كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

تسعى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا إلى تطبيق مشروع "إسرائيل الثاني" بدولة كردية عبر تحريك الأقليات الكردية التي تعيش في سوريا والعراق وإيران وتركيا، فمشروع دولة كردستان لم يكن وليد الربيع العربي، بل كان مشروعا خُطط له وأُعد قبل ذلك بكثير، لكن الأحداث المتسارعة والأوضاع المواتية التي أنشأها الربيع العربي عجلت في خطوات هذا المشروع، ولهذا لم نستغرب تصريحات المسؤولين الأمريكان عندما قالوا إنهم متوافقون ومتفقون مع حزب الاتحاد الديمقراطي؛ لانهم أصلا هم من أوجدوا هذا الحزب، أفلم تسمعوا من قبل كلام شقيق القيادي في حزب العمال الكردستاني عثمان أوجلان عندما صرح في 2003 وقال إن أمريكا ستتكفل بإنشاء دولة كردستان؟

إن عملية انشاء دولة ما لا تكون في يوم أو سنة، بل هي مهمة تستغرق الوقت الطويل والخطوات التحضيرية الكثيرة، فلا حزب العمال الكردستاني ولا غيره من الأحزاب قادر على إقامة دولة لوحده، إذا كيف فكر الحزب وفرعه السوري بمثل هذا المشروع وهو أحقر من أن يطاله؟ عندما أعلن حزب العمال الكردستاني أنه سيقيم دولة كردستان في سبعينات القرن الماضي ظننا حينها أنه العنصر الوحيد في الصورة الذي يخطط لمثل هذا، لكن الحقيقة المرة أظهرت أن الجزء الآخر في الصورة تمثل بالدعم الخارجي الأمريكي والبريطاني.

لا ينبغي أن نتوه عن الحقيقة بين كل هذه اللحظات التاريخية، فلم يكن خروج تنظيم داعش سببًا في إنشاء وقيام حزب الاتحاد الديمقراطي، كما لم يكن هدف التحالف الثنائي بين أمريكا وحزب الاتحاد الديمقراطي محاربة داعش، بل إن التحالف الأمريكي مع حزب العمال الكردستاني وفروعه الأخرى كان لمحاربة ومواجهة تركيا، فأمريكا هي من وضع الأساسات الاستراتيجية لحزب العمال الكردستاني في سنجار وكوباني حتى بات الحزب قادرًا على شن حرب في المناطق الجنوبية الشرقية للبلاد. لم يكن ليملك حزب العمال الكردستاني ولا ذراعه السياسي حزب الشعوب الديمقراطية أي شجاعة وجرأة لمواجهة وتحدي الدولة التركية لولا الدعم الأمريكي المفتوح الذي تكفل بالمهمة.

يجب أن تكون علاقتنا الثنائية مع أمريكا قائمة في ظل كل هذه الحقائق، فبينما تدعي الولايات المتحدة الأمريكية بان حربها ضد داعش نراها وهي تنسق وتتحالف في عمل عسكري منظم مع روسيا تضر به المعارضة المسلحة، وفي حال سقطت حلب لن يكون السبب في ذلك هم الروس ونظام الأسد فحسب، بل ستكون أمريكا والتحالف الغربي هو الطرف الآخر في سقوطها بيد الدب الروسي؛ لأن ذراعهم الكردي على الأرض هو من يُضعف المعارضة المسلحة ويقاتلها، ولأن أمريكا والتحالف الغربي سمحوا لروسيا والنظام السوري بقطع خط إمدادات المعارضة مع تركيا.

عندما انفجرت الأوضاع وانتفض الناس في سوريا في بدايات عام2011 كان الموقف الأمريكي يضغط على تركيا من أجل منع بقاء الأسد، لكننا الآن نرى الموقف الأمريكي قد تغير وتحول ليتحالف مع الروس والإيرانيين من أجل تعزيز إمكانيات بقاء الأسد، وبهذا نرى الوجه الحقيقي لأمريكا والذي تمثل باستخدامها للوكلاء من اجل إيجاد قوى جديدة ودول وليدة، وهو ما بات يُحتّم على تركيا بأن تقطع حبلها السرّي بنفسها، وتنطلق بسياساتها الجديدة في الشأن السوري والتي تعتمد على إمكانياتها وقدراتها الخاصة.

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس