ترك برس

سلّطت صحيفة "لوموند" الفرنسية، الضوء على معاهد تحفيظ القرآن الكريم في تركيا، والتي تنتشر في عموم البلاد.

وركزت الصحيفة في تقرير للكاتبة ماري جيغو، على المعاهد القرآنية للفتيات اللواتي يتلقّين تعليمهن بعيدًا عن أسرهن في مدارس داخلية قرآنية، ويشرعن في تعلم سور القرآن الكريم وتلاوتها وحفظها عن ظهر قلب، ويطمحن إلى أن يصبحن "حافظات".

وتكرس الحافظات اللاتي تراوح أعمارهن بين 8 و17 سنة 3 إلى 4 سنوات من حياتهن لتحقيق هذه الغاية.

وذكر التقرير أن الشابات اللاتي يتعلمن تلاوة القرآن ويرتدين الزي الإسلامي يتمتعن بأوقات ترفيه، وتعد مثل هذه الأنشطة ضرورية لمواجهة المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقهن. ويتمثل روتينهن اليومي في التكرار والحفظ والتلاوة من الساعة 5 فجرا حتى 9 مساء، بحسب ما نقلته "الجزيرة نت."

وتقول صبيحة سيمين التي تمكنت من دخول هذا العالم الخاص، وأعدّت تقريرا مصورا حاز جائزة "وورلد برس فوتو" عام 2020، إن هذا "التمرين يتطلب الانضباط والتفاني والتركيز".

والتقطت صورًا لـ"حافظات" القرآن المستقبليات في أوقات فراغهن. ولا يمكن للمصورين الوصول بسهولة إلى المدارس الداخلية التي زارتها هذه الصحفية في 5 مدن في الأناضول لكن صبيحة سيمين، البالغة من العمر 35 سنة، تمكنت من فعل ذلك، حسب الكاتبة.

ونقلت الكاتبة عن صبيحة سيمين -أصلها من مدينة إسطنبول- قولها إنها عندما كانت في 12 من عمرها درست 3 سنوات في مدرسة لتعليم القرآن مع أختها التوأم، "إنها دائرة ضيقة، أعرفها جيدًا، لأن شقيقاتي الأكبر سنًّا مني حافظات للقرآن أيضًا".

ومن خلال تسليط الضوء على التجربة التي تعيشها تلك الطالبات، تأمل المصورة المساعدة على رفع مستوى الوعي بالثقافة الإسلامية "التي غالبًا ما يساء فهمها في الدول الغربية".

وتعترف صبيحة سيمين بأن هذا العمل هو انعكاس سيرتها الذاتية نوعا ما. فبمجرد أن أصبحت مصورة، بعد مدة قضتها في جامعة بيلجي بإسطنبول حيث درست التجارة الدولية والتمويل، أرادت العودة لهذه التجربة التي أثرت فيها. وتتذكر المشاعر التي خالجتها في الامتحان النهائي، عندما طلب الممتحنون من الطالبات تلاوة سورة من القرآن اختيرت عشوائيًا.

وحسب صبيحة سيمين، "كل شيء يتأسس على التكرار، يتعلق الأمر في المقام الأول بحفظ الكلمة، أما فهم المعنى فيكون بعد سنوات من الدراسة. ونظرًا إلى أن القرآن هو دليل الحياة، فإن معظم الطلاب الذين حفظوه يتعلمون اللغة العربية في ما بعد لفهم معناه".

وبعد التعلم في المدرسة الداخلية القرآنية، توجهت صبيحة سيمين إلى الأردن لتعلم اللغة العربية

وبيّنت الكاتبة أن صبيحة سيمين كرست معظم أبحاثها الفوتوغرافية للمدارس القرآنية النسائية، وحصلت على جائزة "وورلد برس فوتو" عام 2020.

وانتشرت هذه المدارس على مدار 20 عامًا الماضية في تركيا بمبادرة من الرئيس، رجب طيب أردوغان، الحريص على تنشئة "جيل تقي".

ويحاول الرئيس التركي باستمرار تكريس ثورته الثقافية، أي أسلوب الحياة الورع، وتدعم الحكومة هذا المشروع.

ففي 2002 كانت البلاد تعدّ 1699 مدرسة قرآنية، أما في عام 2020 فأصبح هذا العدد 18 ألفا و675. ووفقًا لمديرية الشؤون الدينية، يتخرج نحو 15 ألف طالب تركي من المدارس القرآنية سنويا.

وحتى عندما يكونون مستقرين في فرنسا أو ألمانيا، فإن آباء الحافظين المستقبليين يقدرون هذه التنشئة، ويرونها مثالية لتقوية إيمان أطفالهم وضمان احترام التقاليد.

من ناحية أخرى، فإن حفظ القرآن عن ظهر قلب يمنح شكلًا من أشكال التقدير لأنه بمجرد الفوز بلقب حافظ يمكن إلحاقه بالاسم الذي يدعو إلى الاحترام.

وتتذكر صبيحة سيمين "هناك أشياء كثيرة لا يمكنك فعلها أمام حافظ، مثل رفع صوتك، أو التفوه بالشتائم"، فضلا عن ثواب الحافظ في الآخرة.

يُذكر أن كبار المسؤولين الأتراك في حكومات حزب العدالة والتنمية، وفي مقدمتهم رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان، تخرجوا من معاهد حفظ القرآن الكريم، ودرسوا في مدارس للأئمة والخطباء.

كما يحرص هؤلاء المسؤولين على مواصلة هذا النهج في أولادهم، حيث تشهد تركيا بين الفترة والأخرة، تخريج دفعات من حفظة القرآن الكريم، بينهم أبناء وأحفاد شخصيات بارزة في الدولة التركية. وأقرب مثال على ذلك، ما شهده جامع آيا صوفيا الكبير، في مايو/ أيار الماضي، من تخريج عشرات الحفّاظ، بينهم حفيد أردوغان،  ونجل رئيس البرلمان، مصطفى شنطوب.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!