شبكة الراصد

نتناول في هذه الدراسة الكيان الكبير والمستقل للعلويين في تركيا، حيث نستعرض عقائدهم ونشاطهم السياسي، ونعرف أوجه الالتقاء والافتراق مع العلويين في بلاد الشام وسوريا تحديدًا، حيث يرى بعض الباحثين أن فرقة البكتاشية هي نفسها فرقة العلويين في تركيا، في حين يرى البعض خلاف ذلك.

وينسب العلويون أنفسهم إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في حين أن التسمية التي لازمتهم هي "النصيرية" نسبة إلى أبي شعيب محمد بن نصير المتوفى سنة 270هـ.

أعدادهم وأصولهم

يغلب التضارب على حقيقة أعداد العلويين في تركيا، كون تعداد السكان في هذا البلد لا يتضمن الإشارة إلى دين المواطن أو مذهبه لأنهم يعتبرون ذلك مخالفا لمبدأ الدولة العلماني. إلّا أن مصادر رسمية تركية أكدت أنهم لا يزيدون عن خمسة أو ستة ملايين من مجموع سبعين مليون نسمة هم مجموع سكان تركيا حاليًا.

أما رئاسة الشؤون الدينية في تركيا فتقدر عددهم بسبعة ملايين علوي.

لكن العلويين يقولون إن نسبتهم تصل إلى الثلث أي أكثر من 20 مليون علوي، في حين يقدر البعض عددهم بـ 8 ـ 10 ملايين، وهذا الرقم يبدو قريبًا إلى الواقع إذ إنهم يشكلون حوالي 8 ملايين شخص أي حوالي 12%.

ينقسم العلويون في تركيا إلى مجموعتين: تعيش الأولى في المناطق القريبة من سوريا، وبشكل خاص في لواء اسكندرونة، وهذه المجموعة هي امتداد للعلويين في سوريا وبعض الدول العربية، ويصل عددهم حسب بعض التقديرات إلى 250 ألفًا، ويتواجدون بمعظمهم في لواء إسكندرون، وفي أضنة ومرسين، إضافة إلى عدة آلاف في اسطنبول وأنقرة. وهؤلاء لغتهم الأم هي العربية حيث كان يتبع لواء الاسكندرون سوريا فيما مضى، واللغة الثانية هي التركية.

والعلويون الآخرون يعرفون بـ"علويي الأناضول" ويتوزعون بين الأتراك والأكراد.

ويشكل العلويون الأكراد 35% أو أكثر من مجموع العلويين، ويتواجدون في محافظات بنغول، تونجلي، ارزنجان، سيواس، يوزغات، ايلازيغ، ملاطيا، قهرمان ماش، قيصري وتشوروم.

كما توجد أعداد منهم في محافظات أدي يمان، عازي غتاب، هاتلي (اسكندرون)، قبر شهر، نيفشهر، سموون وطوقات. وتتكلم هذه المجموعة الكردية، وكذلك يتكلم قسم منهم الزازانية.
أما العلويون الأتراك فيتواجدون في منطقة الأناضول الداخلي وفي غربه، مع تواجد قليل منهم على البحر الأسود. أما المحافظات التي يتواجدون فيها بكثافة فهي: سيواس، طوقات، يوزغات، نيفشهر، تشوروم، أماسيا، فهرمان ماراش وأورزخان.

كما يوجد علويون تركمان في مناطق قارص، وسيواس، ويوزغات، وتوكات، وأوردو، وتشوروم، وباليك أسير، ومانيسا، وإزمير وموغلا.

عقائدهم

يؤله العلويون الإمام علي بن أبي طالب صراحة، ويضفون عليه صفات الربوبية التي لا تجوز إلى لله سبحانه وتعالى، وتعد كتب الدعوة (بويروك buyrk) الأربعة - التي تتضمن ثلاث سنن وسبعة فروض، وهي الأوامر والنواهي للشعائر العلوية، من خلال الخطب والأنفاس. وهي أراجيز شعرية بشكل رباعيات على الأغلب ـ كتبًا مقدسة عند العلويين، ويحافظون عليها، ويمتنعون عن إطلاع غيرهم عليها. وتنصب هذه الكتب على تقديس الإمام علي والإيمان بألوهيته وقدراته الميثولوجية الخارقة، ومن تلك الأنفاس (مترجمة):

1ـ "هو الخالق المبدع للعرش والأرض والسماوات، ولهذا لم أجد إلهًا غير علي. إنه الخالق لعبده والمانح للأرزاق له، ولهذا لم أجد إلها غير علي".

