ترك برس

وصف تقرير نشره موقع "الجزيرة نت" دعم رئيس حزب "الظفر" أوميت أوزداغ لتحالف "الطاولة السداسية" المعارض في تركيا، بأنه بمثابة "مسمار في نعش" الأخير الذي لم ينجح في الفوز بأغلبية البرلمان، فضلاً عن فشل مرشحه الرئاسي كمال كلجدار أوغلو في حسم المنافسة من الجولة الأولى أمام الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان.

ويسابق زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو، الزمن لتوحيد الصفوف وحشد أكبر كم من الدعم بعد فشله في التقدم على الرئيس رجب طيب أردوغان في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي نظّمت في 14 مايو/أيار.

ومع العد التنازلي للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقررة في 28 مايو/أيار، يواجه كليجدار أوغلو تحدّيات صعبة خاصة أن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية شهدت تفوّق الرئيس رجب طيب أردوغان عليه بأكثر من 4 نقاط وحصوله على 49.51%، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".

ولم يستطع تحالف "الشعب" بقيادة كليجدار أوغلو الحصول على الأغلبية في البرلمان، وجاء في المرتبة الثانية بنسبة 35.02% بعد تحالف "الجمهور" بقيادة أردوغان الذي حصل على 49.47%.

صدمة الجولة الأولى

شكّلت نتائج الجولة الأولى صدمة غير متوقّعة لتحالف "الشعب"، خاصة أن حليفه في هذه الانتخابات هو الوضع الاقتصادي المتردي وزلزال فبراير/شباط المدمر.

ويبدو أن التحالف المعارض، أو ما عُرف سابقا باسم "الطاولة السداسية"، لم يكن مستعدا لمثل هذه النتيجة ولم تكن له خطة واضحة لإدارة الأزمة.

وعلى إثر الصدمة، أقال كليجدار أوغلو مديري حملته الانتخابية، كما بدا رد فعل الأحزاب المتحالفة باهتا في دعمه قبيل الجولة الثانية، حسب وصف الخبراء، مما رجح وجود خلافات داخلية، الأمر الذي يثير التساؤل عن مدى إمكانية تماسك تحالف الشعب.

خلافات منذ البداية

وعن الخلافات داخل تحالف المعارضة، يقول رئيس مركز أوبتيمار للدراسات حلمي داشدمير، إنها "ليست بالأمر الجديد". ويوضح أن عملية تسمية مرشح يمثل التحالف كانت أول مؤشرات الخلاف. وأن كليجدار أوغلو أنشأ ما عرف بالطاولة السداسية "لكي يساوم على ترشيح نفسه".

وعلل داشدمير رأيه بأن التحالف امتنع عن ضم أحزاب من نفس التوجه كحزب اليسار الديمقراطي وحزب البلد ولكنه في المقابل، أضاف 4 أحزاب أخرى من توجهات محافظة على الرغم من أن كتلتها التصويتية لم تصل إلى 1%.

وحسب الخبير السياسي، كانت هذه أهم نقطة الخلاف وأسفرت عن ترك ميرال أكشنار، زعيمة حزب الجيد، الطاولة السداسية قبل العودة إليها.

وحسب داشدمير، فإن هذه الخلافات "مسحت مصداقية جبهة المعارضة وقطعت روابط تماسكها الضعيف".

أسماء أخرى مفضّلة

بدوره، أرجع غوكهان صرمالي، عضو هيئة التدريس بجامعة رجب طيب أردوغان، موقف أكشنار إلى كون "الحياة المهنية لكليجدار أوغلو مليئة بالهزائم أمام أردوغان".

وأضاف صرمالي أن أكشنار كانت ترى أن أسماء أخرى مناسبة أكثر لتمثيل المعارضة كأكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول ومنصور يافاش رئيس بلدية أنقرة، وكانت على قناعة بقدرتهما على انتزاع أصوات من حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وحزب الجيّد القومي، هو ثاني أكبر حزب في تحالف "الشعب" بعد حزب الشعب الجمهوري. ولم يُفهم على أي أساس تم إقناع ميرال أكشنار بالعودة للتحالف بعد 3 أيام من مغادرته، مما طرح التساؤل في الأوساط السياسية إن كان ذلك بدافع التهديد.

وبعد صدمة الجولة الأولى من الانتخابات، دخلت أكشنار في حالة من الصمت السياسي، ثم صرّحت بعد 5 أيام من النتائج بأنها مستمرة في دعم كليجدار أوغلو.

وحسب صرمالي، كانت أكشنار متحفظة على علاقة الدعم الصريح أو الضمني من قبل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي (HDP) لتحالف "الشعب"، وذلك لكون الحزب مرتبط بحزب العمال الكردستاني المصنّف "جماعة إرهابية"، كما أن تضمين حزبها القومي -المنشق عن حزب الحركة القومية- في هذا الأمر يهدد كتلتها التصويتية.

وأشار صرمالي إلى أن وجود حزب المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو، وحزب الديمقراطية والتقدم بقيادة علي باباجان، في تحالف "الشعب" أثار حالة من التردد كونهما منشقين عن حزب العدالة والتنمية.

يرى المتحدث أن الكتلة التصويتية الضعيفة لهذه الأحزاب المؤسَّسة حديثا، بالإضافة إلى حزب السعادة والحزب الديمقراطي، أثارت حالة من عدم الارتياح والشعور بعدم العدالة عند ظهور النتائج البرلمانية، حيث حصلت هذه الأحزاب على قدر كبير من مقاعدها البرلمانية من قوائم حزب الشعب الجمهوري.

وبوصف الأكاديمي، أظهرت الخلافات بلا شك تحالف الشعب "كبديل منكسر" لتحالف الجمهور بقيادة أردوغان.

تخبّط بعد الجولة الأولى

وعن فرص كليجدار أوغلو في الجولة الثانية، أكد داشدمير أن "احتمالية فوز تحالف الشعب تقارب تقريبا صفر". وعلل ذلك بالقول "إنهم أقنعوا كتلتهم التصويتية باستطلاعات رأي مزيفة، وبسبب نتائج الجولة الأولى فإن نسبة مشاركة داعمي كليجدار أوغلو في الجولة الثانية ستكون قليلة".

ورجح الأكاديمي صرمالي، أن تحالف المعارضة ليست لديه رؤية حول كيفية تسيير أموره إذا خسر الجولة الثانية، مشيرا إلى أن كل دوافعه هي "الاستيلاء على السلطة من رجب طيب أردوغان، والعودة إلى النظام البرلماني"، وهو أمر صعب المنال مع عدم تمتعه بأغلبية تشريعية.

وقال الأكاديمي إنه "من غير المرجح أن يستمر التحالف لفترة طويلة في حال الخسارة، وإن أحزابه ستكون عرضة لانتقادات لاذعة من كوادرها ومن الرأي العام".

أوزداغ.. مسمار في نعش التحالف

ومع حصول المرشح الثالث في الانتخابات الرئاسية سنان أوغان على 5.17% من الأصوات، وإعلانه دعم أردوغان في الجولة الثانية، أدرك كليجدار أوغلو أهمية الأصوات القومية وركز في خطابه بشدة على مناهضة اللاجئين بحملة عنوانها "السوريون سيذهبون".

ومع إعلان أوغان الذي ترشح عن تحالف "الأجداد" دعمه لأردوغان، برز على الساحة زعيم تحالف الأجداد المفكك وزعيم حزب النصر أوميت أوزداغ، والذي فضّل دعم كليجدار أوغلو بعد أن وصلا إلى تسوية منها إعادة اللاجئين السوريين خلال عام واحد.

وعلّق الأكاديمي صرمالي بأن كلا من تحالفي الجمهور والشعب يحاولان حشد الأصوات من خلال تحالف "الأجداد" المفكّك، مما قد يزيد من عنصر التوجه القومي في السلطة المقبلة. ولكن في حال تحالف الشعب، فالأمر أكثر صعوبة بسبب العلاقة مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.

ومن الجدير ذكره أن دعم أوزداغ لتحالف الشعب يثير حالة من الاستياء؛ فنهجه ضد السوريين يجعله على غير وفاق مع حزب المستقبل وقائده داود أوغلو، والذي أعلن 11 عضوا مؤسسا الاستقالة منه مؤخرا نتيجة خطاب كليجدار أوغلو العنصري ضد اللاجئين.

كما أن أوزداغ يختلف مع رئيس حزب الدعوة والتقدم، علي باباجان، حول تعريف الهوية التركية ولا تربطه علاقة إيجابية مع حزب "الجيد" الذي انشق عنه بعد اتهامه لرئيسته ميرال أكشنار بتعبئة الحزب بأعضاء من جماعة فتح الله غولن، التي تصنفها السلطات التركية بـ"الإرهابية". أما عن حزبي السعادة والديمقراطي، فلا توجد شواهد بالترحيب به أيضا.

كما أن تصريحاته من ناحية الأمن القومي مضادة لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي (HDP) ومن ورائه حزب العمال الكردستاني، وهذا من شأنه تهديد دعم الكتلة التصويتية من الأكراد لكليجدار أوغلو في الوقت الذي يحاول فيه الأخير الإبقاء على تحالف المعارضة متماسكا وإن ظاهريا حتى الجولة الثانية بالرغم من الصدع الموجود في بنيته الأساسية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!