
ترك برس
أعلنت بعض قيادات حزب العمال الكردستاني "الكردي المُسلح" في تركيا، بعض المناطق في جنوب شرقي وشرقي تركيا مناطق "كردية" مستقلة ذاتيًا، وبينت أنها لن تسمح للعاملين في الدولة التركية بالدخول إلى تلك المناطق إطلاقًا، وردًا على هذا التحرك أعلنت الحكومة التركية بتاريخ 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015، عن بدء عملية عسكرية شاملة لاستئصال جميع عناصر حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" المتمركزة في المدن ذات الكثافة الكردية بشكل كامل.
ووصف الخبير في مجال قضايا الإرهاب "نهاد علي أوزجان"، في مقاله "نظام الوصاية وبي كي كي"، التحركات التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني بأنها "مغامرة خطيرة" يقوم بها حزب العمال الكردستاني أملًا في الحصول على الاستقلال الذاتي.
وأشار أوزجان إلى أن ما يقوم به حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" من إعلان استقلال والتحدي الواضح للحكومة التركية، لا يخدم المصلحة الكردية إطلاقًا، وذلك لأن الحكومة التركية حاربت حزب العمال الكردستاني لمدة 35 عامًا ولن تنصاع له في نهاية المطاف، من خلال سياسة "لوي الذراع" التي يمارسها ضد الموظفين المدنيين والعسكريين التابعين للدولة التركية.
ويوضح أوزجان أن "حزب العمال الكردستاني يسعى من خلال هذه السياسة، الحصول على حق الاستقلال الذاتي، ولكن الحكومة التركية هي حكومة "وطنية مركزية" قائمة على أساس الدولة المركزية الواحدة، ويُعتبر هذا المبدأ الذي تتحلى به الحكومة التركية ليس وليد العصر، بل قديم ومنغرس بجذور قوية داخل أركان الدولة التركية، إذ تواكب غرسه مع اليوم الأول لإقامة الجمهورية التركية".
ويضيف أوزجان أنه "لا يمكن للحكومة التركية أن تأذن لحزب العمال الكردستاني في أي حال من الأحوال أن يقيم استقلاله "الكونفدرالي" المنشود، ولكن يمكن أن تتفاوض بنفس طويل ليتم تقديم كافة الحقوق المطلوبة للمواطنين الأكراد في تركيا، كانت هنالك فرصة عظيمة بيد حزب العمال الكردستاني وقيادته ولكن لم يتم تقييم هذه الفرصة بالشكل المطلوب".
وفي دراسة أكاديمية بعنوان "حل المشكلة الكردية في تركيا"، يُشير الباحث السياسي "صادق جان" الذي اتبع أسلوب البحث الميداني خلال إعداد دراسته، إلى أنه ووفقًا للانطباعات التي حاز عليها، فإن تأسيس استقلال ذاتي في تركيا ليس المطلب الأساسي للأكراد، لأن الكثير منهم بل معظمهم يرى من تركيا دولته وموطنه ولا يرغب في أن يتم تأسيس موطن بديل له، ولكن على صعيد آخر، يؤكد المواطنون الأكراد على حاجتهم الشديدة للمزيد من الحقوق التي تكفل لهم نشاطهم السياسي والاقتصادي والعلمي بشكل أكثر ديمقراطية وأكثر حرية".
ويوضح جان أن المواطنين الأكراد يعون تمام الوعي أن تأسيس الاستقلال الذاتي ليس بالعملية السهلة في ظل الترابط العسكري للجيش التركي، منوهًا إلى أن المواطنين الأكراد يرون أن الاستقلال الذاتي ليس الحل الأمثل لحل مشكلتهم، بل يؤكدون أن حل مشكلتهم يتم من خلال إعطائهم الحقوق المطلوبة.
ومن جانباه، تقول الكاتبة التركية "إيزجي باشاري"، في مقالها "عملية السلام وحزب العمال الكردستاني"، إن "عملية السلام أظهرت عدم جدية حزب العمال الكردستاني الذي يدعي النضال من أجل نيل حقوق المواطنين الأكراد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية، إذ أن انقلابه على عملية السلام بشكل مفاجئ عقب انتخابات 7 حزيران/ يونيو 2015، كشفت ركاكة ادعائه حول النضال الذي يقوم به".
وتردف باشاري أن "الحقوق والحريات المطلوبة للمواطنين الأكراد تم تحقيقها بشكل كامل خلال عملية السلام الداخلي، ولكن انقلاب حزب العمال الكردستاني عليها، سلط الأضواء على مأربه الخطيرة في إقامة كيان كردي مستقل ذاتيًا في جنوب شرقي وشرقي تركيا، ولكن هذا لا يمكن أن يتحقق في تركيا التي تحظى بجيش قوي وتكاتف شعبي وطني".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!