
جلال سلمي - خاص ترك برس
بعد تولي محمد مُرسي لرئاسة مصر بتاريخ 24 حزيران/ يونيو 2012 بنسبة 51,73% بدأت الكثير من وسائل الإعلام المصرية المُعارضة التي لم تتركه للحظة بقذفه والسخرية منه وتحقيره وحتى في بعض الأحيان شتمه بشكل واضح وكانت هذه الوسائل ليل نهار تقلب الحقائق الخاصة بالنجاحات والإنجازات التي كان يُحققها مُرسي وكانت تُحجمها وتدعي بأن البلاد تذهب نحو الهاوية وتحتاج إلى تدخل عسكري سريع لإنقاذ مصر من السقوط.
وكانت هذه القنوات لا تتراجع عن دعوة السيسي باسمه للانقلاب العسكري ودحر محمد مرسي عن الرئاسة لحماية مصر من الانزلاق نحو الانحطاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي وجميع هذه الادعاءات وبشاهدة العديد من الخبراء والمحللين السياسيين ماهي إلا أكاذيب كانت وسائل الإعلام المصرية تُنتجها وتروجها حسب أهوائها بعيدًا عن الموضوعية والحقيقة، وبعد تجهيز الأرضية الإعلامية المناسبة للانقلاب خرجت مظاهرة صغيرة بتاريخ 30 يونيو 2013 وأطلقت عليها هذه الوسائل بأنها ثورة غاضبة على نظام الحكم وبدأت وسائل الإعلام تروج لهذه المظاهرة، وباستخدام وسائل المونتاج الإعلامي أظهروها وكأنها مظاهرة ضخمة بالفعل وبتاريخ 3 تموز/ يوليو أعلن الجنرال عبد الفتاح السيسي المُبيت لنية الانقلاب انقلابه على مُرسي ونظامه.
استمرت وسائل الإعلام في ممارسة ألاعيبها بالإدعاء بأن السيسي قام بهذا التحرك تلبية ً لمطالب الشعب السياسية، الأمر الذي جعل عددًا لا بأس به من المواطنين المصريين يقفون إلى جانب المُنقلب السيسي ولكن اليوم بعد مرور عامين على الانقلاب أصبح الكثير من المصريين الذين صدقوا ووقفوا إلى جانب السيسي يعضون على أصابعهم ندمًا على تصديقهم لوسائل الإعلام المُغرضة.
وبعد نجاح الانقلاب المصري على الشرعية تشجعت وسائل الإعلام التركية المعارضة لدعوة الجيش أكثر من مرة للتدخل والانقلاب على رجب طيب أردوغان كرئيس وعلى حزب العدالة والتنمية كحزب حاكم، في الحقيقة وحسب رأي الكثير من المُتابعين للشأن التركي بدأت وسائل الإعلام التركية المُعارضة بدعوة الجيش التركي إلى الانقلاب منذ اللحظة الأولى لتسلم حزب العدالة والتنمية لنظام الحكم ولكن الجيش لم ينصاع لهذه الدعوات ليس لعدم رغبته في ذلك بل لوجود العديد من الأساليب المضادة التي اتخذها حزب العدالة والتنمية لصد هذه الهجمات.
ويتناول الباحث السياسي صالح طونا الموضوع في مقال سياسي له بعنوان "وسائل الإعلام المعارضة ضد الرئيس والحكومة" نُشر في جريدة يني شفق بتاريخ 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، ويفيد طونا في بداية مقاله بأن "آخر دعوة واضحة للانقلاب العسكري جأت قبل عدة أيام، بالتحديد بتاريخ 22 أكتوبر 2015، من خلال المذيعة في قناة سي دابليو ترك نفشين مانجو التي دعت الجيش وبكل وضوع التدخل في الوضع القائم وقلب نظام الحكم وإبعاد رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية عن نظام الحكم، هذا ليس المثال الوحيد بل هناك العديد من الأمثلة الحديثة على ذلك ولكن هذا المثال هو المثال الأحدث على مثل هذه الدعوات التي رأينها تنطلق ضد حزب العدالة والتنمية منذ توليه لمقاليد الحكم عام 2002".
ويضيف طونا بأن وسائل الإعلام هذه "قبل الانقلاب العسكري في مصر كان تدعو وبشدة إلى عزل حكومة حزب العدالة والتنمية عن نظام الحكم وبعد نجاح الانقلاب العسكري في مصر بدأت هذه الوسائل تدعوا بشدة أكبر وكأنها تترجى وتقبل أقدام الجنرالات ليقوموا بانقلاب عسكري مؤلم مثل انقلاب 27 أيار/ مايو 1960 الذي كان ضد حكومة الحزب الديمقراطي وانتهى بإعدام زعيمه عدنان مندرس وثلة من رفاقه وحل الحزب بعد ذلك وهناك أكثر من صحفي ووسيلة إعلام معارضة دعوا إلى انقلاب عسكري حديدي ودموي ضد حكومة حزب العدالة والتنمية ضاربين بعرض الحائط الأكذوبة التي يروجون إليها ليل نهار "الديمقراطية الحرة"".
ويكمل طونا تعليقه على هذه الدعوات بالقول "عندما يكون نظام الحكم في أيديهم ويحكمون بالحديد والنار فهذه هي الديمقراطية، ولكن ما إن تخلو أيديهم من نظام الحكم يشرعون بترويج الكذب ضد الطرف الآخر ويبدؤون بتسفيهه وتحقير من جاء بطريقة شرعية إلى نظام الحكم، هؤلاء ثلة لا يرون الديمقراطية إلا في أنفسهم وغير ذلك يرونه باطلًا ودكتاتوريًا وغير ديمقراطي".
وحسب طونا لا يمكن لوسائل الإعلام التركية المُغرضة زج العسكر إلى الساحة السياسية لعدة أسباب:
ـ مواجهة حزب العدالة والتنمية هذه الوسائل بوسائل إعلام أكثر قوة وجدارة جعلته قادرًا على إيصال نجاحاته وإنجازاته إلى كل بيت في تركيا على العكس من إخوان مصر الذين تأخروا في علاج هذه النقطة المُهمة جدًا.
ـ وسائل الإعلام القوية والمتنوعة التابعة لحزب العدالة والتنمية وأساليب حزب العدالة والتنمية المعتمدة على التوعية وإيصال الحقيقة إلى المواطن التركي بغض النظر عن انتمائه السياسي ووضعه الطبقي أو الاجتماعي جعلت لديه حاضنة شعبية واجتماعية وبيروقراطية قوية وقفت معه بجدارة إبان إعلان رئاسة الأركان التركية انقلابها الناعم بتاريخ 27 نيسان/ أبريل 2007 والذي جاء عن طريق الشبكة الرقمية الأمر الذي جعل اسم هذا الانقلاب الناعم "الانقلاب الإلكتروني"، لكن هذا الانقلاب الذي تأثر مُطلقوه بوسائل الإعلام المعارضة التي كانت تدعي ليل نهار قيام حزب العدالة بتغيير أسس نظام الحكم في تركيا من علمانية إلى إسلامية متعصبة لم يُكتب له النجاح بسبب خروج الكثير من المعترضين في الجانبين البيروقراطي العسكري والمدني وخروج الآلاف من المعارضين له في عدد كبير من الولايات التركية وأيضًا الجهد الدبلوماسي الذي قام به البيروقراطيون أصحاب الوعي الناتج عن أساليب حزب العدالة والتنمية والذي جعل الكثير من الدول وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي والولايات المُتحدة الأمريكية تعترض على هذه الانقلاب مما اضطر لمُطليقه التراجع عنه.
ـ بعيدًا عن حملات الوعي التي قام بها حزب العدالة والتنمية، فالتقدم العلمي للشعب التركي ووعيه السياسي يجعلانه يتعامل مع جميع ما تروجه وسائل الإعلام بحكمة وتفكير منطقي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!