ترك برس
استعرض تقرير صحفي تفاصيل اجتماع احتضنه مطار جنوبي تركيا، وجمع بين فصائل المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي وبين مسؤولين أتراك، ووصف بـ "الحساس والمثير للجدل".
التقرير الذي نشره تلفزيون سوريا، أفاد بأن الاجتماع الذي عُقد في مطار ولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا، مؤخرا، سيكون "مفصليا وستكون له تبعات تنعكس بشكل مباشر على الشمال السوري".
وضم الاجتماع إلى جانب ممثلين عن وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات التركية، كلا من الائتلاف الوطني السوري والحكومة المؤقتة، وهيئة التفاوض، ومجلس القبائل والعشائر، وقادة من الجيش الوطني السوري.
واستمر الاجتماع لأربع ساعات، وعكس انقساماً واضحاً بين صفوف المعارضة السوريّة، إذ اعتبر غالبية المجتمعين أنّ هذا الانقسام لن ينتهي حتّى يتم تغيير الإدارة والعقليّة الإداريّة للمؤسسة المسؤولة عن إدارة مناطق في الشمال السوري، بينما اعتبر قسم آخر أنّ هذا الانقسام هو نتيجة طبيعيّة لتعاطي بعض فصائل الجيش الوطني مع المؤسسات الرسمية للمعارضة وهيمنتهم على قرار الشارع الثوري.
"الجانب التركي ميسّر"
لم يكن للجانب التركي أي دور في هذا الاجتماع سوى تيسير الجلسة وعرض مقتضب لما تعمل عليه الحكومة التركية بخصوص الملف السوري، وفي حين كان حديث ممثل وزارة الخارجية التركيّة دبلوماسياً مقتضباً عرض من خلاله دور تركيا الداعم للمعارضة السورية، كان حديث ممثل جهاز الاستخبارات أكثر تفصيلاً.
وأفادت ثلاثة مصادر متطابقة لـ موقع تلفزيون سوريا، بأنّ ممثل جهاز الاستخبارات التركية افتتح حديثه بالقول: "هذه القاعة شهدت على اجتماعات للكثير من الدول الداعمة للمعارضة السوريّة، لكن اليوم لم يتبقّ من هذه الدول سوى تركيا وقطر".
وفيما يخص "معبر أبو الزندين" أكّد على أنّ قرار إعادة تفعيله تجاري بحت، ولا علاقة له بأي ملف سياسي، وأنّ هذا القرار لن يُفرض على أحد، لكن التخوّفات من إعادة إنعاش النظام اقتصاديّاً غير مبرّرة، فالتبادل التجاري لم يتوقّف في يوم من الأيام (في إشارة إلى عمليات التهريب التي تجريها بعض فصائل الجيش الوطني السوري من وإلى مناطق سيطرة النظام).
بعد العرض التركي المقتضب كان لرئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة، كلمة الافتتاح التي استعرض فيها أهم المشكلات التي تواجه المدنيين في الشمال السوري، ورأى أنّ تلك الاحتجاجات هي ردّة فعل طبيعيّة تعبّر عن مخاوف السوريين وما يشعرون به من خطر قد يهدد أمنهم، بغض النظر إن كانت تلك المخاوف مبرّرة أم لا.
وقال في معرض حديثه -وفق المصادر- إنّ تلك الاعتصامات هي حق مشروع للمعتصمين ولا يجوز التعامل معها بعنف أو ربط تلك الاعتصامات بأجندات ومصالح شخصية، وعزا الأسباب إلى عدم الوصول بالخدمات إلى المستوى الذي يطمح إليه سكّان الشمال السوري، فضلا عن الوضع الاقتصادي المتردي في تلك المناطق.
بعد عرض "البحرة"، تحدّث رئيس الحكومة السوريّة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى عن الإنجازات في الشمال السوري، واستفاض في تقديم عرض كامل عن الأموال التي صُرفت من أجل تحسين الخدمات والواقع المعيشي، كما عرض عمل الوزارات واحدة تلو الأخرى من خلال تقرير شامل أعدّ منه نسخة مترجمة إلى اللغة التركية، لكنّه أشار إلى الفصائل التي تعرقل عمل الحكومة من دون تسميتها.
"توتر غير متوقع"
تشير المصادر إلى أنّ التوتّر بدأ مع حديث قائد "فرقة الحمزة" سيف بولاد/ أبو بكر، عندما أشاد بعمل الحكومة السوريّة المؤقّتة ودورها في الشمال السوري، وفي ذات الوقت ألقى باللوم على الائتلاف الوطني بسبب عدم زيارة القوة المشتركة لكونها مُعاقبة من قبل وزارة الخزانة الأميركيّة، وهذا ما وافقه عليه قائد "فرقة السلطان سليمان شاه" محمد الجاسم/ أبو عمشة.
وألقى قادة "القوة المشتركة" باللوم أيضاً على مجلس القبائل والعشائر بسبب ضعف أدائه، لا سيما فيما يخص الاعتصامات بخصوص المعارضة السوريّة وضد فتح "معبر أبو الزندين"، معتبرين أنّ المجلس كان يجب أن يلعب دوراً في إنهاء تلك الاعتصامات.
من جهته لم يعلّق الأمين العام لمجلس القبائل والعشائر على لوم "القوّة المشتركة"، لكنّه اعتبر أنّ استثمار الاجتماع لتوحيد الرؤية والهدف، والعمل على مشاريع وخطط لمواجهة النظام السوري ووقف أخطاره المتمثلة بالقصف المستمر على المناطق "المحرّرة" هو الأهم، ويجب ألا يتحوّل الاجتماع إلى سجالات لا فائدة منها.
"حركة التحرير والبناء والجبهة الشامية في المواجهة"
لم تتطابق رؤية قائد "حركة التحرير والبناء" (أبو حاتم شقرا) وقائد "الجبهة الشاميّة" (أبو العز سراقب)، وهما القوتان اللتان تحظيان بالحاضنة الأكبر في الشمال السوري -وفق المصادر- مع رؤية "القوّة المشتركة"، واعتبروها حلفا جديدا لرئيس الحكومة السورية المؤقّتة.
وفي مداخلته، قال "شقرا" إنّ المشكلة الأساسيّة تكمن في عدم وجود حوكمة في الشمال السوري، فضلاً عن عدم تمكين المؤسسات وعدم قيام الحكومة المؤقتة بواجبها، وأنّ ما عرضه من إنجازات هي خطط على الورق لم يتم تنفيذ أي منها.
بالمقابل، نفى "شقرا" أن يكون الائتلاف قد تعامل مع الفصائل على أساس العقوبات الأميركيّة، فقد زاره الائتلاف الوطني أكثر من مرة وعقدوا ورشات عمل وندوات ومحاضرات في مقر قيادته، وفيما يخص مجلس القبائل والعشائر، رأى أنّه يفعل ما عليه، لا سيما في قضايا الصلح والسلم الأهلي، مؤكداً على أهمية هذا الدور في حل النزاعات التي عجز القضاء عن حلها.
أمّا قائد "الجبهة الشامية" (أبو العز سراقب)، فقد ألقى اللوم كاملاً في التقصير بتقديم الخدمات وعدم تمكين المؤسسات، على رئيس الحكومة السوريّة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، واعتبر أن وجوده في منصبه هو السبب الرئيسي لاندلاع المظاهرات، مردفاً أنّ الشمال السوري لن يحظى بالاستقرار إلا إذا أُقيل وغُيّرت الإدارة والعقلية الإداريّة معاً.
"رئيس الحكومة ينتفض"
تكشف المصادر أنّ حديث قائدي "حركة التحرير والبناء والجبهة الشاميّة" لم يرق لرئيس الحكومة المؤقتة، الذي سرعان ما انتفض متّهما "الشاميّة" بسرقة 17 مليون دولار من أموال معبر باب السلامة بحسب وثائق يمتلكها - على حد قوله.
ووجّه حديثه إلى "حركة التحرير والبناء" أنّ مَن هاجم "معبر أبو الزندين" هم "الشرقية"، مهدّداً بنزع شرعيته عن هذين الفصيلين لكونهما تسبّبا في تحريض الشمال السوري، للتظاهر والاعتصامات.
انقسام واضح وتصعيد محتمل
مع وصول الاجتماع إلى نهايته، كان الانقسام واضحا والاصطفافات بيّنة، القوّة المشتركة المتمثّلة بفصيلي "فرقة الحمزة" و"فرقة السلطان سليمان شاه" في حلف مع رئيس الحكومة السوريّة المؤقّتة، الذي يرى بضرورة إنهاء الاعتصامات ولو بالقوّة، بينما كان لباقي قادة الفصائل وعلى رأسهم قائدا "حركة التحرير والبناء" و"الجبهة الشاميّة"، فضلا عن الائتلاف الوطني موقف واضح من أنّ للمدنيين في الشمال السوري كامل الحق في التظاهر والاعتصام والتعبير عن آرائهم، ويجب الاستماع لهم بدلاً من قمعهم.
وبحسب المصادر، فإنّها ترى أنّ الأيام القادمة قد تشهد تصعيداً كبيراً ضد الحكومة السوريّة المؤقّتة، لاسيما في مناطق اعزاز والباب، إضافةً إلى عفرين (منطقة عملية "غصن الزيتون") بريف حلب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!