العربي الجديد

رغم أن تركيا ليست دولة غنية بالنفط أو الغاز الطبيعي، إلا أن موقعها الجغرافي يجعل منها دولة مهمة في أمن الطاقة العالمي، فهي تمثل ممراً مهماً للنفط والغاز المنتج في الدول الغنية بهذه الثروات، مثل العراق وتركمانستان وكذلك دول جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً، مثل كازاخستان وتركمانستان. 

ويمر عبر تركيا نحو ثلاثة ملايين برميل نفط يومياً، ومن المخطط أن تصبح في المستقبل ممراً مهماً لكميات ضخمة من الغاز الطبيعي العربي إلى العالم الخارجي.
كما أنه من المتوقع أن تكون إيران نقطة رئيسية لتصدير الغاز الطبيعي من إيران ومن إقليم كردستان في المستقبل. 

وتعد إيران من الدول الغنية بالغاز الطبيعي، إذ تقدر احتياطاتها بنحو 29.6 تريليون متر مكعب، وهو ما يعادل 15.8 من إجمالي الاحتياطي العالمي. 

وحتى الآن لا تنتج إيران سوى حصة صغيرة من الغاز تقدر بنحو 160 مليار متر مكعب سنوياً.

وهذا يعني أن إيران من الدول القليلة إلى جانب قطر، القادرة على إمداد السوق الأوروبية بكميات كبيرة من الغاز الطبيعي.

هنالك خطة لتصدير الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر تركيا، ووضع مخطط لمد أنبوب بطول 3300 كيلومتر وبسعة تتراوح بين 37 إلى 40 مليار متر مكعب من الغاز الإيراني إلى أوروبا. 

وسيمر هذا الأنبوب من تركيا إلى اليونان ثم إلى إيطاليا، فيما سينقسم الأنبوب إلى شقين بعد ذلك، أحدهما سيتجه إلى سويسرا والنمسا وألمانيا، والشق الآخر سيتجه إلى فرنسا وإسبانيا. وهذا الخط ينتظر التمويل الذي يعرقله الملف النووي الإيراني مع الدول الغربية. 

وفي هذا الصدد، قال خبير الغاز الأوروبي رحمي كوبار لنشرة "يوروب ناتشرال غاز"، إن ملف أمن الطاقة الأوروبي لا بد أن يمر بأنقرة وسط تدهور العلاقات الحالية مع روسيا.

وتهدد الحرب الدائرة الآن بين الجماعات الموالية لروسيا وأوكرانيا بتطور النزاع بين روسيا والغرب إلى مرحلة ما كان عليه الحال أيام الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي والشيوعي. وفي نزاع الغاز الدائر بين حكومة كييف وشركة غازبروم الروسية التي تمد أوروبا بالغاز الطبيعي، قالت حكومة أوكرانيا إنها لن تسمح بمرور الغاز الروسي إلى أوروبا.

وهو ما يهدد حقيقية أمن الغاز الأوروبي مع قرب موعد الشتاء. وحسب إحصاءات البرلمان الأوروبي الأخيرة، فإن دول الاتحاد الأوروبي"28 دولة"، تستورد 53% من استهلاكها من الطاقة من الخارج.

وتصل إمدادات روسيا لدول الاتحاد الأوروبي من إجمالي احتياجات الطاقة إلى نسبة 39% من الغاز الطبيعي و26% من احتياجات النفط. 

وحسب استراتيجية أمن الطاقة الأوروبي الذي أقر في نهاية مايو/أيار الماضي، فإن خطة تنويع مصادر الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي تستدعي تقليل الاعتماد على الغاز والنفط الروسيين، وفتح التفاوض مع تركيا التي تمثل ممراً مهماً للنفط والغاز من منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا.

وأشارت المسودة إلى أن تركيا يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في أمن الطاقة الأوروبي عبر تمرير الغاز الطبيعي والنفط من دول الشرق الأوسط إلى أوروبا. 

كما أشارت وثيقة استراتيجية الطاقة الأوروبية إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تنوي التعاون مع تركمانستان والعراق وإيران حتى تتمكن من تحسين إمدادات الغاز من هذه الدول عبر تركيا إلى أوروبا على المدى الطويل. 

في هذا الصدد، قال الدكتور كوبار إن النفوذ التركي في منطقة الشرق الأوسط يتزايد وسط ضعف دول المنطقة، كما أن علاقاتها مع الدول والأقاليم الغنية بالنفط تتحسن، وأن هذه الظروف الجيوسياسية تجعل من تركيا دولة محورية في تأمين إمداد الغاز الطبيعي إلى أوروبا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!