مصطفى واجد آغا أوغلو - خاص ترك برس

في زيارته الأخيرة إلى محافظة كركوك (شمالي العراق) بتاريخ 4 يونيو/حزيران الجاري أطلق عمار الحكيم "رئيس تيار الحكمة الوطني" جملة تستحق الوقوف عليها. وبالرغم من أن هذه الجملة ليست بالجديدة وليست غريبة على أذهان العراقيين والإعلام؛ لأن الساسة والمثقفين التركمان يستخدمونها في مختلف المنابر والمناسبات، ولكن إطلاق زعيم سياسي بارز في البلد لهذه الجملة لها إعتبارات ورسائل مهمة. 

ففي معرض لقائه مع شيوخ ووجهاء ومواطنين تركمان وبحضور حسن توران رئيس "الجبهة التركمانية العراقية" (أكبر الأحزاب التركمانية من حيث الثقل والجماهير ولها فروع ومكاتب في كافة المحافظات والمدن والمناطق التي يسكنها التركمان) وفي خطابه للتركمان وأمام وسائل الإعلام قال الحكيم: 

"التركمان جسرنا؛ جسر العراقيين جميعاً للإنفتاح على ترك العالم، من المكون التركي في جارتنا الكبيرة الشمالية تركيا؛ إلى الأتراك المتواجدين في العالم كله؛ في آسيا الوسطى؛ في أوروبا؛ في أماكن أخرى. تركمان العراق جسرنا وطريقنا إلى تركمان وأتراك العالم كله". 

إن زيارة عمار الحكيم إلى محافظة كركوك ولقائه مع مكونات المدينة جاءت في وقت تستعد فيه الكتل السياسية خوض الإنتخابات البرلمانية المبكرة المزمع إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. 
ونستنتج من خطاب الحكيم للجماهير التركمانية رسالتين: 

1. الرسالة الأولى: موجهة إلى الحكومة العراقية وللطبقة السياسية والعراق بشكل عام، مفادها؛ لا تروا علاقات التركمان مع تركيا وأتراك العالم أمراً سلبياً ما دامت تصب في مصلحة الوطن. 

فبالرغم من أن فلسفة التركمان السياسية تكمن في وحدة العراق أرضاً وشعباً، وأثبتوها في أكثر من مناسبة، ولكن لا زال هناك من يرى علاقة التركمان مع تركيا والشعوب التركية الأخرى عمالة للبلد.

والحكيم سلط الضوء في خطابه على هذه النقطة وأراد أن يوضح للعراقيين جميعاً ويذكرهم أهمية ومحورية التركمان للعراق؛ لا سيما إمكانيتهم على بناء جسر وطني يربط العراق بالعالم التركي في مختلف الأصعدة والنواحي. 

2. الرسالة الثانية: موجهة إلى التركمان أنفسهم. ومفادها؛ استمروا في ديمومة علاقاتكم مع تركيا وأتراك العالم واستمروا في جهودكم لبناء جسر يربط بلدكم العراق بأتراك العالم لمصلحة العراق والعراقيين، ولا تصغوا للأصوات التي تتهمكم بالعمالة وما شابه ذلك. 

هذا وتقع على عاتق القيادة التركمانية الحالية مسؤولية كبيرة في تطوير وإنجاح هذا الجسر الوطني.. نعم سيحتاج هذا المشروع تطويراً وإنماءً أو بالأحرى تهيئ دراسات وسبل خاص لهذا المجال الذي يصب إنجازه ونجاحه في مصلحة العراق والعراقيين كما أسلفت. 

وتأتي طبعاً جمهورية تركيا على رأس الدول والشعوب التركية التي تربطهم علاقات ثقافية مع تركمان العراق، وتأتي أهمية تركيا في المرتبة الأولى في إطار مشروع هذا الجسر بسبب روابط الجيوبوليتيك. 

والعلاقات الرسمية بين التركمان وتركيا جيدة ووطيدة ولهم لقاءات مع نواب البرلمان ورؤساء الأحزاب؛ مروراً بالوزراء ووصولاً برئيس الجمهورية، بالإضافة إلى علاقات شبه رسمية أو علاقات ثقافية وإجتماعية مع منظمات المجتمع المدني والنقابات التركية وما شابه ذلك ومن مختلف التوجهات والشرائح التركية. 

وأما مع أذربيجان فللتركمان معها علاقات شبه رسمية؛ على مستوى أعضاء البرلمان ورؤساء بعض الأحزاب، بالإضافة إلى علاقات ثقافية وأدبية ولكن ليست بالمستوى المطلوب. 

وأما علاقة التركمان مع الدول التركية الأخرى مثل تركمانستان وأوزبكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وقبرص الشمالية؛ وكذلك الشعوب التركية الأخرى سواء في البلقان أو في القوقاز وآسيا فلا توجد معهم أي علاقة رسمية أو شبه رسمية وهذا مما لا شك فيه من الإستراتيجيات الخاطئة والنواقص المهمة في السياسة التركمانية العراقية وتكمن أسباب ذلك في عوامل كثيرة؛ ترتبط معظمها بالتركمان أنفسهم. 

ويفترض على التركمان دراسة هذا الملف في المستقبل القريب لتطويره وإنجاحه لأجل المصلحة الوطنية العراقية وتحت سقف "العراق"، وطبعاً كل ذلك ليس لأن عمار الحكيم تطرق لهذا الموضوع مؤخراً؛ بل لأن مشروع بناء جسر يربط العراق بالعالم التركي هو أصلاً موجود في القاموس التركماني، ولأن التركمان مع أي مشروع أو موضوع يصب في منفعة ومصلحة العراق والعراقيين جميعاً.

عن الكاتب

مصطفى واجد آغا أوغلو

طالب دكتوراه في مدينة بورصة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس