جمال الهواري - خاص ترك برس

هل ما يقوم به النظام السوري بصفة يومية ومنذ 6 سنوات كاملة ضد الشعب السوري الأعزل من مجازر يستخدم فيها ترسانته العسكرية المدججة بكافة أنواع الأسلحة، وسط صمت وتواطؤ غربي، وآخرها مذبحة "خان شيخون" والتي استخدم فيها النظام السوري غاز "السارين" السام والمحرم دوليًا لا يستحق أن يصنف بجريمة حرب وضد الإنسانية ويستوجب تدخلًا أمميًا عاجلًا ضد النظام السوري الذي ينكل بالسوريين ليلًا ونهارًا وقسمهم ما بين قتيل وجريح ومشرد ونازح ولاجيء، ولا يأتي أحد ويحدثني عن الإدانات الفردية من الحكومات الغربية والتي يخرج بها مسؤول هنا ويصرح بها مسؤول هناك دون اتخاذ أي إجراءات فعلية لمنع تكرار حدوثها، فلو أرادت تلك الدول إنهاء الحرب وإسقاط بشار الأسد لفعلت منذ زمن لكن المصالح الأمريكية والأوروبية والكيان الصهيوني والتي تتقاطع مع المصالح الروسية والإيرانية تجعلهم لا يقومون بأدنى جهد لمنع تلك المجازر التي صنفتها كل المنظمات الحقوقية بأنها "جرائم ضد الإنسانية"، لأن استمرار الحرب في سوريا يحقق مصالح الجميع إلا الشعب السوري والذي لا تقيم الدول الغربية له وزنًا في ميزان مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية.

روسيا

ستستمر روسيا في دعم النظام السوري وإمداده بالسلاح ودعمه سياسيًا على الساحة الدولية حماية لمصالحها "القواعد العسكرية ومبيعات السلاح" وحتى لا يلحق بحليفيها السابقين في المنطقة "صدام حسين والقذافي" إضافة للترويج لمعداتها العسكرية في استعراض حي ومباشر لقدراتها التدميرية "ارتفعت مبيعات الأسلحة الروسية من 8.8 مليار دولار في 2010 إلى 15 مليار دولار في 2016 إضافة إلى عقود آجلة بـ52 مليار دولار"، واستمرار الصراع سيؤدي إلى سحق الجماعات الإسلامية والتي يقاتل في صفوفها الكثيرون من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق والذين سيشكلون خطرًا عليها حال رجوعهم إلى دولهم مع اكتسابهم خبرات عسكرية لا يستهان بها أضف إلى هذا استغلال ما يحدث في سوريا للسيطرة على الوضع الداخلي المتأزم اقتصاديًا وسياسيًا حيث يروج النظام الروسي بأن روسيا قد عادت لاتخاذ موقعه كقوة عالمية لها وزنها لاعبًا على وتر الاعتزاز بالوطنية ناهيك عن منع أي خطط مستقبلية لمد خط أنابيب ينقل الغاز من الخليج إلى أوروبا مما يهدد مصالح روسيا الاقتصادية في الصميم.

أمريكا والكيان الصهيوني

من مصلحتهما استمرار الصراع في سوريا وتطاحن الجميع هناك مما يحقق ضرب النسيج الاجتماعي وتدفق الدماء بين مختلف مكونات الشعب السوري المذهبية والعرقية مع التركيز على التغيير الديموغرافي للأكثرية السنية مما يجعل من المستحيل عودة تلك المكونات للعيش معًا بسلام وتدمير الاقتصاد والبنى التحتية والقضاء على مفهوم الدولة المركزية وتدمير الجيش السوري مما يسمح بتواجد ميليشيات طائفية وعرقية تسيطر على مساحات محددة وضمان الأمن والاستقرار للكيان الصهيوني عبر تخلي نظام الأسد عن ترسانته من الأسلحة الكيماوية ولا تتدخل أمريكا والكيان الصهيوني على الأرض إلا اذا تعدى أي فصيل الخط المرسوم له ولحماية الميليشيات الكردية التي يتم الحفاظ عليها لتنفيذ المخطط ولتبقى ورقة ضغط ومساومة يتم استعمالها ضد تركيا إذا ما دعت الحاجة.

إيران وحزب الله

تساند إيران النظام السوري بكل ما يمكنها من قوة لأسباب كثيرة، فسوريا مهمة جدًا لإيران حتى لا تنقطع حلقة الوصل مع حزب الله ومشروع الهلال الشيعي، وفرض نفسها كقوة إقليمية لها مشروعها وأجندتها الخاصة والتي تنفذها بمنتهى السرعة والدقة والمهارة في المنطقة العربية، وأيضًا لن تتخلى إيران عن بشار الأسد بعد كل دعمها له بالمال والرجال والعتاد، وحماية لمصالحها الاقتصادية المتنامية في مختلف القطاعات السورية، إضافةً إلى أنه بدون الدعم المادي والعسكري من إيران لا يقوى حزب الله على البقاء كأقوى الأحزاب اللبنانية، وإذا سقط نظام الأسد سيخسر نصر الله سوريا كجسر يؤمن له الحصول على الدعم الإيراني.

الاتحاد الأوروبي

يفتقد الاتحاد الأوروبي حتى يومنا هذا إلى رؤية موحدة بخصوص المسألة السورية وركز على المساعدات الإنسانية في الصراع واستخدم النفوذ السياسي بهدف إيجاد حل سياسي، والأحداث المتلاحقة أثبتت أن الاتحاد الأوروبي لا يؤدي سوى دور ثانوي في الشرق الأوسط بشكل عام ويتصرف كوسيط بعيد، وأيضًا استمرار الصراع الدائر في سوريا يمثل فرصة لأوروبا تتخلص بها من الجماعات الإسلامية المتشددة منها والمعتدلة وبقائها منشغلة والخوف من قيام الموالين لنظام الأسد والمقيمين على أراضيها بعمليات إرهابية انتقامية لو قام الاتحاد الأوروبي بالتدخل عسكريًا ضد النظام السوري والفائدة الاقتصادية من دمج اللاجئين السوريين في القطاع الإقتصادي بكافة مجالاته كعمالة منخفضة الأجر.

الخلاصة

العالم الغربي لا يهمه إلا تحقيق مصالحه السياسية والاقتصادية بغض النظر عن أي اعتبارات أخلاقية، أما حقوق الإنسان والحريات وما إلى ذلك فهي تأتي في ذيل اهتماماته إذا ما تعارضت مع تلك المصالح.

عن الكاتب

جمال الهواري

صحفي و ناشط سياسي مصري، عضو منظمة العفو الدولية.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس