ترك برس

أصدرت وزارة الصحة التركية سلسلة من التعديلات التنظيمية الجديدة التي تستهدف الحد من ارتفاع معدلات الولادات القيصرية المخطط لها مسبقًا، خاصة في المراكز الطبية والمشافي الخاصة، حيث تُظهر الإحصاءات أن نسبة كبيرة من هذه العمليات تُجرى دون مبررات طبية كافية، ما يتعارض مع المعايير الصحية الدولية.

وبحسب القرار الجديد، لن يُسمح للمراكز الصحية الخاصة بإجراء عمليات ولادة قيصرية مُبرمجة مسبقًا، إلا في حال وجود أسباب طبية واضحة تستدعي ذلك. وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة شاملة تهدف إلى تشجيع الولادة الطبيعية، والتي تُعتبر الخيار الأكثر أمانًا وفعالية في الظروف الصحية الطبيعية للأم والجنين.

إلزام بإنشاء وحدات ولادة طبيعية

ومن بين البنود اللافتة في اللائحة الجديدة، فرضت الوزارة على جميع المراكز الطبية الخاصة الراغبة في تقديم خدمات التوليد إنشاء وحدة متخصصة للولادة الطبيعية، في حال أبدت الأم رغبتها في هذا النوع من الولادة. ويُعتبر هذا الإجراء محاولة للحد من الضغط الذي يُمارس أحيانًا على الأمهات من قبل بعض الكوادر الطبية، لإقناعهن بإجراء عمليات قيصرية دون حاجة طبية.

كما لن يُسمح بترخيص وحدات ولادة في أي مركز طبي لا يحتوي على غرفة عمليات مجهّزة. ويهدف هذا البند إلى ضمان أعلى درجات الأمان، خصوصًا في حالات الطوارئ التي قد تستدعي التدخل الجراحي العاجل أثناء الولادة الطبيعية.

تنظيم البنية التحتية للمراكز الطبية

تضمنت التعديلات أيضًا اشتراطات معمارية وتنظيمية تتعلق بتصميم وحدة الولادة، إذ يجب أن تكون مداخل ومخارج الوحدة قابلة للمراقبة، وبعيدة عن مسارات الحركة العامة داخل المركز الطبي، كما ينبغي أن تُصمَّم بطريقة تتيح الوصول السريع إلى غرفة العمليات. وتؤكد الوزارة أن هذه المعايير تهدف إلى تسهيل نقل الحالات الطارئة في أقصر وقت ممكن، وبالتالي تقليل مخاطر المضاعفات على الأم والطفل.

خلفية القرار: تكاليف ومخاطر

ويشير الخبراء إلى أن هذه السياسات تأتي ردًّا على استغلال بعض المراكز الطبية الخاصة لعمليات الولادة القيصرية كخدمة مدرّة للدخل، نظرًا لتكلفتها الأعلى مقارنة بالولادة الطبيعية. ويُعد هذا أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الوزارة إلى التدخل للحد من الظاهرة، خصوصًا بعد أن تجاوزت نسب القيصرية في بعض الولايات التركية المعدلات الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية.

من جهة أخرى، تؤكد وزارة الصحة أن الولادة الطبيعية، في حال توفر الظروف الملائمة، تعود بفوائد صحية ونفسية على الأم والطفل، وتقلل من فترة النقاهة والمضاعفات المحتملة بعد الولادة.

خطوات إصلاحية مستمرة

وتأتي هذه التعديلات ضمن حزمة أوسع من السياسات الصحية التي تنفذها الحكومة التركية لإصلاح نظام الرعاية الصحية وتنظيم عمل القطاع الخاص، لا سيما في القطاعات الحساسة مثل الولادة والرعاية التخصصية للنساء. ويتوقع أن تدخل هذه اللوائح حيز التنفيذ خلال الأشهر المقبلة، بعد منح المؤسسات الصحية مهلة لتكييف بنيتها التحتية والالتزام بالشروط الجديدة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!