وتطرق الباحث إلياس أوزوم إلى مفهوم "الله" عند الشاعر العلوي المتصوف بير سلطان عبدال وهو من شعراء القرن السادس عشر فيقول: إنه يؤمن بأن الله يتجسد في الأقانيم الثلاثة (الحق ـ محمد ـ علي). تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا، ويؤكد عقيدة التثليث هذه إحدى الرباعيات التي جاء فيها:

2ـ "إذا كنت تسأل عن بداية هذا العالم، فاعلم بأن عليّاً هو وحده الإله ومحمد وعلي. وإذا سألت عن صاحب هذا الطريق، فاعلم بأنه علي وحده الله ومحمد وعلي".

بالرغم من أن العلويين يؤمنون بألوهية علي كما مر معنا، ويقولون بالتثليث ووجود ثلاثة صور للإله كما عند النصارى، إلاّ أنهم لا يعتبرون أنفسهم مشركين أو ملحدين، إنما يعتقدون بأن نظرتهم إلى الكون والإنسان والإله تختلف عن نظرة الآخرين (المسلمين) إليها، لأن العلويين يؤمنون بالأقانيم الثلاثة (الحق ـ محمد ـ علي) حيث يقولون بأن كلّ واحد منهم يمكن أن يحل في الأخر، لأن هذا الثلاثي المقدس ـ كما يعتقدون ـ كل لا يتجزأ، ويتجلى على شكل نور أزلي كان موجوداً قبل الخليقة وبعدها، وسيستمر إلى الأبد.

ويدّعون أن الله تجلى في آدم كصورة للبشر، ولذلك رفض إبليس السجود له، كما تجلى في صورة النبي محمد والإمام علي والشيخ بكتاش.

ويقول العلويون بأن قوى الخالق المقدسة ـ العقل ـ تنتقل إلى الإنسان بواسطة محمد وعلي وأولاده وأحفاده من الأئمة والأولياء الصالحين الذين يمثلون الكمال والجمال معًا.

إن إيمان العلويين بعقيدة التثليث، إضافة إلى إسرافهم بشرب الخمر وتقديسهم لبعض شيوخهم وأوليائهم بما يشبه التقديس المسيحي للرهبان جعل بعض المستشرقين يعتبرونهم (مسيحيين منسيين)، ومنهم المؤرخ الانجليزي هاسلوك الذي قام بدراسات في الأناضول خلال الحرب العالمية الأولى.

وإضافة إلى بعض عقائد النصرانية المتغلغلة في العلويين فانهم يمزجون عقائد أخرى في دينهم أو مذهبهم، مثل العقائد اليزيدية، وعقائد الأتراك القدامى، حيث يولي العلويون الأهمية لطائر الكركي  crane واتجاههم نحو الشمس عند الشروق لرؤية وجه الإمام علي، حيث كان الأتراك القدماء يسجدون للشمس عند الشروق، لطلب تحقيق الأمنيات منه لذلك أطلقوا على الله تسمية Tanri المحرفة عن Tan yeri التي تعني مكان شروق الشمس.

عباداتهم وطقوسهم

يؤدي العلويون الأتراك عبادتهم في غرفة كبيرة تسمى "بيت الجمع" وهم لا يبنون المساجد، ويفسرون ذلك بأنه لم يكن هناك مساجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ـ حسب ادعاءاتهم ـ ، كما يبررون ذلك كون علي بن أبي طالب قتل في المسجد.

ويطلق العلويون على طقوس عبادتهم كلمة (جيم) وهي تقام بشكل منتظم. ولديهم أعياد ومناسبات هامة منها: نوروز، وصيام محرم، وصيام الخضر، وخضر إلياس، وعيد الأضحى، ولقمة موسى الرحال.

والعلويون لا يصومون شهر رمضان، ويعتبرون النيروز أو النوروز بداية الربيع ويوماً للاحتفاء بمولد الإمام علي، ويطلقون على ليلة 21 آذار / مارس "نوروز السلطان" ويقام فيها "جيم".

وفي أشهر الشتاء يقومون بترتيب "لقمة موسى الرحال" فيطوفون البيوت لجمع الطعام، وتذبح القرابين، وتطبخ الأطعمة وتوزع، ويعتقدون بأن الفائدة التي تحققها لقمة موسى للجماعة تأتي بالبركة للمحصول.

ويعبر العلويون عن حزنهم على مقتل الإمام الحسين بالصيام في شهر محرم، فيصومون اثنى عشر يوماً لذكرى الأئمة الاثنى عشر، وبعضهم يصوم أربعة عشر يوماً من أجل "الأبرار الأربعة عشر".

ولذكرى حرمان الحسين من الماء في كربلاء فإنهم لا يشربون الماء، ولا يذبحون القرابين في هذا الشهر، ولا يحلق الرجال شعورهم.

وفي شهر شباط/ فبراير يصومون ثلاثة أيام (صيام الخضر)، وفي 6 مارس يحتفلون بخضر إلياس، معتقدين أن الخضر يعين الناس في الثلج، وخضر إلياس يعينهم في البحر.

وتقديم القرابين من العادات الشائعة لدى العلويين، وتجري في أغلب المناسبات عدا محرم. ومن التقاليد الاجتماعية لدى العلويين هي أنهم لا يتزوجون من الأقارب، ويعتبرون أبناء العم وأبناء الخال إخوة.

وهناك تقليد آخر هو أن الشاب يختار من بين جيرانه أو أصدقائه أختاً، وهي علاقة تستمر طيلة حياتهم، وكذلك تفعل الفتاة.

وتعتبر مناطق العلويين من المناطق المشهورة بزراعة العنب وصناعة الخمور، ويشتهرون بشرب الخمر الذي كثيراً ما يصنعونه في بيوتهم، ويقيمون مهرجانات لاختيار أفضل أنواع العنب وتذوق الخمر.

ومن عاداتهم المتوارثة التي لا يحيدون عنها: إجراء ختان الأولاد في ذكرى ميلاد الإمام علي من كل عام، وإقامة احتفال كبير عند الزواج عادة ما يكون في ذكرى ميلاد الإمام الحسين، والاجتماع في بيوت الجمع لإجراء المقابلات الموسيقية الراقصة المختلطة في المناسبات، ولقراءة الأشعار البكتاشية.

وفيما يتعلق بالحج، فإن أكثرهم يحجون إلى قبر بكتاش، والصلاة يؤدونها على طريقتهم الخاصة، فالصلاة عندهم ليست سجوداً على الأرض أو مقابلة للجدران، وإنما مقابلة للإنسان وجهاً لوجه في بيوت الجمع، وفي رقصة (المقابلة) برفقة الآلات الموسيقية الخاصة بهم، لأن الصلاة عندهم أمنية تتخاطب خلالها الأرواح والأفئدة خارج نطاق الجسد.

علاقتهم بتركيا

حيث أن تركيا هي دولة ذات غالبية سنيّة ـ بغض النظر عن مدى التزامها بمنهج أهل السنة ـ فإنه من الطبيعي أن يقف العلويون في تركيا موقفًا عدائيًا من الدولة[1]، سواءً في عهد الدولة العثمانية، أو في عهد تركيا العلمانية التي قامت على أنقاض دولة الخلافة العثمانية.

فلقد ثار الشيخ بابا اسحاق، أحد مريدي بابا إلياس شيخ العلويين التركمان ومؤسس الطريقة البابائية الصوفية، ضد السلاجقة منذ عام 1208 وحتى 1210م، واستطاع السلاجقة إخماد هذا التمرد.

وثار العلويون البابائيون والعشائر الاورغوزية المساندة لهم ضد الدولة العثمانية الفتية، وكان ذلك سنة 1393م.

وفي القرن السادي عشر الميلادي وقف العلويون مع دولة الصفويين الشيعة في اعتداءاتها على الدولة العثمانية، الأمر الذي دعا الخلفاء العثمانيين إلى معاقبة هؤلاء العلويين.

وفي العصر الحديث قابل العلويون إعلان كمال أتاتورك إلغاء الخلافة الإسلامية سنة 1924 بالارتياح، لأنها تمثل لهم رمزاً غير محبب، وبدأ التعاون مع أتاتورك بشكل جدّي، وقام أتاتورك بزيارة قبر بكتاش الزعيم الروحي للطائفة العلوية.

ومع أن أتاتورك ألغى سنة 1925 الطرق الصوفية والمجموعات الدينية وهو ما أثر سلباً على العلويين، إذ أصبح غير معترف بهم رسمياً، إلاّ أنهم ينظرون إلى أتاتورك على أنه المخلص، ولا عجب أن يرفع العلويون حتى الآن صور أتاتورك في مناسباتهم إلى جانب صورة ترمز للإمام علي، وصورة بكتاش.

وبالرغم من أن العلويين كانوا في مقدمة مؤيدي أتاتورك، إلاّ أن الطابع القومي التركي لدولة أتاتورك شكل عقبة كأداء أمام العلويين حيث جزء كبير منهم من العرب والأكراد، وعانى العلويون الاضطهاد من أتاتورك.

وأثرت سياسيات تركيا ضد الأكراد حيث قمع العشائر وتجريم استخدام اللغة الكردية، وفرض الأحكام العرفية المتتالية على علاقة العلويين بالدولة وشجعهم على الابتعاد عنها.

وفي العقد الثالث من القرن العشرين، وصل الابتعاد العلوي الكردي عن الدولة التركية حدّاً طالب زعماءهم فيه بتشكيل ولاية كردية مستقلة ضمن الدولة، ثم تطورت المطالبة، حين لم يذعن الأتراك لذلك إلى القول بضرورة إنشاء دولة كردية، كما جرى ذلك في تمرد سيد رضا سنة 1947.

ومنذ عام 1927، أطلق العلويون الأكراد "انتفاضات" عدة كان أهمها تمرد سنة 1947 جردت الدولة خلالها حملة عسكرية واسعة لإخمادها واعتقال قادتها، ومن ثم أعدمت ثلاثة منهم، وهم سيد رضا ودياب آغا وحسن خيري، على الرغم من أن الأخيرين كانا من المقربين من أتاتورك أيام حكمه.

وبعد إخماد الدولة لثورات الأكراد العلويين، واشتداد ساعد الدولة انحسرت الثورات المسلحة ضدها في سنوات الخمسينات، الأمر الذي جعل العلويين لا يرون بديلاً عن النشاط السياسي.

نشاطهم السياسي

شعر العلويون أن حملهم للسلاح في مواجهة الدولة التركية في سنوات الثلاثينات والأربعينات لم يجلب لهم الخير، فتوجهوا إلى العمل السياسي بدءًا من سنوات الخمسينيات، خاصة أن تعدادهم كبير (12%) من مجموع سكان تركيا، الأمر جعلهم ينخرطون في صفوف الأحزاب السياسية القائمة، وكانوا يؤلفون دائماً ما بين 16 ـ 18% من عدد نواب البرلمان القائمة خلال 1950ـ 1980.

ففي الفترة الواقعة ما بين 1950ـ 1957 دعموا الحزب الديمقراطي بزعامة عدنان مندريس، إلاّ أنه بعد ظهور التوجهات ذات الطابع الديني لذلك الحزب، نظر العلويون ببرود إلى ذلك التطور واتجهوا إلى تأييد عصمت اينونو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، منذ ذلك الوقت إلى الآن، على الرغم من قتل المئات منهم في منطقة مرعش، أثناء تولي بولند أجاويد زعيم حزب الشعب الجمهوري في السبعينات رئاسة حكومة ائتلافية.

وجاء انقلاب سنة 1960 العسكري ليحبط آمالهم، إذ جرى اعتقال العديد من نشطائهم، فيما جرى نقل أعداد كبيرة منهم إلى ألمانيا وفق عقود عمل رسمية بين الدولتين التركية والألمانية.

وساهمت هذه الأحداث في انخراط العلويين في صفوف المنظمات اليسارية والأحزاب الاشتراكية التي جرى تأسيسها في الستينات من القرن الماضي.

ورغم أن العلويين حققوا مكاسب بانضمامهم إلى هذه الأحزاب، إلاّ أن سائر العلويين اتجهوا إلى تكتل سياسي في حزب شبه طائفي أسس عام 1966 باسم "حزب الوحدة" إلاّ أن هذا الحزب لم يحقق النجاح المطلوب، إذ حصل على 15 مقعداً فقط في مجلس الشعب التركي، وكان مؤسسه آنذاك مصطفى تيمس، أحد قيادات حزب الشعب الجمهوري في التسعينات، الحزب الذي يحصل عادة على 90% من أصواته من الكتلة العلوية.

ومع انقلاب الجنرال كنعان ايفرين سنة 1980 وإلغائه الدستور والبرلمان والأحزاب، دخل العلويون مرحلة جديدة، حيث تم وضع دستور جديد سنة 1982 نص على تدريس مادة الدين في كافة المراحل الدراسية والتوسع في فتح مدارس الأئمة والخطباء دون الالتفات إلى مطالب العلويين أو السماح لهم بإنشاء "بيوت الجمع" على غرار الساجد السينة.

ومن هنا دخل عز الدين دوغان،أحد أبرز القادة العلويين، في مساومات مع جميع الأحزاب السياسية التي تشكلت بعد عام 1983، من أجل تحقيق مطالب العلويين لقاء تأييدهم لمرشحي تلك الأحزاب، غير أنها جميعاً لم تلتزم بوعودها.

وفي انتخابات نوفمبر 2002 التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب اردوغان فوزاً ساحقاً، طرح العلويون المطالب التالية على الأحزاب السياسية ـ عدا حزب العدالة ـ هي:

1ـ تمثليهم في الهيئة الإدارية لرئاسة الشؤون الدينية بحسب نسبتهم من عدد السكان.

2ـ تخصيص مبالغ معينة من ميزانية الدولة لمساعدة مؤسسة بيوت الجمع أسوة بمساعدتها لإنشاء المساجد.

3ـ إقرار الدستور قيام المدارس بتدريس نوعين من الدروس الدينية: درس الدين والأخلاق الإلزامي، ودرس الدين الاختياري، وطالبوا بإدخال مبادئ عقيدتهم إلى درس الدين الإجباري أسوة بالمذهب السني.

4ـ تخصيص وقت محدد ضمن البرامج الدينية المذاعة في هيئة الإذاعة التركية TRT لنشر الأفكار العلوية.

نشاطهم الديني والثقافي

بالرغم من عدم بناء العلويين للمساجد، إلاّ أن أحد زعمائهم وهو النائب السابق جمال شاهين بادر قبل سنوات ببناء أول جامع في محافظة تشوروم وسماه "جامع أهل البيت"، وهذا يحدث لأول مرة منذ ألف عام.

ونستطيع أن نرصد عدداً من الأنشطة الدينية البارز للعلويين في تركيا منها:

1ـ المطالبة بأن يكونوا ممثلين برئاسة الشؤون الدينية، وعدم حظر تكاياهم وزواياهم، والمطالبة بإنشاء المؤسسات الخاصة بهم ووقف الجمع.

2ـ احتفالهم بيوم عاشوراء في مدينتي أنقرة واسطنبول، حيث أقاموا احتفالات شعبية بعد أن كان ذلك ممنوعاً، ومثلما يقوم الشيعة الاثنى عشرية، قام العلويون بضرب أنفسهم بالسلاسل وسط البكاء على استشهاد الحسين في كربلاء. وقد شارك الآلاف منهم في هذه المناسبة.

3ـ انعقاد المؤتمر العام الرابع لجمعية أهل البيت في الفترة 8 ـ 10 ابريل/ نيسان 2000 بحضور عدد من رؤساء الأحزاب والسياسيين الأتراك. وتسعى هذه الجمعية لإقامة مؤتمر عالمي لأهل البيت بشكل سنوي، علاوة على الرغبة في إقامة جامعة يطلق عليها اسم "جامعة أهل البيت".

4ـ المطالبة بأن تنفق الدولة من ميزانيتها على نشر العقائد العلوية، وأن تقوم الإذاعة والتلفزيون ببث برامج عن عقائدهم، إضافة إلى إدخالها في المناهج الدراسية.

5ـ مطالبة الدولة بالمساهمة في بناء بيوت العبادة للعلويين أسوة بمساجد السنة.

6ـ مطالبة الدولة بأن تمنع رئاسة الشؤون الدينية من إقامة جوامع في القرى العلوية أو إرسال أئمة مساجد.

7ـ المطالبة بعدم تدريس الدين الإسلامي في المدارس، لأن التدريس يتم وفق مذهب السنة.

8ـ مجاملة رئاسة الشؤون الدينية في تركيا العلويين، حيث أصدر محمد نوري ييلماز رئيس الشؤون الدينية تعميماً يخصهم، عندما ألزم كافة المساجد التركية بأن تكون خطبة صلاة التراويح ليوم الثلاثاء 21 رمضان 1423هـ (26/11/2002) عن حياة الإمام علي بن أبي طالب وذلك بمناسبة ذكرى وفاته.

وقد أعرب عز الدين دوغان، رئيس اتحاد بيوت الجمع العلوية عن امتنانه لهذه الخطوة ـ التي تأخرت كثيراً ـ.

بعض مؤسساتهم

1ـ هيئة الجمعيات العلوية التركية، وقفية الجمع العلوية ويرأسها عز الدين دوغان.

2ـ اتحاد المنظمات والجمعيات العلوية في أوربا. ويرأسه علي رضا جول تشيشل.

3ـ مؤسسة غازي الثقافية في اسطنبول ـ وقف آل البيت البكتاشية العلوية سابقاً ـ ويرأسها خضر الماس.

العلاقة مع العلويين في سوريا

سبق القول إن العلويين في تركيا ينقسمون إلى مجموعتين رئيستين:

الأولى تعتبر امتدادًا للعلويين في سوريا، وهي الجزء الأصغر من بين العلويين ويقيم هؤلاء بشكل خاص في لواء إسكندرون الذي تسيطر عليه تركيا حاليًا.

والمجموعة الثانية: هم علويو الأناضول الذين ينقسمون بين الأتراك والأكراد وبعض التركمان، وهؤلاء هم الفئة الكبرى.

وتشكل المجموعة الثانية كياناً علوياً مستقلاً، بمؤسساته وقومياته وشخصياته رغم وجود تشابه مع العلويين في سوريا فيما يتعلق بالعقائد والعبادات، وقد حرص العلويون في تركيا على مد جسور التعاون مع أشقائهم العلويين في الدول الأخرى، وقد بدا ذلك واضحاً إبان الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2002، إذ أرسل العلويون مندوبيهم إلى مختلف الدول التي يعيش فيها أبناء الطائفة للبحث عن مساعدات مالية وسياسية.

وقد أعربت رئاسة الأركان في تركيا عن خشيتها من إمكانية تأثير قوى خارجية على العلويين، فتسعى للضغط على الأحزاب السياسية من أجل استيعاب العلويين، والتظاهر بدعم حقوقهم.

العلاقة مع البكتاشية

ثمة خلاف واضح في وصف العلاقة بين العلويين في تركيا وبين فرقة البكتاشية[2]، فهناك من يفرق بينهما ويجعلهما شيئين مختلفين رغم الشبه الشديد بينهما، وهناك من يجعلهما شيئًا واحدًا، ويعتبر أن البكتاشية هي اسم من أسماء طائفة العلويين.

ولاشك أن قلة المصادر التي بين أيدينا تلعب دوراً في هذا التناقض والذي نراه أن العلويين هم فرقة غير فرقة البكتاشية رغم الشبه الشديد، فالاثنان يجمع بينهما التشيع وتقديس الأئمة والأولياء، والتبعية للحاج بكتاش، والإقبال على شرب الخمر.

ويفترقون في هيئات دور العبادة، فالعلويون لديهم ما يسمى "بيوت الجمع" والبكتاشون تسمى العبادة عندهم "تكايا" وهي تختلف في هيئاتها ودورها عن بيوت الجمع.

ويختلف في مراتب المنتسبين إلى الطائفة، فعند الباكتاشية (عاشق، طالب، محب، درويش، بابا...) وفي حين لا يوجد عند العلويين هذا التقسيم.

ومؤسس البكتاشية هو حاجي بكتاش المولود سنة 646هـ، في حين تنسب النصيرية أو الفرقة العلوية إلى أبي شعيب محمد بن نصير البصري النميري المتوفى سنة 270هـ. إلى غير ذلك من الفروقات.

للاستزادة:

1ـ العلويون في تركيا ـ يوسف الجهماني.

2ـ الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة ـ إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي ـ الطبعة الثالثة ـ المجلد الأول.

3ـ مقال: العلويون أصحاب دين جديد أم طريقة تصوف أو مذهب سياسي لعصر العولمة؟ ـ إبراهيم الداقوقي.

4ـ دراسة: العلويون في تركيا المنشورة في موسوعة النهرين ـ حنان أتلاي.


[1] وكذلك كان نهج العلويين في سوريا الذين طلبوا عام 1936 من سلطات الاحتلال الفرنسي الذي كان يحتل سوريا آنذاك فصلهم عن سوريا ، ومساعدتهم في تأسيس دولة مستقلة لهم.

[2] البكتاشية فرقة صوفية شيعية نشأت في تركيا على يد الحاج بكتاش في القرن السابع الهجري(الثالث عشر الميلادي)، وهي مزيج من عقائد الصوفية والشيعة الاثنى عشرية، وقد نشرنا في العدد الماضي من الراصد مقالاً مفصلاً عن هذه الفرقة في باب/ فرق.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!