خير الدين قرمان - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

الذين يشعلون النيران، والذين يسكبون البنزين على النار، يَعِدون الشعب الذي يريد العيش بهدوء وطمأنينة وسكينة، يعدونه بالاستقطاب، ويَعِدون الدولة بكل أشكال الضرر على الصعيد المجتمعي لهذه الآفة. البعض منهم يبرر عملية الاستقطاب هذه، والبعض منهم يقف إلى جانب أحد القطبين ويتهم القطب الآخر بالذنب والخيانة، وبعضهم يقف في المنتصف ليميّز بين ما يجب أن يكون وما كان، من خلال إيجاد أفضل الطرق للخروج من حالة الاستقطاب هذه ويقدم نصائحه الثمينة.

بعض الكتاب الذين انزعجوا من الاستقطاب، حاولوا في الأيام الأخيرة الكتابة عن هذه الآفة وحاولوا إيجاد أنسب الطرق للخروج من مأزق كهذا سيؤثر سلبيا على الدولة والمجتمع. وسأعمل على اقتباس نصيّن من مقالتين ثم سأكتب وجهة نظري بعد ذلك:

"اليوم تركيا بجميع المؤثرين فيها، وبجميع سياسييها وصحفييها والملتزمين دينيا فيها وكذلك بشبابها وبكل عناصر المجتمع الأخرى أصبحت رهينة للاستقطاب السياسي. ولا أحد من الواقعين في هذا الاستقطاب يحاول البحث عن طرق للخروج منه، أو يقدّم نصائحه للطرف الذي يؤيده للتخلص من هذه الآفة.

المخرج من هذا المأزق يرونه في هزيمة الخصم، وإهانته، وجعله يتراجع سنوات إلى الوراء، هذه رؤيتهم، بل الأصح هكذا طغى العمى عليهم.

والصحافة معروف دورها، الكتّاب حادّون جدا، والشباب غاضبون.

الغضب والاستقطاب كالذئب الجائع، يمسح ويأكل كل شيء أمامه وينهيه.

فهذه المسألة مهمة جدا بالنسبة لتركيا جنبا إلى جنب مع مشاكلها السياسية الأخرى مثل القانون الأساسي، والاقتصاد، والسياسة الخارجة، وداعش وغيرها.

يجب أن يكون هذا الموضوع ضمن الاهتمامات الرئيسية للحكومة ولكل اللاعبين في الشأن التركي، من أجل تخفيف حدة الغضب، وتقليل الاستقطاب" (علي بيرام أوغلو 13-9) .

أما الكاتب الثاني فيقول: "نوعان مختلفان من الأشخاص، حتى لو كانوا في مكانين مختلفين أيضا فإنهم ينتمون لنا، ومهما كانت أخلاق الشخص الذي أمامنا ومهما كانت ردة فعله تجاه تصرفاتنا معه، إلا أنه ينتمي لهذه الدولة ومن مواطنيها.

لم نُجبر حتى الآن على العيش سويا متحدين في نفس الأخلاق والمشاعر على مستوى المجتمع. لهذا على السياسيين أن يتخذوا إجراءات تخفف وتسهل الاندماج المجتمعي المدني.

وانتظار ذلك من المعارضة "العلمانية" القومية لا معنى له. لأنهم يعتقدون أن القبول بذلك يعني قبولهم بهزيمتهم، وتطبيع العلاقة مع المجتمع بطبيعته الحالية بالنسبة لهم سيكون الخسران المبين. سيشكون من عملية الاستقطاب، لكنهم لن يطلبوا تطبيع العلاقات أبدا.

على الحكومة أن تعمل مع مؤسسات المجتمع المدني ومع الخبراء الاجتماعيين من أجل التعامل مع هذه المشكلة –مشكلة الاستقطاب- بصورة أكثر جدية، وعليهم عدم القيام بأي خطأ قد يساهم في تعزيز حالة الاستقطاب.

ونحن نقول أنه لن يخسر أحد بذلك، بل الجميع سيربح وسيكون من مصلحة الجميع انهاء حالة الاستقطاب على الفور". (ماركار إصيان 14-9).

في النص الثاني فَصَل الكاتب بين من "يريد إيصال الماء للجميع وبين من يكسر شبكات إيصال الماء" وأنا أوافق الكاتب في هذه الجزئية. أما النص الأول فقد وجه الكاتب النداء للجميع.

لا يمكن حل هذه المشكلة من خلال طلب المساعدة من أطراف الاستقطاب أنفسهم. لكن الطريقة الأمثل وربما الوحيدة لتقليل الاستقطاب تتم من خلال إيجاد مجتمع يسوده السلام والمحبة والطمأنينة لإجبار القطبين على السير مع ما يريده المجتمع من وحدة واتحاد ورفض للاستقطاب.

عن الكاتب

خير الدين قرمان

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس