عبد الله مراد أوغلو - صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس   

فترة الهدوء التي سادت العلاقة بين برزاني وحزبه من طرف وحزب العمال الكردستاني من طرف اخر تلفظ اخر أنفاسها، فالوضع يبدو ذاهب الى انحدار وتأزم، ذلك لان كل من الطرفين يملك منظور ورؤية خاصة ينطلق بها الى استراتيجية وخطط يريد ان يطبقها في مناطق نفوذه او مناطق تواجده، وهذه الاستراتيجيات تتضارب بين الطرفين من القدم، لكن تفاهمات محادثات السلام التي بدأها اردوغان وحزب العدالة والتنمية جعلت من فترة التوتر والصدام بين الطرفين الكرديين تدخل الثلاجة وتبدأ مرحلة التفاهمات والتقاربات.

 برزاني وحزبه يرى إقليم كردستان مقتصر على مناطق شمال العراق ويحرص شديد الحرص على مراعاة انقرة وان تكون سياساته متماشية مع الجار التركي، لكن في المقابل نرى أحلام حزب العمل الكردستاني تسرح في دولة كردستان بين الدول الأربع من العراق وإيران الى تركيا وسوريا، ونجد ان إقليم شمال العراق الذي يسيطر عليه برزاني هو عبارة عن قوة جماهيرية لكنانة التحرير والنضال الكردي حسب رؤية حزب العمال الكردستاني.

نرى اليوم تعثر في مرحلة الهدوء ومناوشات هنا وهناك قد تُخرج مارد الصدام القديم من قمقمه، فالأحداث اليوم لا تقتصر على اتهامات البشمرجة لحزب العمل الكردستاني بالخيانات مع داعش، او حتى اتهامات حزب العمال الكردستاني للبشمرجة بالعمالة للحكومة التركية، بل نجد مشاكل قديمة تتحضر لتأخذ دورها في الصدام....

ونرى أيضا توجهات حزب العمال الكردستاني الصريحة لنبذ ومعاداة أي محاولات سياسية تدعوا الى التعايش المشترك مع الاتراك والترويج للتقسيم العرقي تركي وكردي، وذلك بالتلاعب بعملية الاندماج في السياسية التركية ومحاولة المشاركة في العملية الانتخابية والديمقراطية، فنرى توجه حزب العمال الكردستاني الواضح نحو حزب الشعوب الديمقراطية الذي يرى فيه اما ان يتم حله او ان يستمر في تغطيته لكن بثوبه الحقيقي ثوب حزب العمال الكردستاني.

اما بالنسبة للمأزق الحقيقي فهو ما يعيشه برزاني اليوم، برزاني المحاصر بين محاربة حزب العمال الكردستاني وزيادة التنسيق والوئام مع انقرة، او الابتعاد عن الصدام الكردي الكردي وهو ما يعني تسمم العلاقة بين إقليم كردستان وانقرة. ففي حال كانت الأولى فان الاعمال التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني في العراق وسوريا ستكون محل دراسة ومن ثم مقاومة شاملة من برزاني والبشمرجة وهو ما يفتح ابواب الصراع على السلطة في إقليم شمال العراق ويفتح أبواب الجحيم على برزاني، وفي حال كانت الثانية فان العلاقة الكردية التركية ستكون في مهب الريح وسيلحقها الازمة تتلوا الازمة....

أبدت أربيل انزعاجها من ذهاب حزب العمل الكردستاني الى فكرة السيطرة وحكم المناطق التي يسيطر عليها، فدعت الحزب أكثر من مرة الى التعقل وعدم الاستمرار على هذا النهج وساقت في ذلك الكثير من الحجج الضعيفة، لكن حقيقة الامر ان استراتيجيات أربيل تتضارب مع استراتيجيات حزب العمل الكردستاني، مما سيدفع لاحقا الى الصدام المؤكد الذي كانت تخشاه أربيل.

وفي سياق اخر نرى ان الخلاف والنزاع لم يقتصر على برزاني وحزب العمال الكردستاني، فهناك نزاع قائم على اشكال النفوذ ومقداره وكيفية توزيعيه بين رؤساء الأحزاب الكبيرة في إقليم شمال العراق، فالصراع بين برزاني وطلباني بلغ أوجه وتداعيته قريبة الظهور، والصراع الاخر يأتي مع نشفات مصطفى الذي يطرح أفكاره واستراتيجياته المعارضة لبرزاني بكل قوة ليترك ساحة الصرع ملتهبة بين أطراف يجمعها العرق والحلم لكن تفرقها السياسية وسراديبها.

عن الكاتب

عبد الله مراد أوغلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس