فيردا أوزير - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

يقول فيكتور هيوغو في مقولته الشهيرة: "لا يستطيع أي جيش الوقوف بوجه أي فكر إذا حان وقته" فإذا جاء وقت الشيء لا يستطيع أحد إيقافه، وقضية الموصل بالنسبة لتركيا تماما كذلك.

فتركيا لها حقوق في الموصل تستند فيها على القوانين الدولية والروابط التاريخية التي تربطها بالموصل، واليوم جاء الوقت لتستخدم تركيا حقوقها التي لم تستخدمها سابقا، ولا أقصد بذلك استخدام تركيا قوتها العسكرية أو طمعها في أراضيها.

التواجد على الطاولة

سنتطرق في البداية لهذه النبذة التاريخية:

أصدرت الأمم المتحدة قرارا عند عدم التوصل لاتفاق بشأن قضية الموصل في معاهدة لوزان، وهذا القرار يقضي بترك الموصل للعراق، بشرط بقاء السكان التركمان تحت حماية تركيا وبهذا القرار أعلنت هذه المنطقة منطقة جدال بين تركيا وبريطانيا.

تستند تركيا في تدخلها بالموصل على تقرير الأمم المتحدة القائل "إن لتركيا الحق في حماية ولاية الموصل من الناحية الجغرافية والسكانية" مع العلم أن الموصل تضم إلى جانب العرب التركمان والأكراد.

قبل العراق عندما حصل على استقلاله في عام 1932 بهذا الشرط في بيان استقلاله حسب المادتين 9 و11 اللتين تقضيان بضمان حق التركمان والأكراد في تعلم لغتهم الأم، وضمن بأن يكون موظفو المناطق التي يقطنها التركمان والأكراد يعرفون التركية أو الكردية، وأن تكون إدارة مناطقهم بيد أشخاص تركمان أو أكراد.

هذا يعني أن لنا مجموعة من الحقوق التي تخولنا بأن نكون صاحبي الكلمة في أي أمر متعلق بالموصل ومن هذه الحقوق:

أولها: التواجد على طاولة المفاوضات: ستستمر عملية الموصل لأسابيع أو حتى لأشهر وهذا يعني أن المرحلة المقبلة ستكون أكثر حساسية، وحسب الأخبار المتناقلة سوف تنقسم الموصل إلى ثماني مناطق، وهنا من سيقرر كيفية إدارة هذه المناطق؟

ولهذا فإن من الضروري أن تحجز تركيا مكانها على طاولة المفاوضات مستندة على حقوقها المضمونة بقرار من الأمم المتحدة.

الاستفتاء

الورقة الثانية التي تمتلكها أنقرة هي أن لها الحق في حماية الحقوق الثقافية للتركمان والأكراد الذين يعيشون في الموصل وأنها مسؤولة عن ذلك، لكن لتركيا الحق بالتقدم بالشكوى إلى الأمم المتحدة إن رأت إعاقة في حماية هذه الحقوق.

أما الورقة الثالثة التي يمكن أن تستخدمها أنقرة لتصبح صاحبة قرار في الموصل فهي الحقوق والملكيات الخاصة العائدة إليها، ومن المعروف أن أملاك التركمان والأكراد القاطنين في الموصل قد تمت مصادرتها في عهد صدام حسين، وتستطيع أنقرة أن تتقدم بطلب إلى الأمم المتحدة لاستعادة هذه الأملاك.

يوجد أيضا مخرج قانوني دولي يمكننا استخدامه وهو حق "الاستفتاء الشعبي". يقول الحقوقي مراد صفو أوغلو الذي يدير مركز أبحاث حول قضية الموصل منذ عام 2007: "إن تزايد عدم الإستقرار في الموصل أو عند تهديد خطر التقسيم فإن تركيا تستطيع التقدم بطلب إلى الأمم المتحدة بإجراء استفتاء شعبي في الموصل"، هذا الاستفتاء سيتوجه للموصليين بسؤال: هل تريدون أن تكون الموصل تابعة لتركيا أم للعراق؟ أم تريدون أن تكون مستقلة؟

لكن الأمر ليس بهذه السهولة "لأن الموصليين لا يريدون الآن الارتباط بتركيا" حسب صفو أوغلو، الذي يرى أن سكان المدينة من عرب وأكراد ويزيديين قد لا يرغبون بالتحدث باللغة التركية، ولهذا فإن الممكن أن تحدث مشاكل كبيرة.

ويقول صفو أوغلو: "إذا أردنا خوض هذه التجربة علينا أن نقدم حلًا آخر للموصليين مثل تغيير نظام الحكم للفدرالية"، ولأن هذا الطرح ليس موجودًا على أجندة أنقرة حاليا فإن استخدام هذا الاستفتاء ليس مطروحًا في الوقت الحالي.

الموصل كنظام ولاية

الآن فلنأتي إلى ورقة تركيا الأخيرة التي من الممكن لعبها في الموصل وحتى في الشرق الأوسط، وهي تطبيق نظام الإدارة السائد في العصر العثماني.

وحسب رأي مؤسس "إيكو بوليتيك" طارق تشيلنك الذي يعمل على دراسة قضية الموصل منذ عام 2007 فإن "تشيلنك" يدعم هذا النظام ويرى أن من الممكن أن تنقسم الموصل إلى مناطق وفقا للعرقيات والمذاهب الموجودة فيها، كل قسم يحدد شكل نظام الحياة كما يريد، وهذا النظام يمكن أن يطبق في البلاد الممزقة والمقسمة كسوريا ولبنان والعراق كنموذج للحل.

وهكذا فإن بإمكان أنقرة طرح فكرة تطبيق هذا النظام على أجندة الأمم المتحدة وبهذا الشكل تكون قد استخدمت القوة الناعمة مع العناصر الأخرى التي تعيش في الموصل غير السنة والتركمان، وأيضا تكون قد منعت تشكل فكرة "تركيا تحمي فقط السنة والتركمان"، وأيضا تكون قد اتخذت خطوة إيجابية تجاه الأكراد، وتكون أيضا قد خففت من عداء المعارضة الشيعية لأنقرة.

لكن لكي نستطيع القيام بكل هذه الأمور، يجب علينا شرح وإقناع الأطراف والقوى المؤثرة في الموصل، يعني ابتداء بأمريكا والعراق وانتهاء بالدول المتعلقة في المنطقة.

إن المصالحة السياسية شرط أساسي ومهم لوقف تصاعد التوتر في المنطقة.

عن الكاتب

فيردا أوزير

كاتبة صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس