أفياري عبدي علمي - الجزيرة الإنجليزية - ترجمة وتحرير ترك برس

كان الوسم الذي أطلقه الناشط الفرنسي جيروم جار على موقع تويتر بدعوة الخطوط التركية لإنقاذ الصومال، محاولة أخرى للفت انتباه العالم إلى المجاعة التي تضرب شبه الجزيرة الصومالية، لكن الشعب الصومالي يحتاج إلى استجابة منظمة على المدى القصير والطويل من أجل احتواء هذه الأزمة وضمان عدم حدوثها في المستقبل.

في الصومال أعقبت دورة الجفاف الطويلة مجاعات استمرت لعدة عقود. وفي الوقت الراهن يحتاج أكثر من خمسة ملايين صومالي إلى مساعدة فورية من أجل منع مجاعة أخرى. ويقول أدان أدار المدير القُطري للجنة الأمريكية للاجئين "إن موجة الجفاف شردت أكبر عدد من الصوماليين في البلاد".

يقدم النموذج الذي استخدمته الحكومة التركية في عامي 2011 -2012 رؤية مبتكرة ينبغي أن تفكر الدول المانحة في تبنيها من أجل إنقاذ الصومال من المجاعة.

الاستجابة الإنسانية

بدأت وكالات الإغاثة الإنسانية والمنظمات الدولية جهود إنقاذ الصومال، وذلك برفع الوعي لدى المجتمع الدولي. وفي مطلع شهر مارس/ آذار زار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غويتريس، الصومال في زيارة لم يعلن عنها من أجل حشد المجتمع الدولي للمساعدة في إنقاذ الصوماليين الذيت تضرروا من الجفاف.

في الحقيقة كان غويتريس في الماضي مؤيدا ثابتا للشعب الصومالي، فعندما كان رئيسا للمفوضية العليا للاجئين مارس ضغوطا على الحكومة الكينية والصومالية من أجل احترام الحقوق الإنسانية للاجئين.

في نهاية عام 2011 تعرض الشعب الصومالي لواحدة من أسوأ المجاعات في منطقة القرن الأفريقي أدت إلى مقتل أكثر من ربع مليون شخص، وتشريد مليون آخرين على الأقل.

في كتابهما "المجاعة في الصومال" وصف دانيال ماسكويل ونزار ماجد ردود الأفعال على المجاعة بأنها "إخفاق جماعي".

في عام 2011 كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أول شخصية رفيعة المستوى تزور الصومال، بهدف رفع مستوى الوعي لدى المجتمع الدولي.

في الوقت الحاضر وعلى الرغم من أن ملايين الصوماليين يقفون على حافة المجاعة، فإن هناك نقصا في الاهتمام والدعم من جانب المجتمع الدولي. وعلى ذلك ستكون الأسابيع القادمة مصيرية للسيطرة على الأضرار الناجمة عن الجفاف. ولعل دول مجلس التعاون الخليجي في وضع جيد يسمح لها بقيادة الجهود الإنسانية في الصومال على المدى القصير، نظرا لما تتمتع به هذه الدول من اقتصاد قوي، والقرب الجغرافي والثقافي والعلاقات التاريخية بالشعب الصومالي.

النموذج التركي في مساعدة الصومال

بسبب غياب الدولة الفاعلة في الصومال، فإن هناك عددا قليلا من آليات السيطرة على الجفاف ومنع تحوله إلى مجاعة. ومن أجل تغيير هذا الوضع، وإقامة دولة المؤسسات، أعتقدُ أننا نستطيع أن نتعلم عدة دروس من النموذج الذي استخدمته تركيا عام 2011 .

أولا، جمع النموذج التركي بين المساعدة والتنمية، فعلى سبيل المثال تمكن الهلال الأحمر التركي في المدة بين عام 2012- 2014 من إقامة مخيم راجو لـ29 ألف نازح في مقديشو. وفي الوقت نفسه وعلى بعد بضعة كيلو مترات فقط من المخيم أحضرت وكالة التنمية التركية وشركة خاصة معدات البناء الكبيرة التي شيدت الطرق الرئيسة في مقديشو.

ثانيا، قدمت تركيا مساعدات مباشرة وغير مشروطة في كثير من الأحيان للحكومة الصومالية. وعلى عكس الدول الغربية المانحة، قدمت أنقرة المساعدة مباشرة إلى الإدارة السابقة في مقديشو. ونأمل أن تفعل الشيء نفسه مع الحكومة الجديدة.

ثالثا، ركز النموذج التركي على مشاريع تطوير البنية التحتية ذات التأثير الكبير.وشملت هذه المشروعات، على سبيل المثال، المستشفيات، والمطارات والطرق الرئيسة.

رابعا، نظرا لضعف قدرات المؤسسات الصومالية استخدمت أنقرة الشراكة مع القطاعين العام والخاص لنقل الأموال المخصصة لمشاريع. وطورت شركات تركية مطار مقديشو وميناءها، وتسير شركة الخطوط الجوية التركية رحلات منتظمة إلى مقديشو. ومع إنشاء محطة جديدة داخل المطار نأمل في أن تسير شركات الطيران الأخرى رحلات إلى الصومال.

أجبرت الشركات التركية نظيرتها الصومالية على المنافسة. ومع وصول مزيد من الشركات التركية سيحصل مزيد من الصوماليين على فرص العمل، وتنخفض الأسعار وتتحسن الخدمات.

وأخيرا، ربما كان ما جري على أرض الواقع هو أهم عامل ساعد تركيا في الحصول على دعم واسع النطاق من الصوماليين، فقد بقي الدبلوماسيون وعمال الإغاثة الأتراك في البلاد، الأمر الذي ساعدهم على تفهم الشعب الصومالي واحتياجاته فهما أفضل.

استراتيجية مستدامة

قدمت الدول المانحة مليارات الدولارات من المساعدات إلى الصوماليين المحتاجين على مدى العقدين الماضيين، وهو أمر محل تقدير الصوماليين. وفي الآونة الأخيرة، ساعد المجتمع الدولي في  إنقاذ ملايين الصوماليين من المجاعة في عام 1991 وعام 2011. والحق أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرهما من الجهات المانحة دعمت الشعب الصومالي في نواح كثيرة.

على أنه لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستفادة من مليارات الدولارت التي يقدمها الغرب ودول الخليج إلى الصومال، لابد من إعادة النظر في نموذج المساعدات الحالي.

فتح نموذج المساعدات التركية أبوابا جديدة أمام الشعب الصومالي، ومن ثم يجب على المانحين في الغرب والخليج أن يحذوا حذو تركيا في الاستثمار في مشاريع طويلة الأجل التي يمكن أن تساعد في تمكين مؤسسات الدولة، وتمنع كارثة إنسانية أخرى، وتساهم في النمو الاقتصادي للبلاد.

وباختصار يجب علينا أن نبذل ما في وسعنا لإنقاذ مئات الآلاف من الصوماليين من الموت جوعا، وذلك عبر الجهود الإنسانية الواسعة. كما يجب علينا أن  نتعلم من تجربة عام 2011 ومن النموذج التركي الذي يمزج بين جهود الإغاثة والتنمية في وقت واحد.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس