إرغون يلدرم - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

تشهد الجمهورية التركية ولأول مرة في تاريخها جماعة تحاول القيام بانقلاب باسم الدين، حاولت القيام بانقلاب وهي الجماعة الدينية التي تدعو الناس للدين وذكرُ الله دائما على ألسنتهم.

قصفوا مجلس الشعب، وأطلقوا النار على الشعب وحاولوا اغتيال رئيس الجمهورية.

مع أن هذه الجماعة تعرف بتنظيم الندوات والاجتماعات والحوارات في كل العالم منذ سنين وهي التي تطبع الكتب والمنشورات والمجلات وتؤسس الجمعيات الخيرية واختارت خدمة الإسلام اسمًا يُشرفها و كانت الأوساط الدينية في كل تركيا تقوم بأعمال الخير عن طريقها.

كيف تغيرت هوية هذه الجماعة الدينية إلى جماعة انقلابية؟ هذا أحد الأسئلة المهمة التي يجب أن نقف عندها مطولا، فمن المؤكد أن في هذه الجماعة جواسيس وعلاقات وارتباطات مخفية مع القوى الخارجية وغيرها، لكن بالتزامن مع هذه الأمور كانت تستدرج أطفال الشعب وتوجههم للدين باستعمال عبارات وشعارات دينية، ولهذا جعلت الشعب من حولها يتأهبون لخوض الحروب والمشجع الأكبر هو الدين وهذا يجعلنا نفهم توجه هذه الجماعة من الدين إلى الانقلاب مباشرة.

تشد انتباهنا بعض الخاصيات عند النظر إلى الأساسيات التي ترتكز عليها الغولانية في التنشئة من الدين:

أولاها: أن علماء الاجتماع والسياسة كلهم ومن بينهم العالم "جي. فولر" يرون أن استخدام الجماعة لمفهوم "الحركة الاجتماعية" يُعد أكبر خدعة للبشر، فإعلام غولن ينشر ويروج للفعاليات الاجتماعية التي تقوم بها الجماعة وبهذا الشكل تُظهِرُ الجماعةُ نفسها على أنها لا تتدخل في شؤون الدولة وتكرس نفسها لإصلاح المجتمع، فكان هذا العامل الأكبر في إكساب الجماعة مشروعية.

بيد أنه يوجد مبدأ أساسي تعلمناه في علم الاجتماع هو: أن مركز ثقل الحركات الاجتماعية هي الناس وليس الدولة، لكن جماعة غولن كانت تعين موظفين لها في الدولة وكانت تتسلل إليها مع أنها ليس لها حزب سياسي ولم تكن معارضة سياسية أو جمعيات سياسية، فقط همها الوحيد التسلل والتغلغل بمكر في مفاصل الدولة ولذلك كانت تخفي هذا قدر المستطاع.

هنا يتضح لنا المشهد أن هذه الجماعة تستخدم مبدأ الباطنية الشيعية والتقية واستخدمت هذا المبدأ حتى الرمق الأخير، فشُرِبَ الخمر وفُعِل الزنا والكذب وتم فعل الحرام حتى النهاية، وهذا كله من أجل فعل الثواب الأخير، وهذا الثواب الأخير بنظرهم هو السيطرة على الدولة وإنشاء نظامهم، ولأجل هذا الهدف داسوا على كل شيء حتى على الدين، هذه هي الباطنية التي تحدثنا عنها.

كانت الغولانية دينًا سياسيًا عميقًا، فهي جماعة سياسية كرست نفسها من أجل السيطرة على الدولة ولهذا كانوا يوصوننا بتطبيق "السياسة الأكاديمية"، ففي مساء أحد الأيام في أنقرة وعندما قال أحد البيروقراطيين "عندما أسس الأكراد أحزابهم ظهرت التنظيمات" احتديت وقلت له بقولك هذا تقسم الأكراد والأتراك لماذا تُعمّم على أن تنظيم بي كي كي من الأكراد، بعدها انسحبت وذهبت للغرفة وجاء أحد أتباع غولن ونبهني وطلب مني أن أتحرك حسب السياسة الأكاديمية.

أيضا توجد في الغولانية ماهية في شخصية غولن وهي التعظيم والتبجيل لاستخدامه لعلم الأخرويات، وما ينسجه من خيال من تفسير أحلامه التي يراها من رؤية النبي في منامه ولهذا السبب يسمعون كلامه وكأنه يتلقى كلامه من النبي مباشرة وفي هذا السياق دافع "علي أونال" عن فكرة عدم إمكانية انتقاد غولن بل وعن امتلاكه للعِصمة وهذا جلي عندما أعطى غولن لأتباعه الجدد أغراضه المقدسة وبهذا الشكل فإن غولن سيصبح مهديا.

وقد أرسل غولن رسالة خفية في محادثته الأخيرة طالبا من تابعيه الوقوف بحزم لأن الانقلاب مستمر، ومن جديد يبشر هذا الشخص الناس بالجنة مقابل إرسالهم للقاء حتفهم.

عن الكاتب

إرغون يلدرم

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس