جلال سلمي - خاص ترك برس

كان الهدف الأساسي من تأسيس مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية الذي اقترحته الحكومة التركية عام 1976 هو إعادة إحياء المجد التاريخي والفني والثقافي للعالم الإسلامي.

احتضنت الحضارة الأناضولية التركية للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية منذ أن تأسست أول دولة إسلامية تركية وهي دولة السلاجقة عام 985، وسعت هذه الدولة إلى ذلك، وخاصة آخر ملوكها "الملك شاه" الذي أمر وزيره الأكبر "نظام الملك" بإصدار قانون شامل لجمع العلوم والفنون الإسلامية بشكل منتظم، وبفضل هذا القانون تمكّنت الكثير من الكتب التاريخية والفنية الإسلامية البقاء حية إلى يومنا هذا، وواصلت الدولة حفاظها على مكونات العالم الإسلامي مرارًا وتكرارًا إلى أن ضعُفت وانهارت عام 1038.

بعد تشتت وانهيار الدولة السلجوقية أصبحت العشائر التركية متشتتة ولكنها استمرت في وقوفها بجانب الدولة العباسية من أجل الحفاظ عليها والتصدي لهجمات المغول والبيزنطيين التي تكررت أكثر من مرة خلال تلك الفترة، وفي عام 1299 أسس عثمان بن أرطغرل الدولة العثمانية ليعيد لم شمل العشائر التركية وحمل أمانة أجداده السلاجقة في حماية أمن واستقرار وتاريخ وفنون وثقافة الدين الإسلامي. واستمرت الدولة العثمانية بمختلف سلاطينها في الحفاظ على تاريخ وفنون وثقافة ومعالم الدين الإسلامي حوالي أكثر من 600 عام، خاصة في عهد السلطان سليم الأول الذي عمل عام 1516 على فتح الشام ومصر ونقل جميع مقتنيات النبي صلى الله وعليه وسلم إلى إسطنبول لحمايتها من التهديد البرتغالي الذي كان يهدد شبه الجزيرة العربية بشكل كبير، إلى أن انهارت عام 1924.

وعلى الرغم من أن الجهمورية التركية الحديثة علمانية إلا أن بعض رؤسائها وقيادتها هم ذوو نهج ديني محافظ وقد عملوا دومًا على الحفاظ على الثقافة والفنون الإسلامية، ومن الأمثلة على ذلك عدنان مندريس وسليمان دميريل وتورغوت أوزال وأكبر الأمثلة الحية في يومنا الحالي عبدالله غُل ورجب طيب أردوغان.

ومن الأمثلة على اهتمام الحكومة التركية على الاستمرار في حمل الأمانة المحافظة على التاريخ والفنون والثقافة الإسلامية؛ اقتراح الحكومة التركية، التي كانت يرأسها سليمان دميرال، عام 1976 بطرح فكرة تأسيس مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية "أرسيكا"، خلال اللقاء السابع لوزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي الذي تم عقده في إسطنبول.

بعد اقتراح الحكومة التركية لهذا الاقتراح تمت مناقشته وقبوله بشكل مبدئي بنفس اللقاء، وخلال اللقاء التاسع الذي تم عقده في العاصمة السنغالية دكار عام 1978 تم قبول الاقتراح بشكل رسمي وخلال اللقاء الثاني عشر للمؤتمر الذي عُقد في العاصمة العراقية عام 1980 وكلت رئاسة المؤتمر هيئة خاصة لتأسيس المركز في قصر يلدز، الذي تم تخصيصه من قبل الحكومة التركية كرمز يجمع العالم الإسلامي من جديد إذ كانت تصدر من هذا القصر في يوم من الأيام قرارات تدير جميع أحوال العالم الإسلامي في إسطنبول، وكانت تُتّخذ جميع الإجراءات التنظيمية والإدارية، وبذلك العام بدأ المركز العمل بشكل الرسمي وما زال على رأس عمله إلى يومنا هذا.

الأهداف المنشودة من وراء تأسيس أرسيكا:

ـ إجراء البحوث والدراسات الخاصة بإعادة إحياء التراث التاريخي والفني والثقافي الإسلامي.

ـ إجراء الدراسات والأبحاث الخاصة بالعمارة الإسلامية المميزة.

ـ إجراء الدراسات والأبحاث الخاصة بالأثار الإسلامية ونشر الوعي لدى المجتمعات الإسلامية والغير إسلامية بخصوصها.

ـ إجراء مشاريع تطبيقية للمجتمعات الإسلامية والغير إسلامية خاصة بالفنون اليدوية الإسلامية.

ـ تعميق العلاقات التعاونية بين الدولة الإسلامية التي كانت جميعها في يوم ٍ من الأيام مجتمعة تحت لواء واحد.

ـ تطوير العلاقات بين الدول الإسلامية والدول الأخرى غير الإسلامية على أساس التعاون والمحبة التي تدعو إليها القواعد والمبادئ الإسلامية.

ومن أجل تحقيق جميع هذه الأهداف بفعالية نشطة هناك عدة وظائف وُكل لها المركز من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي يمكن ذكرها بالشكل التالي:

ـ توفير جميع الخدمات المادية والاستشارية والعملية للفنانين والباحثين والمؤسسات البحثية التي تعمل في مجال بحث الحضارة والثقافة الإسلامية.

ـ دعم جميع الأبحاث التي تفند الإدعاءات الكاذبة حول "إرهابية" الحضارة والثقافة الإسلامية.

ـ نشر الكتب والمجلات والمقالات التي تعمل على نشر الوعي الإسلامي حول الفنون والثقافة والحضارة الإسلامية  لدى المجتمعات الإسلامية.

ـ تشجيع الجيل الإسلامي الناشئ على إجراء البحوثات والدراسات المتعلقة بالفن والتاريخ الإسلامي عن طريق دعمه وتوفير له الدورات التعليمية والبحثية المتكاملة.

ـ نشر مبادئ ومحاوير الدين الإسلامي المعتدل واللين لدى المجتمعات الغير المسلمة وتقوية الأواصر الرابط بينها وبين المجتمعات الإسلامية.

ـ تشجيع ودعم السياحة في المدن والعواصم الإسلامية العريقة لتبيين مدى عراقة وأصالة الحضارة والثقافة الإسلامية لجميع الفئات غير المسلمة.

ـ إجراء البحوث المتعمقة في الأرشيف الإسلامي ونشر جميع وثائقه بالعديد من اللغات.

ـ تنظيم المسابقات البحثية بين الطلاب والباحثين المسلمين فيما يخص الحضارة والثقافة والفن والتاريخ الإسلامي.

ـ تقديم الخدمات الاستشارية للدول الأعضاء والأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

الانتفاع من دعم مركز أرسيكا في مجال الأبحاث الإسلامية:

يمكن لجميع الطلاب والباحثين المختصين بمجال البحث الإسلامي الاستفادة والانتفاع من دعم وخدمات أريسكا من خلال التواصل الإلكتروني بواسطة البريد الإلكتروني التالي:

[email protected]

أو من خلال زيارة مقر المركز الرئيس المتواجد في قصر يلدز في إسطنبول.

وكما يمكن متابعة جميع أعمال أرسيكا باللغة العربية والتركية والإنجليزية من خلال الرابط الإلكتروني:

http://tr.ircica.org

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!