ترك برس

سلط تقرير لشبكة الجزيرة الضوء على أبرز المحطات في مسيرة السياسي التركي منصور يافاش، رئيس بلدية أنقرة الكبرى، وهو مرشح تحالف الأمة المعارض لرئاسة البلدية ذاتها في الانتخابات المحلية لعام 2024.

وأشار التقرير إلى أن يافاش "محام وسياسي يصنف بأنه أحد أقطاب المعارضة التركية منذ نجاحه في الانتخابات المحلية وتوليه رئاسة بلدية أنقرة عام 2019، وقد كان ممن تتداول المعارضة أسماءهم لمنافسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات 2023".

المولد والنشأة

في مدينة بي بازاري، التي تقع على بعد نحو 100 كيلومتر من مركز العاصمة التركية أنقرة، وُلد منصور يافاش يوم 23 مايو/أيار 1955.

عاش طفولته وأكمل تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في ربوع تلك المدينة بمبانيها الأثرية ومعالمها التاريخية، التي تشير إلى أهميتها ودورها في العصور القديمة، حيث أهّلها موقعها الجغرافي لتكون من أهم المراكز في طرق التجارة ونقطة وصل هامة بين بغداد والقسطنطينية وأنقرة في العصور الرومانية.

المسار التعليمي والمهني

يقول الأتراك إن أفضل ما في أنقرة هي طرقها التي تؤدي إلى إسطنبول، وقد سلك منصور إحداها عام 1979 ليدرس القانون بكلية الحقوق في جامعة إسطنبول على مدى 4 أعوام.

تخرج فيها عام 1983، والتحق بالخدمة العسكرية وخلالها عمل مدعيا عسكريا، وبعد إنهائه الخدمة الوطنية، بدأ عمله محاميا مستقلا في مدينته بي بازاري، واستمر فيه لمدة 13 عاما.

المسار السياسي

بدأ منصور يافاش حياته السياسية بعد تخرجه وإنهائه الخدمة العسكرية، فمع بداية ممارسته المحاماة نشط في العمل العام، ليصبح عام 1989 عضوا في المجلس المحلي لمدينة بي بازاري عن حزب الحركة القومية.

رشحه الحزب نفسه في الانتخابات المحلية عام 1999 لتولي رئاسة بلدية بي بازاري، فنجح في الحصول على هذا المنصب، ثم أعيد انتخابه عام 2004 ليستمر به حتى 2009.

زاد طموحه فترشح لرئاسة بلدية أنقرة عن حزب الحركة القومية، ولكنه لم يحصل على أكثر من 27% من الأصوات، وخرج في المركز الثالث، وفاز مرشح حزب العدالة والتنمية مليح غوكتشك بالمنصب.

وعام 2013، ترك يافاش حزب الحركة القومية وانضم إلى حزب الشعب الجمهوري الذي رشحه في الانتخابات المحلية عام 2014 لرئاسة بلدية أنقرة، ولكنه خسر بفارق طفيف.

ترك حزب الشعب الجمهوري عام 2016، ثم عاد إليه عام 2018 وترشح مرة أخرى في الانتخابات المحلية عام 2019 لرئاسة بلدية أنقرة الكبرى عن تحالف الأمة، فانتخب للمنصب بنسبة 50.9% من الأصوات متقدما على محمد أوز حسكي مرشح حزب العدالة والتنمية، الذي فقد رئاسة بلدية أنقرة آنذاك لأول مرة منذ تأسيس الحزب عام 2001.

قطب المعارضة

يصنف يافاش بين أحد الأقطاب السياسيين الكبار في حزب الشعب الجمهوري، حتى نظر إليه قبيل الانتخابات الرئاسية التركية عام 2023 على أنه أحد المرشحين الأقوياء المؤهلين لمنافسة الرئيس أردوغان.

كان من الوجوه البارزة المتوقع تمثيلها لتحالف الأمة (المعارضة) في الانتخابات الرئاسية لعام 2023، واقترحه حزب الظفر وأعلن دعمه لترشيحه، لكن ذلك لم يتم.

وعلى الرغم من ذلك، فلم يبتعد منصور يافاش عن المعارك والمناكفات السياسية، فبعد فوزه برئاسة بلدية أنقرة عام 2019 كثرت تصريحاته عما سماها "عملية تنظيف دقيقة" قال إن حزب العدالة والتنمية قام بها، كما أعلن فور تسلمه مهامه في رئاسة بلدية أنقرة الكبرى أنه فتح 50 ملفا من ملفات الفساد. وفي المقابل، واجه منصور يافاش اتهامات بالتزوير تعود إلى عام 2009.

عندما خسر منصور يافاش المنافسة على رئاسة بلدية أنقرة في 2014 رفض النتيجة، واتهم حزب العدالة والتنمية بالتلاعب في النتائج، ودعا أنصاره إلى التجمع أمام المجلس الأعلى للانتخابات، وتصاعدت الأزمة حتى إنه لجأ إلى المحكمة الأوروبية، قبل أن يتراجع ويقر بأن مرشح حزب العدالة والتنمية هو الفائز ويعتبره رئيس بلدية أنقرة الشرعي.

وإن كانت مناقشات تحالف الطاولة السداسية قبل انتخابات 2023 الرئاسية انتهت إلى ترشيح كمال كليجدار أوغلو لمنافسة أردوغان، فإن منصور يافاش قد خرج من هذه الحملة بدعاية واسعة، إذ انتشرت صورته في ربوع تركيا بجوار صورة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو خلف كليجدار أوغلو باعتبارهما زاويتي المثلث، وإن كان مرشح المعارضة قد اختارهما مع جميع رؤساء أحزاب تحالف الأمة في منصب نائب رئيس الجمهورية.

الأيديولوجيا القومية

ولا بد في التعريف بتجربة منصور يافاش السياسية من الرجوع إلى واحد من أهم الأسئلة التي طرحت في أثناء تداول النقاش بشأن مرشح المعارضة لانتخابات الرئاسة في 2023، وهو: هل يمكن أن يدعم الأكراد ترشح يافاش بالنظر إلى انطلاقته السياسية الأولى في حزب الحركة القومية اليميني وتصريحاته التي تشير إلى تشبعه بهذه الأيديولوجيا؟

ومن السجن، أجاب عن هذا السؤال صلاح الدين دميرطاش، الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي -الذي يمثل الأكراد- وكان مختصر إجابته أنه ينصح تحالف الأمة بترشيح أكرم إمام أوغلو في انتخابات الرئاسة من أجل الحصول على أصوات الأكراد، بل وهدد بترشيح نفسه في حال ترشيح منصور يافاش.

وقريب من هذا اتهام منصور يافاش بإطلاق التصريحات العدائية ضد اللاجئين السوريين، ومطالبته المستمرة للحكومة بترحيلهم إلى بلادهم.

فقد اندلعت أحداث شغب في أنقرة بعد شجار بين شاب سوري وآخر تركي أدى إلى وقوع جريمة، فشهدت العاصمة أحداث شغب وتخريب واستفزاز ضد اللاجئين السوريين، وهاجم مسلحون منازل السوريين ومحالهم وسياراتهم، واعتدوا بالعصي والحجارة عليها، وأشاعوا الخوف بين الأطفال والنساء والمسنين، حتى انتشرت الشرطة بشكل كبير في الحي الذي وقعت فيه أحداث الشغب واعتقلت 79 شخصا.

وحينها، خرج رئيس بلدية أنقرة ليطالب بطرد السوريين وإعادتهم إلى بلادهم، وبأن توضع خطة عمل لذلك "قبل أن تخرج هذه المشاكل عن السيطرة".

وتطور الأمر إلى حد اتهام منصور يافاش بالتحريض على السوريين ومساعدة العنصريين في الاعتداء على اللاجئين وتقديم الشاي لهم عبر سيارات البلدية، والسير في ركاب رجال أعمال خصصوا فنادق في أنقرة لاستضافة المعتدين العنصريين.

كما اتُهم حزب الشعب الجمهوري وقتها بنشر لافتات تؤجج أحداث الشغب مثل "الحدود شرفنا" و"الشباب الأتراك غاضبون".

الجوائز

حصل منصور يافاش خلال مسيرته في العمل العام على عدة جوائز، منها:

جائزة أفضل مدير محلي لعام 2001 من جمعية اللغة التركية لجهوده في الحفاظ على اللغة التركية.
جائزة البيئة للمدافعين عن الطبيعة في 2004 من مؤسسة رجال الأعمال والصناعة الأتراك لعمله في ترميم قصور بي بازاري التاريخية والمحافظة على تاريخ المدينة الذي يمتد لآلاف السنين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!