ترك برس

أجرت الصحفية التركية لدى صحيفة خبر ترك "ملتم أرسوي" لقاء صحفيا مع العالم التركي "عزيز سنجار" الذي حاز على جائزة نوبل في مجال الكيمياء، في كانون الأول/ ديسمبر من العام المنصرم، تمحور حول الحياة الخاصة بسنجار التي أوصلته إلى جائزة نوبل.

ـ ملتم: تدعون الشباب إلى الخوض في الأبحاث العلمية العميقة، شيء جميل ولكن في عالمنا وفي تركيا خاصة، يُنظر إلى العالم أو الباحث على أنه فقير يعيش حياة عادية، وفي إطار تلك النظرة، كيف يجب أن تكون العلاقة بين المال والعلم على حد اعتقادك؟

ـ سنجار: في الحقيقة، أتحدث عن نفسي هنا وأقول لو أني اخترت مهنة أخرى لأصبحت اليوم مليارديرا، ولكن ما دفعني إلى اختيار مجال العلوم الطبيعية هو رغبتي الشديدة في اكتشاف أسرار الطبيعة. الرغبة في البحث العلمي عنصر نابع من القلب، يحتاج إلى تضحية وفضول، عمل يُخاض لتقديم الخدمة والخير للوطن والعالم، لذلك لا أرى علاقة بين المال والعلم، فلا تجرى الأبحاث العلمية من أجل المال، وهذا ما يجب أن يضعه الجميع نصب عينيه.

ـ ملتم: هل يجب أن يكون العالم ذا تفكير مثالي؟

ـ سنجار: أنا لا أعرف نفسي على أني رجل مثالي أو أفكر بشكل مثالي. نعم عملت بجد من أجل عائلتي ووطني وبذلك كان لدي هدف مثالي، ولكن هذا أمر لا علاقة له بالأبحاث العلمية، فالأبحاث العلمية بحاجة إلى فضول ورغبة في اكتشاف الطبيعة ومحاورها، وهذا ما دفعني أنا وزملائي العلماء للدخول في مختبرات الأبحاث لفترة طويلة. النظر إلى الجانب الاقتصادي للأبحاث العلمية لا يشجع على إجرائها بل يقف عائقا أمامها، إذ سيترك العالم الأبحاث التي يعتقد بأنها غير مجدية ماليا، ولكن النظر من جانب فضول علمي بحت سيحفز العلماء على إجراء العديد من الأبحاث بمعزل عن التفكير المادي، وأذكر مثالا مهما على ما أقول: قام بعض العلماء بتطوير مادة تُسمى "سي أريس بير" تعمل على تغيير جينات الحمض النووي، طورت هذه المادة من قبل علماء حيويين كانوا يجرون أبحاثهم على البكتيريا، لو سألنا هؤلاء العلماء قبل 5 سنوات "هل تعتقدون بأن هذا المشروع سيعود عليكم بمردود وفير؟"، لقالوا "لا، نحن لا ننتظر المردود المادي، بل نقوم بذلك من أجل اكتشاف أسرار العلوم الحيوية،" ولكن عند النظر إلى مشروعهم نرى أنه أصبح يساوي الآن 10 مليار دولار. الأبحاث العلمية تتم بناء على الرغبة، ولكن هذا لا ينفي إمكانية الحصول على عائد مادي جيد منها بعد تحقيقها النجاح المنشود.

ـ ملتم: هل تغيرت جوانب حياتك المادية والمعنوية بعد حصولك على جائزة نوبل؟

ـ سنجار بابتسامة: من ناحية مادية حياتي لم تتغير كثيرا فراتبي ما زال كما هو، أما معنويا فقد أسعدت وطني وأهلي، وتعرف علي الشباب، وبدؤوا يهتمون بمتابعة أعمالي وأبحاثي، ولذلك أرى أن الجانب المعنوي لحياتي ازداد ثراء، وأنا سعيد جدا بهذا الثراء، أما على الصعيد المادي فلم أكن انتظر الكثير، وما زلت أعمل في مختبري.

ـ ملتم: هل ترى أن الاستثمار الحكومي التركي في مجال الأبحاث العلمية كافٍ، ولو كانت تركيا في الماضي هي تركيا اليوم هل كنت ستذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟

ـ سنجار: لا أعتقد أن الاستثمار الحكومي كاف بما يحتاجه الباحث، ولو كنت الآن شابا في تركيا الحالية، لذهبت إلى الولايات المتحدة الأمريكية من جديد، ولكني أرى أن الوتيرة التي تسير عليها الحكومة التركية ستمكن الجيل الحالي بعد خمس سنوات من الآن من إجراء أبحاثه العلمية في تركيا دون الحاجة للذهاب إلى الخارج، وأتمنى أن تملك تركيا بعد عشرة القدرة على منافسة أوروبا وأمريكا.

ومن الجدير بالذكر أن عزيز سنجار هو مواطن تركي حائز على جائزة نوبل للكيمياء لعام 2015، وهو من مدينة ماردين الواقعة في جنوب شرق تركيا، وقد تربى في عائلة فقيرة يبلغ عدد أفرادها 10، الأب والأم و8 أخوة، عزيز كان السابع منهم، ومع مُضي الأيام ومع إصرار عزيز على النجاح وصل به المطاف إلى أن يحظى بجائزة نوبل للكيمياء.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!