جلال سلمي ـ خاص ترك برس

تأسست الجمهورية التركية بتاريخ 29 أكتوبر 1923 أي قبل 93 عام من وقتنا الحالي، وابتهاجًا بهذا اليوم يحتفل المواطنون الأتراك بهذا اليوم من خلال إعلانه كعيد وطني عام يتم الاحتفال به على جميع المستويات الرسمية والشعبية، على صعيد المستوى الشعبي يتم إجراء العديد من العروض العسكرية بحضور رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء  ووزراء الحكومة ورئيس الأركان العامة وغيرهم من رجال الدولة رفيعي المستوى، أما على صعيد شعبي فيتم إعلان تعطيل العمل في المؤسسات الحكومية والخاصة في منتصف نهار 28 أكتوبر ويتم التجمع في الميادين والساحات الشعبية الكبرى ويتم إطلاق الألعاب النارية وفي صبيحة 29 أكتوبر يقوم البعض بزيارة قبور شهداء حرب التحرير ويقوم البعض الآخر بزيارة قبر مصطفى كمال أتاتورك وعصمت إينونو كبار قادة حرب التحرير في ذلك الوقت.

وتورد المواثيق التاريخية بأن مؤسسي تركيا في ذلك الوقت تعمدوا جعل نظام حُكمها نظام جمهوري من أجل اعتماد النظام الديمقراطي الذي يُعطي الحق لجميع أبناء الشعب التركي بالمشاركة في العملية السياسية دون أي قيد أو شرط على العكس من النظام الملكي الذي يحرم المواطنين من المشاركة في العملية السياسية ويجعل ذمة الحكم الخاصة بالبلاد رهينة عقل وفكر شخص واحد فقط.

ويشير الباحث السياسي سليمان سيفي أوغون، في مقال سياسي له بعنوان "الجمهور والجمهورية" نُشر بتاريخ 29 أكتوبر 2015 في جريدة يني شفق، إلى أن "أسس الحكم الخاصة بتركيا التي تم تبينيها من قبل مؤسسيها هي مُقتبسة من نظريات الديمقراطية الغربية، وكان الهدف الأساسي لمؤسسي الجمهورية التركي هو إرساء نظام جمهوري ديمقراطي يكفل للجميع حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويكفل لنظام الدولة بأن يكون في إطار مبدأ مونتسكيو "فصل السلطات" ليتم ضمان استقلال السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية عن بعضهما البعض، ويضمن عدم ارتباط هذه السلطات ببعضها البعض تحت حكم شخص واحد أو مجموعة مُعينة".

ويوضح أوغون بأن "الجذور التاريخية للنظام الجمهوري تعود إلى الثورة الفرنسية التي قامت عام 1789 ضد الملك الظالم لويس السادس عشر الذي عاث في الأرض الفساد من خلال فرض الضرائب الباهظة على المواطنين وعدم الاعتراف بالمواطنين الفقراء لعدم دفعم للضرائب واعتماد رجال الدين والإقطاعيين فقط في الحُكم واستطاعت هذه الثورة عزل لويس السادس والعشر وعلى الرغم من الاضطربات التي طرأت على هذه الثورة من خلال محاول الدول الأوروبية الملكية الأخرى تقويضها حتى لا تنتقل مبادئها إلى شعوبها إلا أن هذه الثورة استمرت في مشوارها فانتفضت عام 1830 واستطاعت عزل الملك شارل العاشر الذي تم تنصيبه من قبل الدول الأوروبية عام 1815 ووُضع مكانه لو فيليب في إطار نظام حكم يعتمد على "الملكية الدستورية" إلا أن الأخير لم يحترم مبادئ الدستور فانتفض الثوار مرة أخرى عام 1848 واستطاعوا عزل لو فيليب وتم إعلان الجمهورية الفرنسية كأول دولة تعتمد على نظام جمهوري في العالم".

ويُضيف أوغون بأنه "بعد تبني النظام الجمهوري في فرنسا بدأت عدد من الدول الأخرى باقتباسه وإعلان نفسها على هذا الأساس مثل هولندا والمجر"قبل ضمها من قبل النمسا" وغيرها من الدول، وبعد اقتناع مؤسسي تركيا بنجاعة نظام الحكم الجمهوري بإدارة تركيا بطريقة أكثر عقلانية وبطريقة مُعتمدة على أساس التشاور وحُكم العقل المشترك الذي يكون احتمال خطأه أقل من خطأ حكم الشخص الواحد".

ويرى الباحث السياسي إبراهيم تاكانجي، في مقال سياسي له بعنوان "اضطرار تركيا" نُشر بتاريخ 28 أكتوبر في صحيفة يني شفق، بأن "الجمهورية التركية عندما تأسست كانت تركيا مضطرة لذلك بشكل كبير، وذلك لأنه في ذلك العهد طفا على السطح نظام "الدول الشعبية" التي تحتوي على حدود وطنية معروفة وأصبح نظام الدول الملكية الإمبراطورية المُعتمد على نظام التوسع الجيوسياسي مُنتهي الصلاحية، فكان لا بد لمؤسسي تركيا من اختيار نظام شعبي ديمقراطي يقبل بالنظام السياسي الموجود في العالم في ذلك العهد حتى يتم المحافظة على الانتصارات التي تم تحقيقها في حرب التحرير، فكان لا بد من النظام الجمهوري، والجمهورية التركية لا تعني الانفصال الكامل عن الدولة العثمانية إذ استمرت المؤسسات الحكومية العثمانية تعمل إلى ما بعد تأسيس الجمهورية التركية أيضًا ولكن العنصر المُتغير في ذلك الوقت هو نظام الحكم العام الذي تحول من نظام ملكي إلى نظام جمهوري".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!