عبد الله مراد أوغلو – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

بعد انتهاء الحكم العثماني وجلائه عن المناطق والولايات العربية تحولت أنظمة الحكم هناك إلى "أنظمة حكم بالتفويض" ثم إلى "أنظمة حكم بالوكالة"، فقد كانت تلك الأنظمة معدومة الرؤية والإرادة السياسية منذ نشأتها. ويقول بيري جين في كتابه "مأزق تنظيم داعش" إن المنظومات السياسية والاجتماعية والاقتصادية كانت ومنذ بداية أنظمة الحكم بالوكالة هدفا من قبل صفوة القيادة، وإن الهدف السياسي الوحيد لوجود تلك الصفوة هي إدامة استمرارية هذا الإخضاع.

ومن أجل استمرار تلك النخب السياسية والاقتصادية على رقاب ومقدرات تلك الأمم كانت تنفذ أجندات القوى الخارجية وتسيطر على الداخل بالرشوة، فزودت القوى الخارجية بكل ما تطلبه ولم تترك في ذلك أي خطوط حمراء، كما أرست أساسات حكمها بالرشاوي التي يتم دفعها للأطراف المختلفة. ومن أمثلة ذلك الحرب العربية الإسرائيلية، فالعلاقة بين العرب وإسرائيل هي مطلب أساسي لكن وفي نفس الوقت يجب أن يكون هنالك حراك في إطار إيقاف الاحتلال الإسرائيلي، فتم من أجل ذلك إشعال حرب 1967 بين مصر وإسرائيل. وفي مثال آخر نرى منطقة الجولان وكيف أثّرت وبشكل مباشر في حفاظ الأسد على حكمه. وكذلك نرى التدخل الأمريكي في حفظ التوازنات عندما طردت النظام السوري من لبنان. وفي أحدث مثال على تلك الرشاوي ما تم تقديمه للروس بقاعدة طرطوس مقابل تدخلها السياسي العسكري في سوريا.

كانت رشوة أنور السادات لإسرائيل هو اتفاقه معهم في كامب ديفيد، وكان المقابل هو رشوة خلع الرئيس المنتخب محمد مرسي. أما لو أردنا التحدث عن أكبر رشوة تُقدمها أنظمة حكم الوكالة فهي منعها كل جهود التعاون والتوحد بين الدول العربية والإسلامية والحفاظ على حالة الانقسام والتشرذم. فبهذه الأساسات وبتقسم القوى داخليا وبطرح رؤية "لا حل ولا مخرج" تحكم أنظمة حكم الوكالة قبضتها على رقاب الشعوب، وكرد فعل على كل هذا الظلم كان الربيع العربي.

حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية فإن الدول التي شهدت الربيع العربي باتت تعاني من انهيار جديد، فبينما كان يُؤمل من نتائج الربيع العربي انخفاض الرشوات وتوفر الحلول؛ حدث العكس تماما، فحسب الإحصائية التي أجريت على تسع دول فإن شخصا من كل ثلاث أشخاص يتلقى رشوة، وبعد عامين على عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان يرى 9 لبنانيين من أصل 10 أن الوضع السياسي بلا حل، لتظهر وبالأرقام زيادة كبيرة في نسب الرشوات وعجز الحلول في كل من لبنان واليمن والأردن وفلسطين وتونس والسودان والجزائر ومصر والمغرب. وبينما كان الحال في الربيع العربي هو هزة بسيطة نتيجة الضغوط والفساد، حيث أثارت هذه الهزة عواصف في المنطقة شاهدنا آثارها الوخيمة، فإن الحال لو استمر على ما هو عليه من دون إيجاد منظومات حل سليمة فإننا نتوقع حدوث زلزال بقوة 10 رختر يجتاح المنطقة حتى يفتك بها.

عن الكاتب

عبد الله مراد أوغلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس