إمره أكوز - صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

في مقالة سابقة لي حاولت إيضاح أنّ هناك فرق كبير بين وصف سياسة ما بأنها سياسة "متناقضة"، وبين وصفها بأنها سياسة "خاطئة"، وقلت أنّ الإستراتيجية السياسية تتطلب في بعض الأحيان التراجع خطوات إلى الخلف، كما ركزت على أنّ سياسة أنقرة في الشرق الأوسط ليست سياسة متناقضة كما يتحدث البعض، خصوصا تجاه القضية الكردية والسورية والأحداث في العراق.

هل تعتبر السياسة التي تتبعها أنقرة اليوم تجاه الشرق الأوسط هي الطريقة الأمثل؟ وهل ستنعكس هذه السياسة بصورة إيجابية على الدولة التركية؟ وهل سيكون مستقبلنا أفضل من خلال إتباع هذه السياسة؟ وما الفرق بين التقارب التركي-الكردي وبين التقارب التركي-العربي؟

أنا أرى أنّ الأكراد كشعب قريبون جدا من الذهنية والثقافة التركية، وإذا قلنا لأحدهم تحدث الكردية ولآخر تحدث التركية فسنجد صعوبة بالغة في التمييز بين التركي والكردي، لكنني في الجهة المقابلة لا أرى هناك تقارب بين الذهنية والثقافة التركية ونظيرتها العربية، وذلك برغم تواجد عدد كبير من الكلمات العربية في اللغة التركية.

وإذا سألتم عن الرابط الذي يجمعنا جميعا، وهو الدين، فإن الدين واحد، لكن الشعوب الثلاثة تعيشه بطريقتها، وهنا أيضا الطريقة التي يعيشها الأكراد تشبه تلك التي يعيشها الأتراك، بينما هناك فرق وتباعد بين الأتراك والعرب على هذا الصعيد، وهذا أمر جلي واضح للعيان، ولا اعتقد أننا نختلف على ذلك.

وبناء على هذه المعطيات، أرى أنّ على أنقرة أنْ تتقرب أكثر من الأكراد بدل التقرب من السنة العرب خصوصا في المرحلة الحالية التي نعيش فيها خطر انفصال الأكراد عن تركيا وخطر تقسيم البلاد، وإذا ما عملت ذلك ستحصل على نتائج إيجابية بصورة أفضل، لما يتميز به الشعبان التركي والكردي من قرب الثقافة وأسلوب الحياة المجتمعية.

حسب الأخبار الواردة والتي تم تسريبها خلال الأيام الماضية، فإنّ الجيش قد حذر الحكومة من احتمال حدوث فوضى داخلية، قد تؤدي إلى انقسام تركيا، وأوضحت لها أنّ عليها وعلى الجيش أخذ كافة التدابير اللازمة لمنع حصول ذلك، وهذا يعني أننا عدنا إلى سنوات التسعينات من القرن الماضي، ونحن نعرف كيف كان تأثير الجيش في تلك الفترة ولصالح مَن كان يعمل.

أنا أرى أنه يجب أنْ يحدث العكس، وهو أنْ تتخذ أنقرة سياسة مناصرة لقضية الأكراد، وأن تساعدهم على  حل كل قضاياهم، وتساهم في دمجهم في المجتمع بصورة أكبر، وبهذا لن يحدث ما حذّر منه الجيش، لأنه في المحصلة، أن تكون شجاعا من أجل تحقيق الوحدة والاتحاد الشامل، أفضل من أنْ تتعرض لخطر الانقسام والتمزق، لكن إذا ما تدخل الجيش في هذا الأمر، فإن ذلك يعني أنّ القطار قد فاتنا، وهذا موضوع آخر بحد ذاته.

عن الكاتب

إمره أكوز

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس