ترك برس
شهدت مناطق المعارضة في الشمال السوري مؤخراً، بناء معابر جديدة تربط المناطق الخاضعة لها، الأمر الذي طرح تساؤلات حول أهداف ذلك وعما إذا كانت بعدف جني المزيد من الضرائب أم لتسهيل حركة التنقل؟
وبدأت "الحكومة السورية المؤقتة"، التابعة للائتلاف الوطني المعارض، العمل على إنشاء معبرين موازيين لمعبرَي "الغزاوية" و"دير بلوط" بين مناطق سيطرة "الجيش الوطني السوري" في ريف حلب، و"هيئة تحرير الشام" في إدلب شمالي غربي سوريا.
وقالت الحكومة المعارضة إن آلية إنشاء المعبرين وخطط عملهما قيد الإعداد بإشراف وزارة الدفاع التابعة لها.
وأوضحت أن تجارًا وصناعيين بريف حلب طالبوا بضبط آلية الاستيراد والتصدير وحماية المنتجات المحلية من "المضاربات"، كما اشتكوا من الرسوم العالية التي يفرضها معبر الغزاوية على البضائع المصدّرة من ريف حلب إلى إدلب، في حين أن الرسوم المفروضة على السلع الواردة "لا تكاد تُذكر"، وفق ما ذكرت الحكومة.
المقاصد من المعبر
وأكّد وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة المعارضة عبد الحكيم المصري أن الهدف من المنافذ الداخلية كان مقررًا بعد اجتماع مع التجار والصناعيين بريف حلب في ظل شكوى من الضرائب المرتفعة جدًا والمفروضة عليهم من المنافذ التابعة لحكومة الإنقاذ التي تدعمها هيئة تحرير الشام في الجهة الأخرى.
وأضاف المصري أن التاجر يضطر أحيانًا لنقل المصنع من ريف حلب، الخاضعة للحكومة المؤقتة، إلى إدلب الخاضعة لحكومة الإنقاذ، مما ينعكس سلبًا عليه وعلى اليد العاملة، كما أن التاجر لا يستطيع المنافسة، بحسب ما نقله تقرير لـ "الجزيرة نت".
ولفت إلى أن المعبر التابع لهيئة تحرير الشام يفرض ضرائب مرتفعة جدا، ويمكن أن يكون الهدف هو توجيه الناس إلى الاستثمار هناك، وفق تعبيره.
وأوضح المصري أنهم منعوا دخول مواد وأصناف محددة كالبطاطا للمناطق الخاضعة لسيطرة الهيئة من كافة المنافذ الداخلية أو المعابر مع تركيا، وذلك من أجل مساعدة المزارعين وبيع محاصيلهم.
وقال "يجب منع دخول أي مواد لا حاجة لها من أي منفذ، فالتجار يحاولون منذ 3 سنوات ألا تكون ثمة رسوم بين المناطق المحررة بريفي إدلب وحلب، لكن لم يصلوا إلى نتيجة، فأصبح من الضرورة أن يستثمروا هنا، ويجب علينا حمايتهم وتأمين سوق لبيع بضائعهم من دون مضاربة".
ولفت إلى أن الذي يفتح مصنعًا يجب حمايته كي لا يتم إغراق السوق بالبضائع، فالمستهلك لن يتأثر، والهدف ضبط المنطقة وتفتيش المواد كي لا تدخل مواد منتهية الصلاحية كذلك.
ونقل بعض الصناعيين معاملهم مؤخرًا من ريف حلب إلى إدلب تفاديًا للرسوم العالية، مما أضر بالواقع الصناعي في مناطق سيطرة "الحكومة المؤقتة".
وأشارت الحكومة إلى أن اتحاد غرف التجارة في ريف حلب طالب بإنشاء منافذ داخلية للترسيم تقابل معبري الغزاوية ودير بلوط لحماية المنتجين والمستهلكين.
نقل النشاط
ويقول عبد الله الملك، تاجر يعمل في مجال المواد البلاستيكية، للجزيرة نت إنه نقل معمله من منطقة ريف حلب الشمالي إلى منطقة ريف إدلب تجنبًا للرسوم التي يفرضها معبر الغزاوية التابع لحكومة الإنقاذ على البضائع.
