سيفيل نوريفا – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

إذا أغفلنا المواقف السياسية المشكلة والإجراءات الاستفزازية السابقة، فإن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الإيراني روحاني في أنقرة حملت مضامين هامة.

ليس من الصعب فهم إلى أي حد كانت تركيا محقة منذ البدايات، ولا إدراك أن الانتقادات التي نادت بأن تركيا تجنح نحو الوحدة بالإضافة إلى الجدول الذي وصل في الأيام الأخيرة، إلى أي مدى كانت كلها مجرد عبارات قيلت مبكرا ودون تحليل.

يمكننا أن نرى تطبيق ذلك في الحالة الروسية والإيرانية.

روسيا التي كانت تنتظر أن ترجع تركيا خطوة إلى الوراء في الأزمة الأخيرة، وعندما لم تستطع أن تحصّل ذلك بدأت بالتصعيد، يمكننا اليوم أن نرى إشارات عزمها على إعادة تصحيح موقفها الخاطئ.

الموقف ذاته تبديه إيران. فبالرغم من أنها لم تشتبك مباشرة مع تركيا كما فعلت روسيا، فقد عملت بمنطق سياسي، غير أن المواقف غير العادلة التي أظهرتها إيران نحو تركيا، كانت تحمل مشاعر العداء بشكل متصاعد.

ولكن اللغة التي استخدمها الرئيس الإيراني في أثناء زيارته لأنقرة احتوت على إشارات تدل على رغبته في تسوية العلاقات وتحسينها.

لم يكن منطلق إيران إدراكها للدور التركي في المنطقة، بل لإدراكها أن العداوة لتركيا لن تثمر نتيجة سياسية في المنطقة أبدا.

إيران دولة مهمة، ولا شك فإننا نأمل في أن لا تقول عند جلوسها إلى طاولة المحادثات قولا مختلفا عن ذلك الذي تقوله بعد انصرافها عنها. هذا من الفروق الدقيقة التي تجعل من إيران دولة منفّرة.

مع الأسف، فإن الدعم الإيراني لحزب العمال الكردستاني، وإعجابها وتقاربها مع أرمينيا، وحمايتها ودفاعها عن الأسد، تلقي بظلالها على كثير من مواقفها في العالم الإسلامي.

إيران وعبر دعمها للمواقف الروسية في منطقة الشرق الأوسط، سببت اهتزازا لصورتها. حتى أنها وبمجرد خروجها من الحصار الدولي تدعم مواقف كهذه فإنها تقدم تبريرًا للمخاوف تجاهها.

بالطبع فإن التصريحات التي أدلى بها الرئيس روحاني في أنقرة مهمة، وحيوية لدوام العلاقات.

تعال وانظر، إن لم تتزين هذه الأقوال بأفعال، فإن هذه التصريحات سيطويها التاريخ كتصريحات خالية من المضمون.

ولأن الصعيد الداخلي متأزم، فإن موافقة روحاني على النظام الذي سيتم إنشاؤه ضمن الاتفاقيات الجمركية المشتركة في إطار السياحة والطاقة، مبهمة ولا يمكن التكهن بها.

هذا البعد الاقتصادي لا شك بأنه حيوي بالنسبة لإيران، وسيلعب دور الضمان في تعزيز العلاقات الثنائية، والأهم على هذا الصعيد، هو مضمون المبادئ التي ستقدمها إيران على الصعيد السياسي.

لا يؤاخذنا أحد على موت الناس الذين يقتلون يوميا في سوريا، ولكن إيران تعمل على إنشاء شراكة عبر ما تقدمة من مواقف.

وللإجابة على الأسئلة المتبادرة حول إرادة إيران لخلاص العالم الإسلامي ونجاته أم لا، لا بد من وضع هذه المواقف نصب الأعين، وإلا فإن قدر هذه المنطقة سيكون مشتركا مع تغييرات المناطق الأخرى.

ولتحسين العلاقات مع تركيا، فإن إيران بالطبع تظهر أهمية لنجاة وسلامة تركيا والمنطقة. لكن الأمر الأساسي هنا:

هل سيكون بمقدور إيران – التي خرجت بنتائج سلبية من اختبار المودة هذا – توضيح مبادئ وحدود المرحلة الجديدة؟

وعلاوة على ذلك، هل ستكون هذه المبادئ والمحددات، دليلا لمستقبل العالم الإسلامي فقط؟ أم أيضا لمصالح إيران؟

هذا سيوضّحه روحاني والإدارة الإيرانية من خلال ما سيتّبعونه من سياسات في المرحلة المقبلة.

هل يا ترى، ستستطيع إيران توحيد أفعالها في وقت الرخاء، مع أقوالها في وقت الشدة؟

بكل تأكيد، فإن المرحلة المقبلة ستظهر من سيجتاز هذا الاختبار للصداقة والمودة، ومن سيرسب "ويبقى في الصف نفسه".

عن الكاتب

سيفيل نوريفا

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس