن يكون المشروع ناجحاً بالفعل وتصل الكهرباء لكافة المناطق المحررة بأسرع وقت ممكن، الكهرباء أصبحت من الأشياء الترفيهية للسوريين بعد انقطاع دام لعدة سنوات، وستكون المناطق المحررة أفضل بكثير من مناطق سيطرة النظام السوري، التي يعتمد الناس فيها على مولدات الأمبير أيضاً، بسبب الانقطاع شبه الدائم للكهرباء، في ظل العجز الذي يعانيه النظام".

ويعد المشروع الجديد بصيص أمل للسوريين بعد أزمة طاقة كهربائية استمرت لسنوات، عدة جراء الحرب التي شنها النظام السوري ضد معارضيه، وقطع التيار الكهربائي عن المناطق الخارجة عن سيطرته بشكلٍ متعمد سواء بقصف وتدمير المحطات المولدة للكهرباء ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، أو باستخدام القطع كأحد أساليب سياسة الحصار التي اتبعها في العديد من المناطق السورية بُغية تركيع المناهضين له.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!