جلال سلمي - خاص ترك برس

ذكرت وسائل الإعلام التركية يوم الجمعة 13 أيار/ مايو 2016، أن وزير الاتحاد الأوروبي التركي "فولكان بوز كير" رجع بخفي حنين، إن جاز التعبير، من لقائه مع مسؤولين أوروبيين رفيعي المستوى، حيث صرح بأن أمل رفع التأشيرة عن المواطنين الأتراك ضئيل جدا.

وعند النظر إلى السبب وراء عدم رفع الاتحاد الأوروبي لتأشيرة شينغين التي وعد برفعها في إطار اتفاقه مع تركيا فيما يتعلق بأزمة اللاجئين، يُلاحظ أنه عدم موافقة تركيا على بعض المعايير التي اشترطها الاتحاد الأوروبي عليها في سبيل رفع التأشيرة.

وكان قانون الاتحاد الأوروبي الخاص بالإرهاب أحد المعايير الخمسة التي لم توافق تركيا عليهم من بين 72 معيار أو شرط لرفع التأشيرة.

وتنص المادة من قانون الاتحاد الأوروبي الصادر بتاريخ 13 حزيران/ يونيو 2002، على أن "مكافحة الإرهاب يجب ألا تشمل التضييق على حرية التعبير والصحافة وتأسيس منظمات المجتمع المدني." بمعنى ستحارب الأشخاص الذين يثبت ضلوعهم في الأعمال الإرهابية بنسبة 100%، أما الصحفيون والقضاة ورجل الأعمال والنواب فلا يمكن التعرض لهم، "حتى لو كانت بعض أنشطتهم تخالف رؤية الدولة في محاربة الإرهاب"، وهذا ما ترفضه تركيا وبشدة، ولكن لماذا:

ـ تركيا ترفض ذلك؛ لأنّ الاتحاد الأوروبي لا يقبل بحزب الاتحاد الديمقراطي "الكردي السوري" الذي أثبتت العديد من المنظمات الدولية ضلوعه السافر في أعمال إجرامية إرهابية ضد المواطنين السوريين غير الأكراد العزل، بينما تركيا تراه حزبا إرهابيا بمعايير قانونية دولية وبمعايير سياسية استراتيجية، إذ يشكل العنصر العسكري الإرهابي الأكبر في دعم حزب العمال الكردستاني "التركي الكردي" الذي يخطط للانفصال عن تركيا بشكل ذاتي، وهذا يعني أن الطرفين ليس لديهما تناغم في قوائم تعريف المنظمات الإرهابية.

ـ تركيا ترفض ذلك؛ لأنّها تحارب حركات إرهابية انفصالية، فلا يُعقل أن تطبق قانون الاتحاد الأوروبي للإرهاب، وتترك وسائل الإعلام التي تشكل غطاء إعلاميا، ورجال الأعمال الذين يشكلون غطاء اقتصاديا، ونواب البرلمان الذين يشكلون غطاء سياسي لمنظمة إرهابية انفصالية تهدد أمن المواطنين واستقرار البلاد الاستراتيجي أحرار طُلقاء، على حد تعبير الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في إطار رده على مطالب الاتحاد الأوروبي بذلك.

ـ تركيا ترفض ذلك؛ لأنّها ترى نفسها في رحى حرب بالوكالة ضروس تخوضها ضدها العديد من الدول بأيدٍ إرهابية، لذا تعتقد أن محاربة كل عنصر له علاقة بتلك الحرب سواء من بعيد أو من قريب سيجنبها الكثير من التكاليف، وهذه هي النقطة الأساسية التي يرفضها قانون الاتحاد الأوروبي الذي لا يقبل محاكمة النواب والصحافيين وإن كان لهم نصيب من الدعم الإعلامي أو السياسي لهذه المنظمات.

ـ تركيا ترفض ذلك؛ لأنّها تؤكّد أنه من حقها الطبيعي محاربة الإرهاب بالصورة التي تريد، مستندة في ذلك على مواد ميثاق للأمم المتحدة، والتي تكفل لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد أي خطر بالوسيلة المناسبة، ولكن دون انتهاك حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن حربها تسير في إطار قانوني دولي، ولا يمكن لها القبول بقانون الاتحاد الأوروبي الذي يعيق تحركها في محاربتها للإرهاب.

هذه الأسباب التي تدفع تركيا إلى رفض قانون الإرهاب الأوروبي، ويستنتج من حديث وزير الاتحاد الأوروبي التركي بأن تركيا لن تقبل إطلاقا بقانون الاتحاد الأوروبي في ظل خوضها لغمار حرب وطيسة مع حزب العمال الكردستاني وداعش.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس