ترك برس

استهلت تركيا عام 2022، بتطبيع علاقاتها مع العديد من بلدان المنطقة، وفي مقدمتها الإمارات والسعودية وإسرائيل وأرمينيا، إلى جانب بدء مباحثات التطبيع مع مصر، إلا أن أنقرة والقاهرة لم تقطعا شوطاً كبيراً في هذا الخصوص، على عكس البلدان الأخرى التي وصل التطبيع معها إلى تبادل الزيارات الرسمية رفيعة المستوى.

بداية أبريل/ نيسان الماضي، تداولت وسائل إعلام تركية، أن وزير خارجية مصر سامح شكري قد يزور إسطنبول وعقد لقاء مع نظيره مولود تشاووش أوغلو خلال شهر رمضان.

تركيا قامت بخطوة جديدة في إطار تحسين العلاقات مع مصر من خلال تسمية ممثل تركيا السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي، صالح موتلو شان، قائما جديدا في مصر.

وفي معرض تعليقه على الأمر، قالت الكاتبة التركية هاندا فرات بمقال لها في صحيفة "حرييت"، إنه لا توجد مشكلة في أول خطوتين للطريقة الثلاثية المتبعة بين مصر وتركيا، ووصلت العلاقات بينهما إلى مستوى معين ولكن التوتر الأكبر في العلاقات المصرية التركية هو بين أردوغان والسيسي.

وتابعت بأنه تم التوصل إلى حلول وسط بشأن الإشكاليات الأخرى، فعلى سبيل المثال، انزعجت مصر من أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في تركيا، وبناء عليه أوقفت أنقرة أنشطة هؤلاء المعارضين.

كما كانت مصر تطالب بإعادة بعض الأسماء إليها، ولكن تم التوصل إلى حل وسط من خلال إرسال تلك الأسماء إلى بلدان ثالثة.

وتركيا لا ترغب بإقامة علاقة فورية على مستوى الرئيس أردوغان الذي كان رد فعله قاسيا للغاية على السيسي في السابق.

وكشفت أن المصريين يرسلون رسالة مفادها: "إذا كانت العلاقات ستتحسن، فيجب الاعتراف أيضا بأن زعيمنا الشرعي هو السيسي".

وأضافت أن المصريين توقعاتهم هي إقامة حوار بين السيسي وأردوغان، والتساؤل يكمن في: "هل يوافق أردوغان". ورأت أن الذي سيتخذ هذا القرار هو شخص واحد وهو الرئيس أردوغان.

وفي السياق نقل تقرير لـ "عربي 21"، عن الخبير التركي رجب سيار، إشارته إلى أن النقاط التي تغذي التوتر بين أنقرة والقاهرة، هي القرارات والإعدامات غير القانونية في المحاكم، إلى جانب خلافات حول الجرف القاري والتحالفات المتبادلة في منطقة شرق المتوسط.

وأشار الكاتب سيار، إلى جانب آخر وهو موقف مصر تجاه تركيا، التي استجابت لطلب الحكومة الشرعية بطرابلس للمساعدة، وأرسلت قوات إلى المنطقة.

وأضاف أنه عند تقييم كافة هذه القضايا، فإن تركيا ليست الدولة الوحيدة التي تتفاعل مع قضية المحاكم والممارسات غير القانونية والتي تتعارض مع حقوق الإنسان، فقد كان هناك ردود فعل من الولايات المتحدة في هذا الاتجاه.

وأكد أن عدم قدرة السلطات المصرية على بناء قضاء مستقل قائم على سيادة القانون، هو أحد العوامل التي تضعها في موقف صعب على الساحة الدولية، وتحول دون تطبيعها العلاقات مع تركيا.

وتابع سيار في حديثه لـ"عربي21"، بأنه بالنسبة لقضية الجرف القاري في شرق المتوسط، فإن تركيا هي الدولة ذات الخط الساحلي الأوسع في البحر الأبيض المتوسط.، ويمكن من خلالها تنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز إلى أوروبا، وعليه لا يمكن أن تنجح اتفاقية الغاز الطبيعي في البحر المتوسط بدون تركيا.

وحاولت الإدارة المصرية بناء شراكة بدون تركيا من خلال توقيع اتفاقية مع إسرائيل واليونان وقبرص اليونانية في مواجهة تركيا، وكانت أنقرة قد قدمت عرضا للقاهرة بشأن هذه المسألة، والتي بدورها رفضت هذا الاتفاق الذي سيكون أكثر ربحية من الاتفاق اليوناني، بحسب الخبير التركي.

وشدد على أن العلاقات بين الدول مبنية على الثقة والمصالح، فالإدارة المصرية تجاهلت مصالحها الخاصة في قضية غاز البحر الأبيض المتوسط، وقدمت تنازلات لصالح شركائها الآخرين من أجل خلق معادلة ضد تركيا.

وأكد أنه من الضرورة الاتفاق مع تركيا على اتفاقية يكون لمصر نصيب فيها بالحصة التي تستحقها في شرق المتوسط، والالتقاء في نقطة يربح فيها الطرفان.

وتابع بأن "المطلوب أيضا تخلي الإدارة المصرية عن إجراءات محكمة الانقلاب، والتوصل إلى حلول من شأنها بناء سلام سياسي داخلي في أقرب وقت ممكن".

أما بالنسبة لليبيا، ينبغي لمصر أن تجتمع مع تركيا والحكومة الشرعية الليبية على أرضية مشتركة، وأن يكون هناك تنسيق مشترك من خلال التعاون بما يحقق سلامة الأراضي الليبية، كما يذكر المحلل السياسي التركي.

وأكد أن التطبيع بين تركيا ومصر هو في الأساس عملية ستكون لصالح القاهرة أكثر من أنقرة.

ورأى أن العقبة الوحيدة أمام هذه العملية، التي ستنقذ الإدارة المصرية من الضغوط سواء في سياساتها الداخلية أو على الساحة الدولية، وستسهم بشكل جاد في ازدهارها واستقرارها، هي الموقف المتعنت للقاهرة.

وشدد على أنه بالخطوات التي ستتخذها مصر في هذه النقاط الثلاث بالتفاهم مع تركيا، ستزيل جميع العقبات أمام عملية التطبيع والتي ستكون لصالحها.

وأكد سيار، على أنه إذا تم التوصل إلى توافق حول القضايا السابقة، فلن تكون هناك عقبات أمام عملية التطبيع بين تركيا ومصر.

وأضاف: "كما رأينا، فإن جميع الحلفاء الذين تحاول الإدارة المصرية خلق معادلات وتحالفات مشتركة معهم في مواجهة تركيا، قد بدأوا بالفعل عمليات التطبيع مع تركيا، ولذلك لا أعتقد أن إدارة السيسي يمكنها البقاء كثيرا خارج هذا الإطار".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!