ترك برس

اكتسب الحديث الدائر حول المسيرات التركية "بيرقدار"، بعداً آخر خلال الأيام الأخيرة، بعد تداول أنباء حول اعتزام روسيا التعاون مع تركيا في إنتاج هذه المسيرات التي تواجهها قواتها في أوكرانيا، وسبق أن اعترضتها في "قره باغ" وليبيا، الأمر الذي أثار تساؤلات حول الأمر وعما إذا كانت رغبة حقيقية أم مجرد "مزحة استراتيجية" قام بها فلاديمير بوتين تجاه نظيره التركي رجب طيب أردوغان.

أواخر يوليو/ تموز الماضي، ذكرت شبكة "سي إن إن ترك"، أن أردوغان ذكر في أثناء اجتماعه مع أعضاء اللجنة التنفيذية المركزية لـ"حزب العدالة والتنمية" أن بوتين اتصل به مؤخرا، بشأن مسيرات "بيرقدار"، وقال له: دعونا نعمل مع بايكار (الشركة المصنعة لبيرقدار)."

ولم تذكر المصادر الرسمية التركية أو الإعلام التركي، أية تفاصيل أخرى حول المحادثة الهاتفية المذكورة أو عن ردة فعل أردوغان تجاه ما قاله بوتين، إلا أن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، قال خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني على شاشة قناة تركية، إن بوتين خاطب أردوغان "نصف مازح ونصف جاد" بقوله: "أنت تعطي أوكرانيا طائرات بدون طيار. إذا أعطيتها لنا فنحن نرغب في شرائها".

وتابع كالن مضيفا: بوتين قال ما قاله وابتسم أردوغان".

على الصعيد الروسي، امتنع المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بسيكوف، عند سؤاله عن هذه الأخبار، عن الرد عليه، واكتفي بالقول إنه سيتم مناقشة التعاون العسكري والتقني في الاجتماع الذي انعقد بين أردوغان وبوتين بمدينة سوتشي، قبل يومين.

من جهتها، كانت "بايكار" قد نفت وجود أي نية لديها لتوفير الأسلحة لروسيا، حيث قال رئيسها التنفيذي سلجوق بيرقدار لشبكة "سي إن إن": "لم نسلمهم أو نزودهم بأي شيء، ولن نفعل شيئا من هذا القبيل لأننا ندعم أوكرانيا، وندعم سيادتها، ومقاومتها من أجل استقلالها".

وفي هذا الإطار، نقل تقرير لموقع "الحرة" الإخباري، عن محلل السياسة الخارجية التركية والأمن المقيم في أنقرة، عمر أوزكيزيلجيك، قوله إن هذه "النكتة" من بوتين تأتي "بعد أن عانت الطائرات الروسية بدون طيار في أوكرانيا، في مقابل الأداء والكفاءة العالية التي أثبتتها الطائرات التركية، فيما تبحث موسكو عما إذا كان بإمكانها الحصول على طائرات شبيهة من إيران".

و"تفتقر روسيا إلى الطائرات بدون طيار، وبالتالي ستكون المسيّرات التركية خيارا ممتازا".

ويضيف الباحث التركي: "الحاجة الروسية حقيقية، لكن تركيا ليست خيارا لروسيا، ولا روسيا أيضا عميلا محتملا لتركيا"، مبيناً أن "لدى تركيا عتبة منخفضة في المتطلبات قبل مبيعات الأسلحة، ولكن عندما يتعلق الأمر بروسيا، فإنها لن تبيع الطائرات بدون طيار لها".

ويوضح أوزكيزيلجيك أن أنقرة تستخدم ترسانتها من الطائرات بدون طيار "كميزان استراتيجي مضاد للعدوان الروسي في سوريا وليبيا وناغورنو كاراباخ وأوكرانيا. بيع الأنظمة سيكون له نتائج عكسية على المصالح التركية".

ولا يوجد طلب رسمي من روسيا للحصول على الطائرات التركية حتى الآن، بينما يشير الباحث إلى أنه ومع ذلك "لا ينبغي النظر إلى المزحة التي وجهها بوتين لأردوغان على أنها عرض حقيقي". "هي سخرية محسوبة استراتيجيا"، حسب تعبيره.

بدوره، اعتبر أنطون مارداسوف وهو محلل روسي وباحث في معهد الشرق الأوسط، أن الوضع الخاص بالطائرات بدون طيار "أصبح معقدا الآن لكل من روسيا وتركيا".

ويقول مارداسوف: "يصعب على روسيا من ناحية الصورة الاعتراف بضرورة شراء معدات أجنبية، وخاصة الطائرات بدون طيار، وبالتالي الاعتراف بأخطاء التخطيط العسكري، وتطوير المجمع الصناعي العسكري".

من ناحية أخرى، وبعد حربها القصيرة مع جورجيا في عام 2008، كانت موسكو قد اشترت نسخة من الطائرات الإسرائيلية بدون طيار، "مما يدل على أنه يمكنها التعلم من أخطائها"، وفق الباحث.

وفي حين أن عمليات تسليم الطائرات بدون طيار من إيران، الشريك المناهض للولايات المتحدة، أصبحت الآن "احتمالا حقيقيا"، يرى الباحث الروسي أن "الصفقة مع تركيا تبدو حساسة للغاية، نظرا لحملة العلاقات العامة الطويلة التي تقوم بها صناعة الدفاع والدفاع الروسية، لتشويه سمعة الطائرات التركية وخصائصها التكتيكية والتقنية".

ومن وجهة نظر تركيا، "يمكن أن تكون الصفقة مع روسيا مربحة، لأن أنقرة لا تحتاج فقط إلى المكونات الإلكترونية، ولكن أيضا لمحركات الطائرات".

ويشير مارداسوف إلى الشركات النمساوية والكندية، وعدد من الشركات الغربية التي جمّدت تصدير المحركات إلى تركيا، في حين أن التعاون بين الشركات الأوكرانية وشركة "بايكار" أصبح صعبا، "ومن غير المرجح أن تكون هذه الشركات قادرة على الوفاء بالعقود، وخاصة بشأن محركات الطائرة التركية المطوّرة نوع (أكنجي)".

وبذلك يتابع الباحث: "يمكن أن تكون صفقة المقايضة، حيث تزود روسيا طائرات بدون طيار مقابل إمداد تركيا بمحركات طائرات مسيرة روسية، حلا مربحا. وهذا من شأنه أيضا أن يزيد من مساواة موقف تركيا، كمورد للطائرات بدون طيار لكلا طرفي الصراع".

يُذكر أنه وبحسب تصريحات رسمية أوكرانية وروسية، فإن المسيرات التركية "بيرقدار" ألحقت أضراراً كبيرة بالقوات الروسية في أوكرانيا التي أعلنت شراءها حتى الآن قرابة 50 مسيرة "بيرقدار."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!