د. محمد وجيه جمعة - خاص ترك برس

تتحول أنقرة الى عقدة التواصل الدبلوماسي الأهم في العالم في ظل الأزمة الدولية الناتجة عن الحرب الروسية على أوكرانيا .

-الرئيس الأميركي جو بايدن يتواصل هاتفياً مع رئيس الجمهورية التركية أردوغان بعد شبه مقاطعة طالت لأشهر .

-الرئيس الأذربيجاني إلهام ألييف يجتمع لمدة ثلاثة ساعات مع الرئيس أردوغان في أنقرة .

-زيارة رئيس دولة الاحتلال هيرتزوغ الى أنقرة بعد ١٤ عاماً من الانقطاع واجتماعه مع الرئيس أردوغان .

-الرئيس أردوغان تواصل هاتفياً مرتين مع بوتين وكذلك مرتين مع زلنسكي ، وبذلك يكون الرئيس الوحيد الذي يتمتع بإمكانية التواصل مع رئيسي الدولتين المتحاربتين ، مما يعكس مدى ودرجة الثقة التي يوليها الطرفان للرئيس أردوغان .

-الرئيس أردوغان شارك في اجتماع الناتو واجتمع مع رئيس الناتو ستولتنبرغ .

واذا ما أضفنا التواصل مع رئيس وزراء إنكلترا ، رئيس فرنسا ، ورؤساء كل من صربيا ، أوزبكستان ، ليتوانيا ، تركمانستان ، بيلاروسيا ، هولندا ، النمسا ، مولدوفا و كندا ، 

-رئيس وزراء اليونان  زار اسطنبول البارحة ، و في بداية الأسبوع القادم سيزور أنقرة رئيس وزراء ألمانيا .

كل هذا الحراك الدبلوماسي كان مسخراً من أجل حل الأزمة الأوكرانية ... بعضنا لم يتوقف عند بعض هذه المبادرات وبعضنا الآخر لم يطّلع عليها مجتمعةً بهذا الشكل ليدرك الأهمية الاستراتيجية للدولة التركية وكذلك ليدلل على صحة الموقف التركي ...وبهذا تفوقت على الجميع وفضّلت عليهم .

تركية خرجت من موقع لاعب الإحتياط وأصبحت لاعب أساسي في حل الأزمات الدولية ، وانتقلت من موقع الدولة الهامشية في الناتو الى موقع الدولة المركزية التي تبادر بصناعة الحلول والتوازنات .

الدولة التركية مصلحتها تكمن بالاستقرار والسلام و منظومتها القيمية تعلي من شأن الانسان وتحافظ على الانسان وكرامته...وكذلك من أولوياتها تصحيح النظام الدولي وإيجاد ضوابط تحرّم وتمنع  اعتداء القوي على الضعيف ومن هنا كانت المطالبات المتكررة لتركيا في المحافل الدولية بإعادة النظر حول النظام العالمي و مؤسساته و أن العالم أكبر من الخمسة اي الأعضاء الدائمي العضوية أصحاب حق الفيتو .

أما ما حصل في انطاليا فهو نجاح دبلوماسي كبير للدولة التركية التي استطاعت ان تجعل الطرفين المتحاربين أن يخطيا الخطوة الأولى باتجاه السلام الذي يحتاجه الجميع .
اجتماع انطاليا هو بداية طريق للوصول الى السلام في أوكرانيا و أضحى في نظر الكثيرين محطة عالمية لا تقل عن دافوس ومثيلاتها من العناوين الدولية .

رئاسة الجلسات في انطاليا كانت لوزير الخارجية التركية وذلك باقتراح الطرفين الروسي والأوكراني .

نحن في الثورة السورية نقف الى جانب الشعب والدولة الأوكرانية لأننا عانينا الكثير من القتل والاعتقال والدمار والتهجير و كذلك لأننا ندرك حجم مصيبة اللا دولة وان يكون وطنك مهدد بالتمزيق .

نحن نقف ضد العدوان الروسي على أوكرانيا لأنه كارثة انسانية فيها الموت والتشريد والدمار والألم ...لأنه اعتداءٌ على الأوطان والقوانين الإنسانية .

أما الحديث حول الاتحاد الأوربي بكل دوله وكذلك الولايات المتحدة الأميركية فله شجون عميقة من المنظور السوري وقد يكون الحدث الأوكراني غيّر في أولوياتها لتراجع مواقفها وتأثيراتها وتبعاتها على الاستقرار والسلم العالمي .

نحن السوريون حريتنا هي جزء من حريات العالم وخلاصنا سيأتي مع خلاص الكون من الاستبداد .

المواقف الضبابية والهلامية والإكتفاء بإدارة الأزمات الدولية واللجوء الى السلاح كوسيلة لفرض الطموحات الغرائزية بالتسلط يجعلنا جميعاً على حافة الهاوية .

عقلاء الكون مدعوون أكثر من أي وقت مضى للعمل الجاد لإيجاد أنظمة وقوانين وتشريعات دولية تتمتع بالقوة والقدرة التي تحمي وتحصّن المجتمعات الانسانية وتمنع الظالمين من صرف ظلمهم على البسطاء ، وكذلك تمنع المستبدين من صرف فائض قوتهم على المستضعفين في الأرض .

علاقتنا مع الدولة التركية هي شراكة وتحالف و وحدة مصير ...أكثر من نصف الشعب السوري هو تحت الحماية التي تساعد في تأمينها الدولة التركية ...لولا مواقف الدولة التركية المناصرة للثورة السورية و لمبادئها في الحرية والعدالة لتلاشت تطلعات السوريين بوطن يجمع الكل تحت راية الحرية .

حليفنا التركي قوي ومبادر وفاعل ...بقي أن نجيد نَظْم الخطا معاً نحو تحرير الإنسان من ظلم الاستبداد والدكتاتوريات .

عن الكاتب

د. محمد وجيه جمعة

سياسي سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس