محمود أوفور  - صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

عندما تتعرض تركيا لمواجهة مشاكل معقدة، كانت حملة الضغوط السياسية تبدأ فورا عليها، وحينها تبدأ الأحزاب المهمشة وكل الأطراف الثانوية بالظهور مجددا على الساحة.

يهدفون من خلال هذا الحراك، لزعزعة السياسة الداخلية والخارجية لحزب العدالة والتنمية، فبدلا من أن  يقوموا بتطبيق سياسة المعارضة الحقيقية من اجل مصلحة البلاد، تجدهم يمارسون السياسة خلف الكواليس من أجل الاطاحة بالحزب الحاكم، لكن سياسة حزب العدالة والتنمية الداخلية والخارجية استطاعت التأقلم مع الأوضاع والتغيرات السريعة في المنطقة، ليبقى الحزب –كما كان- هو الأقوى على الساحة التركية.

ومع استلام أحمد داود أوغلو لرئاسة الحزب، تجدّد نشاطه الداخلي، فها هي اجتماعات الحزب الدورية في المحافظات والمدن تسير على قدم وساق. فحتى لو شعرنا في فترة ما ببطئ التحولات السياسية في حزب العدالة والتنمية، إلا أنّ التغييرات التي احداثها داود أوغلو، وإدارته الحكيمة لعملية السلام، وأسلوبه الجديد في حزب العدالة والتنمية جعل الحزب يحافظ على حيويته ونشاطه المعتاد.

ولا شك أنّ الاختبار الحقيقي لداود أوغلو سيكون في الانتخابات العامة في العام المقبل. وما أريد قوله هنا باختصار، إنّ حزب العدالة والتنمية ما زال يحافظ على نشاطه ويجدد طاقته وهمته، ولن يعاني من فراغ سياسي حتى الانتخابات القادمة.

 

حسابات الزعامة في حزب الشعب الجمهوري

حتى لو لاحظنا ظاهريا استقرار الأوضاع في حزب الشعب الجمهوري المعارض، إلا أنّ الحقيقية تقول أنهم ما زالوا يبحثون عن قائد وزعيم لهم وعن مسار سياسي جديد.

فما يزال موقف القوميين من رئاسة الحزب غير واضح، وإلى الآن لم يظهروا نيتهم ترشيح مرشحا منهم لرئاسة الحزب، ولا نعلم ماذا سيصنعون في المستقبل، فهل سيرضون بقدرهم الحالي، أم سينتقلون بصورة جماعية "لحزب العمّال"؟

وهنا يرى البعض أنّ الحزب لن يشهد نزاعات داخلية حقيقية في الوقت الراهن لأنه لن يعقد المزيد من المؤتمرات، لكن الحقيقة تشير الى أنّ الخلافات الداخلية لا تقتصر على موقف القوميين، وإنما هناك اسماء أساسية في الحزب لها وجهات نظر متناقضة وغير متوافقة وتبحث عن الزعامة، مثل "دينيز بايكال" و"مصطفى صاريقول" و"متين فيزي أوغلو" وغيرهم، وهناك بعض الاعضاء مثل "منصور يافاش" قادمون من حزب الحركة القومية.

لا شك أنّ الاختبار الحقيقي لحزب الشعب الجمهوري سيكون الانتخابات العامة القادمة في 2015، فإعلان قائمة الحزب لتلك الانتخابات سيتخلله نزاع داخلي شديد، ودليل ذلك الخلافات التي حصلت في "أنطاليا" في آخر انتخابات محلية، فأنطاليا هي محافظة الرئيس السابق لحزب الشعب الجمهوري "دينيز بايكال"، وقد فاز في الانتخابات المحلية السابقة لأنطاليا المرشح "جاويد أري" الذي حصل على دعم "دينيز بايكال"، حينها سمعنا التصريح التاريخي والذي قاله بايكال آنذاك، وهنا ساقتبس تصريحه بالنص:

"للأسف، على مدار عامين ونصف لم أزر اجتماعات حزبي في أنطاليا، لكني كنت انتظر بفارغ الصبر اللحظة التي ارجع فيها الى هناك مرفوع الرأس، لأنني لم اكن استطع القيام بذلك منذ سنتين ونصف، واليوم أعود إلى أنطاليا كما تدخل الأم لبيتها، وأستطيع زيارتها الآن كأنني أدخل الى بيتي".

هذا وضع محزن، فالحزب أمامه الانتخابات العامة المقبلة، وكل أعضائه بما فيهم "بايكال" لا يعلمون هل سيكونون مرشحين للحزب أم لا، وهناك العديد من الأسماء التي تشكل زعامات داخل الحزب، مثل "محرّم إنجه" و"مصطفى صاريقول" و"متين فيزي أوغلو" وكذلك "بايكال"، فكيف سيكون اختيار "كيليتج دار أوغلو" لقائمة حزبه ومرشحيه؟ وهل سيشهد الحزب صراعات وانشقاقات داخلية؟ ننتظر الفترة القادمة لنعرف الجواب اليقين.

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس