أوفق أولوتاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

تحدث رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو يوم أمس في مقابلة خاصة لقناة الجزيرة العربية عن طلب تركيا تكوين مناطق آمنة في سوريا. وهذه الفكرة ليست المرة الأولى التي تطرحها تركيا، لكنه تحدث للمرة الأولى عن مناطق محددة ومصطلحات أكثر دقة.

باختصار تحدث داود أوغلو عن طلب تركيا لتكوين مناطق آمنة على طول الحدود التركية-السورية الممتدة من اللاذقية وحتى حسكة. لكن ظروف كل منطقة ستحدد العمق المطلوب داخل الأراضي السورية. وأوضح رئيس الوزراء أن رسم الخارطة لهذه المنطقة الآمنة يجب أن يكون من قبل الأمم المتحدة، وكذلك يجب أن تحمي قوات التحالف أو قوات تابعة للأمم المتحدة هذه المناطق الآمنة.

لا شك أن داود أغلو يتحدث عن رؤية تركية ليست جديدة، وقد طالبنا بذلك من مدة طويلة، لكن المجتمع الدولي لا يريد أن يتخذ خطوات ملموسة لحل المشكلة السورية، فكما دار ظهره لكل القرارات المتعلقة بحماية الشعب السوري، ما زال يغمض عينه عن الطلب التركي. بينما فكرة عمل شريط آمن على الحدود السورية التركية هو أكثر حل منطقي وعملي طُرح لحل المشكلة السورية حتى الآن. وهذا طلب سيكون كخطوة مساعدة لكل الجهات المعنية فعليا بحل المشكلة السورية حلا نهائيا.

حزام أمني

وهنا لا بد من التركيز على أنّ داود أوغلو لم يتحدث عن منطقة عازلة، وإنما عن شريط أمني. فتركيا لا تهدف إلى تكوين حدود عازلة بينها وبين سوريا كتلك المتواجدة في قبرص.

المنطقة المراد تكوينها هي منطقة آمنة، ومن اسمها نستدل على أنها ستكون منقطة آمنة لسكان تلك المناطق من السوريين والأتراك على حد سواء. لكن السؤال لماذا لا تريد تركيا منطقة عازلة، وتريد منطقة آمنة؟

المنطقة الآمنة ستشمل أمورا متنوعة، على رأسها حماية السوريين الهاربين من ظلم الأسد، وكذلك ستكون منطقة لجوء لهم من بطش داعش. وسيشكل هذا الشريط الآمن ملاذا لكل السورين والأكراد والتركمان واليزيديين الهاربين من العنف، لهذا فإن المواطنين السوريين سيكونون بأمان دون الخروج من دولتهم. بالإضافة إلى أنها ستكون فرصة جيدة لتجميع الشتات والتمزق السوري على أرض واحدة من جديد. وسيزيد هذا الحزام الآمن من درجة الأمان على الحدود التركية. وسيقلل التأثيرات السلبية للأحداث الجارية على طول الحدود على تركيا، وبإعلان هذا الحزام الآمن ستقل نسبيا حدة الصراع والقتال في المناطق القريبة منه. وبتحقيق هذا الهدف ستتخلص تركيا قليلا من الحمل والعبء الثقيل على كاهلها من موجة الهجرة الجامعية إلى أراضيها الذي وصل إلى ما يزيد عن مليوني لاجئ. لكن هذا لا يعني أن تركيا تتخلى عن مسؤوليتها تجاه اللاجئين، بل على العكس ستساعد وتقدم كل أنواع المساعدات الإنسانية لتوفير الأمن لسكان الشريط الآمن.

الهدف: مواجهة إرهاب الأسد-داعش

سيوفر "أصدقاء سوريا" فرصة ممتازة لحل المشاكل الناتجة عن الأسد وداعش حال إعلانهم الشريط الآمن. ولعل هذا الأمر يشكل نقطة بداية لخطوات عملية أخرى يتخذها "أصدقاء سوريا" لحل المسألة السورية من جذورها، لأن ما قاموا به حتى الآن هو الاكتفاء بمشاهدة الشعب السوري وهو يذبح ويُباد من نظام الأسد ومن داعش. وبإقرار هذه الخطوة سيكون "أصدقاء سوريا" قد أعلنوا فعليا بدء خطوات سياسية واقتصادية وعسكرية حقيقية على أرض الواقع من أجل سوريا وشعبها. والشريط الآمن سيشكل فرصة متاحة لتعليم وتدريب عناصر المعارضة، وهذا سيساعد في الحد من تقدم قوات النظام وكذلك قوات داعش، وبهذا تكون المنطقة الآمنة عاملا مساعدا في محاربة الارهاب بشقيه.

لا نستطيع الادعاء بأن هناك دعم كبير لفكرة المنطقة الآمنة، لأن العديد من الأطراف تخشى من أن تساهم المنطقة الآمنة بزعزعة عرش الأسد، وهذا ما لا يريدونه. هناك بعض الدول تدعم تركيا لكنه دعم غير كافٍ، لأن ذلك يتطلب دخول قوات عسكرية تابعة للأمم المتحدة أو الناتو من أجل حماية هذه المنطقة من إرهاب داعش والأسد.

المنطقة الآمنة هي اختبار حقيقي لكل الأطراف، لأننا سنعلم جيّدا من هي الدول التي تريد فعليا حل المشكلة السورية، ومن هي الدول التي تستفيد من بقاء الوضع كما هو عليه الآن.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس