ترك برس

ذكر ليونيد ريشتنيكوف مدير المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية تفاصيل عديدة فيما يخص العلاقات التركية- الروسية خلال زيارته التي أجراها إلى إسطنبول، وأهم تلك التفاصيل:

أهداف تشكيل نزاع عسكري بين تركيا وروسيا

تسبب إسقاط الطائرة الروسية بأزمة خطيرة بالنسبة إلى العلاقات التركية- الروسية، والهدف الآن هو إعادة تحسين مستوى العلاقات بين الدولتين. لن يكون ذلك بالأمر السهل، لكن تركيا متأكدة من أن روسيا ستعمل بإخلاص لإعادة العلاقات إلى مسارها. المهم الآن ليس التعاطف مع دولة محددة أو عدم التعاطف معها، إنما أن تكون تركيا قوية ومستقرة كدولة مجاورة لروسيا.

تُعد تركيا دولة مهمة جدا بالنسبة إلى روسيا. سواء فيما يخص علاقاتها مع روسيا، أم مكانتها وقوتها في الساحة الدولية. عند النظر إلى الدول المجاورة لروسيا نجد أن تركيا تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تتبع سياسة مستقلة تمامًا. حيث أن باقي الدول إما تحت سيطرة الولايات المتحدة تماما، أو تحت ضغطها. لهذا السبب، لا نحتاج لسؤال واشنطن لنحدد نوع علاقاتنا مع تركيا.

شارك الجنود الأمريكان في قاعدة إنجرليك في إسقاط الطائرة الروسية

توجد بعض الجهات التي لا تريد تحسن العلاقات التركية- الروسية. بعض هذه الجهات مرتبط بأمريكا، وبعضها الآخر بتنظيم فتح الله غولن "التنظيم الموازي". أولئك الذين تسببوا بإسقاط الطائرة الروسية كانوا أعداء لأردوغان، ومرتبطين بأمريكا في الوقت نفسه. الجنود الأمريكان شاركوا في هذه العملية حيث كان هدفهم تشكيل نزاع بين تركيا وروسيا، وتدمير كل الانجازات التي حصلت بين الدولتين خلال الأعوام الـ 10-15 الأخيرة.

لم يكن دور رئيس الجمهورية واضحا في الفترة الأولى. حيث بدأت هذه الفترة بالعقوبات الاقتصادية. كانت هذه العقوبات صعبة على تركيا وتؤثر سلبًا على علاقاتها مع روسيا. يبقى رد روسيا بهذه العقوبات مع كل صعوباتها وتأثيرها السلبي على تركيا أفضل من الرد العسكري بالتأكيد. بعد الآن ستبدأ إزالة العقوبات الاقتصادية. لذلك، فإن من الممكن أن تعود العلاقات التجارية إلى مستواها الطبيعي.

قالت تركيا من خلف الكواليس: نحن لم نسقط الطائرة الروسية

لم يصدر قرار إسقاط الطائرة الروسية من أردوغان. وقد تحاور أردوغان ونظيره الروسي "بوتين" في هذا الصدد.

لا يمكن إعطاء تاريخ محدد للبيان الذي أصدره رئيس الجمهورية التركي لروسيا في هذا الصدد. لكن في تلك الفترة بدأ التخطيط للانقلاب. لذلك، لم يكن باستطاعة أحد التصريح بشيء بسبب التردد. لكن هناك العديد من الاجتماعات التي أُجريت خلف الكواليس. حيث حاولت تركيا جاهدة تبرير ما حصل خلال الاجتماعات. كانت مهمة أردوغان والرئيس الروسي "بوتين" في هذه الفترة هي معرفة ما حصل وما هو السبب الذي أدى إلى حصوله. قررت روسيا إنهاء الأزمة بين الدولتين بعد رؤيتها للحقائق. إلا أن القوى المعارضة لهذا التحسن في العلاقات بدأت بالتخطيط لمحاولة الانقلاب، كما حاولت قتل الرئيس أردوغان أيضًا.

من وجهة نظر روسيا، هناك علاقات تربط محاولة الانقلاب في 15 يوليو/ تموز، وإسقاط الطائرة الروسية. حيث وصلت إلى هذه النتيجة من خلال المقارنة بين معلومات الحكومة الروسية والمعلومات المستوردة من الحكومة التركية.

بدأت القوى المعارضة لتحسن العلاقات الروسية- التركية بالتخطيط للانقلاب بسبب فشلها في الوقوف في طريق هذا التحسن. ربما كانت الأزمة ستستمر لو أنهم نجحوا في إيقاف تحسن العلاقات، ولن تحتاج هذه القوى للتخطيط لمحاولة الانقلاب. قد يكون الأمر كذلك. لكن الأمر المؤكد هو أن الهدف من الخطتين هو إبعاد أردوغان عن السلطة.

حاولوا إنشاء أصدقاء سريين لغولن في روسيا

بدأت روسيا بإغلاق المدارس المرتبطة بفتح الله غولن عندما كانت العلاقات بين غولن وحزب العدالة والتنمية جيدة. كما أن أنقرة صرحت عن استيائها من هذا القرار في تلك الفترة.

عند النظر إلى هذه المنظمة نجد أنها تملك أنموذجا مختلفا عن أنموذجات الإسلام السني التقليدية. وروسيا ترفض قيام منظمات مثل هذه بنشاطات ضمن حدودها. لأن الاتحاد الروسي ترغب بأن يمارس ممثلو دين الإسلام والأديان الأخرى بأنشطتهم بعيدًا عن التعصب والتطرف. والأمر الآخر، هو أن روسيا اكتشفت نوعين من الأنشطة التي تقوم بها هذه المنظمات. من الجهة الأولى، تقوم بإنشاء المدارس والمنظمات الحكومية بشكل شرعي وقانوني. ومن جهة أخرى، كانوا يحاولون إنشاء منظمة غير حكومية من خلال جذب رجال الأعمال والسياسة وعلماء الاتحاد الروسي إلى هيكلهم. ومثل هذه النشاطات بالتأكيد ستكون مرفوضة في جميع الدول والحكومات.

لم تكن هذه المنظمات تقوم بتغذية المعارضة، إنما تستهدف المثقفين وأصحاب الكلمة ضمن مجالاتهم وتقوم بتغذيتهم بالمال والقوة وجذبهم إلى طرفهم. أي أنهم كانوا يقومون بإنشاء أصدقاء فتح الله غولن في روسيا.

شارك خبراء المهد الروسي للدراسات الاستراتيجية ولعدة مرات في نشاطات مختلفة لهذه المنظمات. لكنهم قطعوا علاقاتهم بهذه المنظمات لأنهم تمكنوا من قراءة المكتوب ما بين الأسطر. واكتشاف الفخ الذي أنشأه فتح الله غولن في تركيا لخداع الناس ومبايعة العديد منهم له.

توجد عدة روايات عن قيام عناصر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بأنشطة مختلفة في دول آسيا الوسطى بالاختباء خلف ستار المدارس التي تنتمي لتنظيم فتح الله غولن. لذلك هل يمكن التأكيد على وجود علاقات تتجاوز حتى تركيا بين أمريكا وتنظيم غولن؟؟

أمريكا تقوم باستغلال جميع الظروف والأوضاع والمنظمات لتأمين حاجاتها وتحقيق أهدافها. قد تقوم باستغلال داعش، أو تنظيم غولن، وربما منظمات أخرى. المهم بالنسبة إلى أمريكا هو تحقيق أهدافها. هذه هي الطريقة التقليدية للمخابرات الأمريكية. يمكن لأمريكا أن تكون استغلت غولن من دون شك. لأن غولن يعيش في أمريكا ومرتبط بها إلى حد كبير. وبالتالي غولن يدين لأمريكا لأنها أعطته فرصة العيش والعمل هناك.

التطرف في الدين أمر سيء. يجب أن يتمكن رجل السياسة الجيد من إيجاد حل وسطي

تركيا لم تعد تعتبر فتح الله غولن ممثلا للطائفة السنية في البلاد. لكن في الوقت نفسه فإن التفكير العلماني في تركيا أصبح مهددا بالخطر. لذلك فإن التعصب في الدين سيء ولا بد أن يكون هدف رجل السياسة هو إيجاد حل وسط دون التطرف لأي دين أو مذهب معين.

بشار الأسد يجب أن يشارك مرة أخرى في انتخابات رئاسة الجمهورية

إن روسيا وتركيا متفقتان على ضرورة وحدة الأراضي السورية. بينما تهدف أمريكا إلى تقسيم سورية إلى ثلاثة أقسام أو أكثر. تؤيد روسيا تطهير سورية من الإرهاب أولًا، ثم انتقالها إلى مرحلة الانتخابات. سيكون القرار للشعب السوري في اختيار مصيره. لكن لا بد من إعطاء بشار الأسد حق المشاركة في الانتخابات أيضًا. حيث اتفقت روسيا مع تركيا على وجهة نظر واحدة في نهاية الاجتماعات وهي تطهير سوريا من الإرهابيين أولًا. والحوار فيما يخص موضوع بشار الأسد لاحقًا.

حزب الاتحاد الديمقراطي ليس تنظيمًا إرهابيًا

تركيا تعتبر أن حزب الاتحاد الديمقراطي تنظيم إرهابي. بينما روسيا ترفض هذه الفكرة لكنها ترفض أيضًا أن يقوم الحزب بإنشاء دولة مستقلة تحت سيطرته. توجد مكاتب تمثيلية لحزب الاتحاد الديمقراطي في موسكو. لكن الوزارة الخارجية الروسية لا تعتبر هذه المكاتب رسمية. إنما تنظر إليها على أنها مؤسسة اجتماعية. روسيا ترفض تقسيم سورية إلى مناطق مستقلة لأن هذا التقسيم سيؤدي إلى تدمير سوريا. يمكن أن يكون استقلال الأكراد في سورية على المنحى الثقافي فقط.

روسيا ترفض استقلال الأكراد وإنشاء دولة مستقلة في سوريا

روسيا ترفض فكرة تقسيم دولة. العراق أصبح شبه مقسّم. مع أن الأكراد يعتبرون أنفسهم دولة مستقلة, إلا أنهم فعليًا يتصرفون بشكل مستقل تقريبًا. في حال تمكن أكراد سوريا من الاستقلال فذلك يعني تشكيل دولة كردستان المستقلة. عندها يجب تغيير خريطة الشرق الأوسط بشكل كامل. ويجب إعطاء الأكراد حق الحفاظ على لغتهم ومنحهم الاستقلال الثقافي في مناطقهم. لكن في النهاية روسيا ترفض أن يشكل الأكراد دولة مستقلة.

يجب على الأكراد ان يحزنوا على قدرهم

روسيا ليست على ارتباط مع حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي. لكن أمريكا تتعامل معهم بشكل مباشر وتقوم بتوجيه الدعم المادي ودعم الأسلحة لهم. ويوجد ممثلون لأمريكا يقومون بوظائفهم في سوريا. بينما لا يوجد ممثلون لروسيا في المنطقة. إن تشكيل دولة مستقلة في كل من تركيا والعراق وسوريا وإيران هي فكرة بعيدة عن الواقع. لا يمكن لأحد تغيير العالم لأن ذلك سيؤدي لبدء حروب جديدة. يجب أن يكون الهدف هو منح الأكراد حقوق مساوية لحقوق المواطنين الآخرين. كما يجب معارضة اضطهاد الأكراد في حال حدوث ذلك. لكن فكرة تأسيسهم لدولة مستقلة فهي مرفوضة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!