
جلال سلمي - خاص ترك برس
"بدأت أوجه الصراع بين الطرفين بالوضوح والسطوع، عقب إسقاط الطائرة الروسية من قبل القوات العسكرية التركية."
يشير الباحث السياسي "غوناري جيوا أوغلو"، في مقال تقييمي له بعنوان "الصقر التركي أم الدب الروسي"، إلى أن "الصراع بين الطرفين ليس وليد اللحظة بل تمددت جذوره إلى بداية الثورة السورية، ولكنه بقي صراعًا ضمنيًا لم يُكشف عنه الغطاء، ولكن بعد الأزمة الناجمة عن إسقاط الطائرة، أصبحت محاور الصراع وأبعاده واضحة وبَينة للجميع".
ويضيف جيوا أوغلو "المحور الأساسي لهذا الصراع هو محور جيوسياسي، قائم على خلاف مصالح الطرفين في الأراضي السورية، الطرفان كانوا على إدراك تام لهذا الخلاف، ولكنهم كانوا يتحركون بشكل حذر يتجنب الاحتدام المباشر، إلا أن قواعد هذا التحرك سقطت مع إسقاط الطائرة الروسية "المُخترقة للحدود أو الأجواء السيادية لتركيا".
ومن جانبه، يؤكد الكاتب السياسي "ماليه عاشق"، الكاتب في جريدة ملييت التركية، في مقاله "قبل الدخول في الأزمة"، بأن "الصراع قديم ومُبيت ولكن بدأت أوجهه بالوضوح والسطوع" عقب إسقاط الطائرة الروسية، التي اخترقت الأجواء السيادية لتركيا بشكل "سافر".
ويرى عاشق أن "تركيا كانت تعلم علم اليقين بأن الخيط الرقيق الممسك بعلاقتها "السطحية" مع روسيا، سيُقطع عاجلًا أم آجلًا، لذلك قامت تركيا بتأمين نفسها أمام الدب الروسي، من خلال التقرب إلى الولايات المُتحدة الأمريكية والتحالف الذي أسسته قبل عام، ويبدو بأن الحكومة التركية تتبع النهج الدبلوماسي الذي خطه السلطان سليمان القانوني، وهو الوقوف إلى جانب إحدى الدول العظمى ضد الأخرى".
ويتابع عاشق مبينًا أن "الصراع التركي الروسي هو ممتد إلى أعماق التاريخ، فمنذ فجر التاريخ وروسيا تحاول الوصول إلى مناطق البحر الساخنة، واليوم بعد وصول "اللقمة إلى الفم"، لا تريد روسيا خسارة قواعدها العسكرية في طرطوس وسواحل البحر الأبيض، لذا فإن صراعها مع الذئب التركي الذي يحاول أن يصدها عن ذلك، سيزداد ويتفاقم".
ومن جانبه، يُلمح الباحث السياسي، "سامي كوهين"، في مقاله "احتمالية التصعيد المتبادل بين روسيا وتركيا" الذي نُشر في جريدة ملييت، إلى أن "تركيا اليوم تحاول السير على خطى السلطان عبد الحميد الثاني الذي حكم الدولة العثمانية لمدة 33 عام، وواجه خلالهما "المُغتصب" الروسي بشكل دائم، والقاعدة الأساسية لخطى السلطان عبدالحميد الثاني هي المحافظة على أرض الوطن السيادية بالإضافة إلى أراضي "الحديقة الخلفية" التي كانت تحت سيادته المباشرة ولكن استقلت سياسيًا وبقيت تابعة له تاريخيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا".
ويُضيف كوهين أن "تركيا اليوم ترى من سوريا حديقتها الخلفية، وترى في نفسها أنها أحق الأطراف السياسية التي تستحق كسب القضية السورية لصالحها، وانتهاء القضية السورية لصالح الثوار السوريين هو من صالح تركيا، تُركيا لا تريد من سوريا دولة تابعة وموالية، كما تسعى الخطة الروسية، بل تريد دولة سورية مجاورة حائزة على سيادة وطنية كاملة على برها وجوها وبحرها، لأن تركيا تستطيع تأمين حدود ونفسها مع دولة ذات سيادة وطنية كاملة، ولكنها لا تستطيع تأمين حدودها في ظل انعدام السيادة الوطنية وتعدد العناصر الفعالة على الساحة".
وفي شأن متصل، نقلت جريدة يني شفق، عن مستشار رئيس الوزراء الاقتصادي محمد شيمشيك، قوله: "نحن لا نهدف إلى تضخيم الصراع السياسي والاقتصادي مع روسيا، ولكن إن استمرت روسيا على هذا المنحنى، فإننا سنضطر لاتخاذ الخطوات اللازمة لصدها بالسبل الدبلوماسية، وسنغير من بوصلة العلاقات التجارية معها".
هذا وبين الباحث السياسي "علي بيرام أوغلو"، الكاتب السياسي في جريدة يني شفق، في مقاله "القلق من العُزلة"، أن "الصراع التركي الروسي بات جليًا ولا يحتاج إلى عدسة مكبرة لرؤيته بوضوح، وفي هذا الإطار تحاول روسيا إضفاء العُزلة السياسية والدبلوماسية على تركيا، مُتهمةً إياها بأنها "دولة تدعم الإرهابيين، وتشتري منهم الوقود وتقدم خدمة التسويق لهم"!!، وتدقق روسيا في هذا الاتهام على جعل داعش هي الجماعة الأساسية التي تحظى بتعاون "وثيق" مع تركيا، لكسب تعاطف دولي أكبر معها ومع تحركها العسكري في روسيا".
ويردف بيرام أوغلو قائلًا إن "روسيا تظن بأنها بدعايتها الإعلامية السوداء ستكسب تعاطف العناصر الدولية الفاعلة في سوريا، ولكن يبدو أن هذا صعب المنال بالنسبة لها، لأن تركيا تقف إلى جانب التحالف الدولي الذي يشكل كتلة، وروسيا تقف إلى جانب مصالحها ومصالح الأسد الذي يشكل كتلة أخرى مختلفة تمامًا، الصراع بين الطرفين، وإن هدأت جذوته، سيبقى مستمرًا ضمنيًا إلى أن يستطيع أحدٌ منهما تحقيق مآربه".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!