ترك برس

قال الخبير في الشأن الأوروبي "إينجا أيار" أن القرار الأخير الذي اتخذه البرلمان الأوروبي ليس نهائيا بل هو قرار توصية ليس ذا طابع إلزامي، منتقدًا المبالغة في حيثيات القرار من قبل بعض وسائل الإعلام التي ليست على قدر المسؤولية الإعلامية المهنية على حد وصفه.

وأوضح أيار أن القرار النهائي بخصوص تركيا يتم اتخاذه أثناء اجتماع مجلس الاتحاد الذي يجمع رؤساء حكومات الدول الأعضاء، والذي يتم في حزيران/ يونيو وكانون الأول/ ديسمبر من كل عام، مضيفًا أن قرار بدء المفاوضات مع تركيا تم وفقًا لهذه الآلية وإن كان سيتم إيقافها فلا بد أن يتم بهذا الشكل.

ووفقًا لما يبينه أيار في مقاله "حقيقة المفاوضات" المنشور على صحيفة ملييت، فإن قرار تعليق المفاوضات مع تركيا يجب أن يتم بإجماع الدول الأعضاء، ومنذ الآن بدا واضحًا أن تعليق المفاوضات مع تركيا بشكل كامل أمر غير ممكن.

وقد ظهرت، حسب أيار، إشارات استمرار المفاوضات مع تركيا في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء المنعقد في وسط تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، حيث تم اقتراح القرار من قبل النمسا فقط، ولاقى الأمر اعتراض بعض الدول الكبرى كألمانيا وفرنسا.

ورأى أيار أن إظهار أنقرة التي صبرت لسنوات على باب الاتحاد الأوروبي، ردة فعل غاضبة حيال قرار البرلمان الأوروبي حتى ولو كان غير نهائي، ينبع من حقها الطبيعي، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يظهر العناد نفسه مع أي دولة أخرى من الدول المفاوضة للانضمام الكامل.

وقد ماطل الاتحاد الأوروبي تركيا لسنوات طويلة دون أن يخشى انحيازها للقطب الشرقي، وهو حسب أيار لن يعمل على إعادة حساباته لمنع تركيا من الانضمام إلى اتحاد شنغهاي، فالأحكام المسبقة لدى حكوماته التي ترفض انضمام تركيا كونها دولة مسلمة لن تتأثر مهما كانت هناك نتائج عكسية.

وفي السياق ذاته، ألمح الباحث في العلاقات الدولية "أفق أولوطاش" إلى أن الاتحاد الأوروبي يعامل تركيا منذ أن تقدمت بطلبها للانضمام على أنها "دولة غير مكتملة سياسيًا أو حقوقيًا وبحاجة للتربية وأخذ الدروس"، مبينًا أن الاتحاد الذي أصبح يروج لنفسه على أنه مثال نموذجي للحريات والحقوق لم يستطع مواطنوه التخلي عن العنصرية العرقية والدينية التي عمقت بداخلهم الروح القومية الأوروبية التي باتت تستحقر كل ما هو غير أوروبي على حد تصويره.

وفيما يتعلق بمعايير الديمقراطية والحريات، أكّد أولوطاش أن الديمقراطية ليست خاصة بدول الاتحاد الأوروبي بل هي معايير كونية تتشارك فيها جميع الدول التي لها الحق في ترسيخ نظامها السياسي وفقاً لها، مضيفًا أن تركيا أبدت استعدادها لتأسيس نظام جمهوري ديمقراطي منذ تأسيسها أي قبل أن يبصر الاتحاد الأوروبي النور.

وبيّن أولوطاش في مقاله "هل يمكن أن تكون هناك ديمقراطية في تركيا بدون الاتحاد الأوروبي؟" أن الديمقراطية الأوروبية تفتقر للأخلاق الإنسانية، وقد ظهر ذلك في حرق خيم اللاجئين وعرقلة مرورهم، أما الديمقراطية التركية فيُخطط لها أن تكون ديمقراطية إنسانية اجتماعية عادلة، أي أنها تفوق معايير الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالديمقراطية، والدستور التركي قائم على الديمقراطية ولا تستطيع أي حكومة تركية تغيير هذا المبدأ، فالشعب التركي أظهر وعيه بالحقوق الديمقراطية ولن يسمح لأحد بالمساس بها بل سيشكل أداة ضغط على الحكومات المتتالية للحفاظ على الديمقراطية.

ومن جهته، أشار الخبير السياسي "ماركار إسيان" إلى أن هناك نموا واضحا لليمين الأوروبي المتطرف يؤثر على معايير  الديمقراطية التي تسعى تركيا لتطبيقها، موضحًا أن تركيا ستبني ديمقراطيتها وفقًا لمعايير كوبنهاغن سواء انضمت للاتحاد الأوروبي أو لم تنضم، لأنها معايير تصور الديمقراطية المنشودة، إلا أن هذه المعايير لا تُطبق من قبل دول الاتحاد الأوروبي نفسه، لذلك فإن الانضمام للاتحاد الأوروبي ليس المعيار الحقيقي للديمقراطية، بل المعيار الحقيقي هو التطبيقات الميدانية التي أظهرت أن السياسة الأمنية القومية الإيديولوجية الأوروبية تطغى على هذه المعايير من خلال موقفها غير المتوقع من محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت في 15 تموز/ يوليو.

وفي مقاله بصحيفة أقشام "القيم التي على أساسها بُني الاتحاد الأوروبي"، أوضح إسيان أن "الاتحاد الذي يتصرف بانحياز وازدواجية تجاه شعب حاول الحفاظ على ديمقراطيته بدمه لا يمكن أن يكون معيارًا أساسيًا للديمقراطية"، مبينًا أن الذي يدافع عن الانقلابي بدلًا من المواطن المدافع عن ديمقراطيته لا يمكن أن يكون إلا "كيانا دكتاتوريا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!