ويضيف "بعد نقل المعمل وفرتُ آلاف الدولارات شهريا؛ فلدينا يوميا شحنة بضائع إلى إدلب وندفع للمعبر مئات الدولارات، وفي الوقت نفسه لا توجد هناك رسوم من طرف الحكومة المؤقتة، لذلك افتتحت المعمل هنا وبدأت توفير رسوم المعبر".
لكن عبد الله الملك يخشى افتتاح الحكومة المؤقتة منافذ جديدة، معتبرا أنها تزيد في الضغط على التجار وأصحاب المهن، كما تزيد ضرائب إضافية عليهم، مما سيؤدي إلى هروب رؤوس الأموال والمستثمرين من جلّ مناطق شمالي سوريا.
ويفصل بين مناطق سيطرة الحكومة السورية المؤقتة وحكومة الإنقاذ معبران، وهما معبر الغزاوية بالقرب من منطقة دارة عزة بريف حلب، ومعبر دير بلوط بالقرب من بلدة أطمة على الحدود التركية السورية.
وتفرض حكومة الإنقاذ ضرائب على أي بضائع تأتي إلى إدلب من مناطق سيطرة الحكومة المؤقتة بحسب نوعها ووزنها، وكذلك تقوم بحملات تفتيش دقيق على بعض المواد، كما أنها تستورد الوقود والمحروقات من تلك المناطق.
معاناة أكبر
ويشكو عبد الله العيدو -وهو سائق سيارة بضائع وينتقل بين معبرَي الحكومتين يوميا- من إنشاء معابر جديدة، معتبرا أنها ستزيد من معاناة المدنيين، وستسهم في فرض ضرائب من الطرف الآخر ردا على رسوم حكومة الإنقاذ، وبالنهاية الخاسر هو المواطن.
ويقول إنه أحيانًا ينتظر لساعات طويلة على المعبر بسبب ازدحام السير، لأن كل سيارة تحمل بضائع تنتظر وقتا طويلاً لمعرفة نوع البضائع ودفع الرسوم عليها في المعبر إلى عناصر معبر الغزاوية.
وأضاف "إذا كانت هناك منافذ جديدة تابعة للحكومة المؤقتة، فمعنى ذلك زيادة جديدة في الانتظار وكذلك ضرائب مالية جديدة وترسيم للحدود بين ما يسمى دولتَي إدلب وحلب التي تتبع المعارضة ولكن بحكومات مختلفة ومتصارعة".
وتأتي خطوة الحكومة المؤقتة بعد شهر واحد من عقد فعاليات مدنية واقتصادية لمؤتمر الاستثمار الأول في الشمال السوري بعنوان "الاستثمار.. استقرار.. تنمية وازدهار" في مدينة الراعي شمال حلب.
وحضر المؤتمر رئيس الحكومة السورية المؤقتة المعارضة عبد الرحمن مصطفى، والرئيس التنفيذي للمنتدى السوري غسان هيتو، والمدير التنفيذي لمركز "عمران" عمار قحف، وميساء قباني نائبة رئيس منظمة "غلوبال جستس" الأميركية السورية، إضافة إلى والي كلس التركية وغيرهم.
يؤكد سليمان العلي -يعمل مدرسا- أن مثل هذا القرار سيؤثر بشكل كبير على حركة المدنيين؛ فوجود منفذ حدودي جديد من قبل الحكومة المؤقتة معناه أن كل طرف لن يعترف بوثائق الطرف الآخر، فيصبح المدني بحاجة لوثائق من الجهتين.
وأضاف أن كل مواطن من شمالي سوريا يتنقل بين إدلب وحلب أصبح بحاجة لشهادتَيْ سواقة وبطاقتَين شخصيتين ولوحات متعددة للسيارة، ومعناه المزيد من البيروقراطية والتشرذم في مؤسسات المعارضة التي من المفترض أن تكون نموذجا بديلا للنظام السوري.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!