ترك برس

عند وصولهم إلى لبنان منذ أكثر من 100 عام، تمكن الأرمن من جعل اللبنانيين يحبون أطباقهم اللذيذة التي أتوا بها من بلاد الأناضول ووضعها في قوائم جميع المطاعم الخاصة بهم هناك.

ولا شك أن المطبخ الأرمني يرتبط ارتباطا وثيق العرى بالمطبخين الشرقي والمتوسطي، كما يحوي مختلف التوابل والخضراوات والفواكه.

حاول الأرمن الحفاظ على هويتهم في البلاد التي استوطنوها من بينها بلاد الشام، فصانوا تراثهم من المأكولات والعادات والتقاليد والموسيقى.

وعلى مر السنين تأثر المطبخ العربي بكثير من الوصفات الأرمنية التي أتوا بها من الأناضول، وهذا كان السر وحلقة الوصل للتشابه الكبير بين المطبخين العثماني (التركي حاليًا) والشامي في لبنان وفلسطين وسوريا.

وتنتشر المطاعم الأرمنية اليوم بشكل ملحوظ في بيروت، وبالتحديد في شارع "الجميزة"، مروراً بـ"مار مخايل" المتفرع منه، إلى منطقتي "برج حمود"، و"زقاق البلاط" وسط بيروت، وصولاً إلى منطقة "أنطلياس"، شمالي العاصمة.

وأمام قائمة طعام طويلة ومتنوعة تطالعها في هذه المطاعم تقرأ أسماء أكلات "محمّرة" و"سلطة أرمنية" و"يلانجي الباذنجان" و"كباب أورفه لي وأضنة"، و"المانْتي" وهي معجنات باللحمة صغيرة مختلطة باللبن، و"السوبيريك" المكون من طبقات رقيقة من العجين يفصل بينها حشوة من الجبنة البيضاء السميكة.

هذا بالإضافة إلى سندويتشات "السجق" و"البسطرمة" (لحم مقدد حاد الطعم) مع البيض، أو اللحم بعجين أرمني وعنتبلي مع اللبن.

ولمحبي الأطباق التي تدخل في مكوناتها الفاكهة سيجدون ملاذهم في طبق الـ(Fishnah kabab) الذي يجمع بين قطع اللحمة (الكباب) والكرز الحلو المطبوخ والتي تعدّ من الركائز الأساسية في هذا المطبخ تجذب متذوقي الطعام من مختلف العالم.

وفي منطقة "برج حمود"، حيث يعيش غالبية الأرمن، يمكنك شراء لحم البسطرمة، والسجق تمامًا كما هو الحال في تركيا من الجزارين المنتشرين في الشارع الرئيسي.

لا يحمل الأرمن الأطباق التي كانت تشكل تراثًا ثقافيًا فقط ولكن أيضًا، يثرون اقتصاد البلاد وفن الطهي من خلال تقديمها في مختلف المطاعم اللبنانية حيث لا تخلو قائمة طعام في أي مطعم هناك من أكلات أرمنية.

باختصار، المطاعم الأرمنية في بيروت هي العنوان الذي لا غنى عنه في لبنان لأولئك الذين يريدون تذوق نفس الطعام اللذيذ الموجود في بلاد الأناضول.

ومن أشهر المطاعم الأرمنية في البلاد مطعم "إشخانيان" الذي تم افتتاحه منذ حوالي 75 عامًا في مبنى تاريخي بمنطقة "زقاق البلاط"، من قبل عائلة أرمينية منحدرة من ولاية غازي عنتاب التركية.

وفي حديث مع وكالة الأناضول، قال إيلي إشخانيان الذي يدير المخبز والمطعم باعتباره الحفيد من الجيل الثالث "افتتح جدي الذي أتى من غازي عنتاب هذا المخبز عام 1947 وبعد وفاته أخذت جدتي المسؤولية على عاتقها، ومن ثم أمي التي أعمل معها اليوم".

وأضاف "كان جدي يُعد في البداية اللحم بعجين العنتبلي والأرمني والسوري وفي وقت لاحق أضفنا المنقوش بالخضراوات، وبدأنا صنع المانتي، والسوبيريك".

ولفت أن جده الذي ولد في غازي عنتاب وأحضر معه وصفات الطعام من بلاد الأناضول وافتتح المخبز الذي يقصده كافة الزبائن من اللبنانيين والأجانب والعرب ببيروت.

وأشار الحفيد، إشخانيان، أن "هناك العديد من المطاعم الأرمنية في لبنان، والجميع يصنعون المانتي بطريقتهم الخاصة، ويقدم معه اللبن وصلصة الطماطم والثوم".

** اللبنانيون يحبون المأكولات الأرمنية

وكان للمطبخ الأرمني تأثير كبير على المطبخين اللبناني، والشامي بشكل عام، فاختلطت بعض المأكولات ببعضها ولم يعد من الواضح أصلها التاريخي.

وفي هذا الصدد قال المواطن اللبناني منير (50 عاما)، للأناضول، إن "الأطباق الأرمنية لذيذة ونحن نحبها وهي مشهورة وخاصة السجق والبسطرمة وغيرهما".

وأضاف: "مطبخنا اللبناني غني ومشهور أيضا وضمنه مأكولات تركية عديدة ولكننا نحب أن نثري مائدتنا بالمأكولات الأجنبية فهناك أيضًا المطبخ الايطالي على سبيل المثال".

جدير بالذكر أنه نظرًا لعدم إجراء إحصاء سكاني في لبنان منذ عام 1934، فإن العدد الدقيق لمواطنيه غير معروف، لكن يُقدر عدد الأرمن فيه بما يراوح بين 60 ألفًا و100 ألف شخص.

وفي اتفاق الطائف عام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، تم قبول الأرمن كسابع أكبر طائفة رئيسية في لبنان.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!