ترك برس

رأى الكاتب والأكاديمي الفلسطيني، عبد الستار قاسم، أنه ثمة أمران تم إغفالهما في الانتقادات الواسعة التي تتعرض تركيا من قبل المعارضين للتطبيع مع الصهاينة بسبب توقيعها الاتفاق الأخير مع الكيان الصهيوني.

وأشار "قاسم" في مقال له نشرته "الجزيرة نت"، من الأطراف المنتقدة تقول إن تركيا تفتح بابا جديدا للتطبيع مع الكيان، وهي تشجع الدول العربية والإسلامية على التطبيع أو الاستمرار به بالنسبة للدول المطبعة، مبينًا أنهم يخلصون بذلك إلى نتيجة مفادها أن تركيا التي قالت إنها مع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني تؤدي بهذا الاتفاق خدمة للصهاينة على حساب الشعب الفلسطيني.

وقال الكاتب إن الأمر الذي تم إغافله، هو أن تركيا لم تكن يوما ضد التطبيع مع الصهاينة، ومن المعروف أنها كانت ثاني دولة إسلامية تعترف بالكيان الصهيوني عام 1949 بعد إيران الشاهنشاهية، لافتًا أن تركيا وبقيت ثابتة عند هذا الاعتراف وعملت على تطوير علاقاتها الاقتصادية والسياسية والسياحية مع الكيان، وطورت تعاونا في المجالين العسكري والأمني. ولم تتأثر العلاقات إلا منذ ست سنوات بسبب الهجوم الصهيوني على سفينة مرمرة التركية.

أما الأمر الثاني بحسب "قاسم"، فهو أن الفلسطنيين على المستويين الشعبي والرسمي هم أكثرهم تطبيعا مع العدو الصهيوني، وأن أغلب البلدان العربية لحقت بهم وبدأت تقيم علاقات تطبيعية مع هذا العدو.

ولفت إلى أن المستوى الرسمي الفلسطيني لا يخجل من إقامة علاقات أمنية مع الصهاينة، ولديه الاستعداد دائما لاعتقال فلسطينيين والتنكيل بهم دفاعا عن الأمن الصهيوني، وإذا كان لمعارضي التطبيع الذين أعتبر نفسي منهم أن يوجهوا سهاما ضد المطبعين فإنه يجب توجيهها نحو السلطة الفلسطينية أولا ونحو البلدان العربية ثانيا.

وذهب "قاسم" إلى أن ربط العلاقات الجدلية بعضها ببعض يشكل الأساس الأقوى للتوصل إلى النتائج الصحيحة، والكاتب أو السياسي الذي لا يعرف في العلاقات الجدلية أو طريقة ربطها لا يستطيع أن يصل إلى الاستنتاج الصحيح.

وأضاف: "حقيقة ساطعة أن تركيا عضو في حلف الأطلسي، والحلف مرتبط بطريقة أو بأخرى أمنيا وعسكريا بالكيان الصهيوني، وشئنا أم أبينا ترتبط تركيا بصورة مباشرة وغير مباشرة أمنيا وعسكريا بإسرائيل"، مبينًا أن الارتباط الأمني والعسكري أقوى بكثير من الارتباط الاقتصادي والسياحي، وليس من السهل فضه.

وأشار أنه إذا كان لتركيا أن تفض التزامها الأمني تجاه الصهاينة فإن عليها الخروج من حلف الأطلسي، وما دامت تركيا تحافظ على عضويتها في الأطلسي فهي تحافظ على التزامها الأمني تجاه الصهاينة، وعلينا نحن ألا نفاجأ بتطبيع علاقات بعد ذلك.

وقال الكاتب الفلسطيني إن الحقيقة الثانية أن تركيا لم تغلق الباب أمام علاقاتها مع الكيان؛ هي أبقت الباب على مدى السنوات السابقة مواربا لكي تبقى فرصة الحوار مع الكيان قائمة. أي أنها لم تدر وجهها بعيدا عن الكيان بل أبقت ناظريها مسلطتين على إمكانية رأب الصدع الذي طرأ. تركيا لم تخرج الكيان من حساباتها، ووضعت شروطا لإعادة العلاقات إلى مجاريها. أي أن الاستعداد لعودة الأمور إلى نصابها بقي قائما.

ودعا لى ضرورة ألا يتوقع أحد أن يكون الأتراك أكثر فلسطينية من الفلسطينيين، مشيرًا أنه "من يطلب من الآخرين التضحية عليه أن يكون في مقدمة المضحين".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!