رحيم أر - صحيفة تركيا - ترجمة وتحرير ترك برس

شهد مايو/ أيار الحالي سلسلة زيارات متتالية أشبه ما تكون بعملية إنزال تركية في الولايات المتحدة الأمريكية:

بدأت السلسلة بزيارة وفد ثلاثي مكون المتحدث باسم الرئاسة التركية ورئيس جهاز الاستخبارات ورئيس هيئة الأركان، ولقاءات مع مسؤولين أمريكيين. أعقبتها زيارة وزير العدل والمدعين العامين الذي أعدوا لائحة الاتهام الخاصة بمنظمة "فتح الله غولن"، حيث التقوا وزير العدل الأمريكي ومرافقيه. وأخيرًا الزيارة المرتقبة للرئيس رجب طيب أردوغان والوفد المرافق له إلى البيت الأبيض خلال الأيام القادمة.

ثلاث زيارات في غاية الأهمية خلال حوالي أسبوعين.

الملفات التي سيثيرها الجانب التركي معروفة: تقارب واشنطن مع حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب وكأنها تفعل ذلك نكاية بأنقرة، عدم القبض على غولن وشركائه في الجرم وعدم تسليمهم لتركيا، تجاهل واشنطن جميع التحذيرات التركية.

عند النظر من منظور الولايات المتحدة للمسألة، من الواضح أنها ستعترض على التقارب التركي- الروسي. وسيطرح الأمريكان سؤال "هل نحن حلفاؤكم أم روسيا؟". وربما يقولون "أدخلتم إيران على الخط وأعلنتم مع روسيا مناطق تخفيف التوتر بضمانة ثلاثية في سوريا. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أعلنت روسيا أن الطائرات الأمريكية لا يمكنها الطيران في هذه المنطقة".

أصبحت الولايات المتحدة خارج اللعبة من جهة، وتلقت تحذيرات بخصوص منطقة حظر الطيران. هذه النتيجة هي إفلاس للسياسات الأمريكية في الخليج والربيع العربي.

وإذا كانت الولايات المتحدة منزعجة من عودة الصداقة الوثيقة مجددًا بين أنقرة وموسكو فإن المتسببين في ذلك هم من أقاموا في البيت الأبيض لحين مجيء دونالد ترامب. بوش الابن وأوباما خلفا تركة في غاية السوء.  فالأول قدم العراق لإيران والثاني أهدى سوريا لروسيا على طبق من ذهب. أصبحت إيران اليوم تمتلك قوة نفوذ إمبريالية كما لم تكن في يوم من الأيام في منطقة الشرق الأوسط. كذلك روسيا، لم تكن موجودة في البحر المتوسط والشرق الأوسط في أي فترة من فترات التاريخ كما هي اليوم.

وهناك مسألة أخرى، وهي أن أردوغان يسيطر على الوضع تمامًا في تركيا، وهذا الوضوح ليس متوفرًا في الولايات المتحدة. فالرئيس ترامب ليس مقبولًا في بعض المناطق، كما أنه لم يقدم حتى الآن على خطوات فعلية. والوقت يُحسب عليه وعلى الولايات المتحدة. وفي حال فشل الرئيس الثالث، بعد عهدين فاشلين متتالين فلن يقتصر دفع ثمن ذلك على الدولة الأمريكية فحسب، وإنما سيطال مواطنيها في الشارع أيضًا.

نتيجة هذه الزيارات الثلاث ستعني إما استمرار العلاقات بين الجنبين، أو يذهب كل في طريقه. وإن لم تصغِ الولايات المتحدة لتركيا وتقدم على تغيير سياستها فإن موسكو وبكين ستكونان الأقرب إلى أنقرة.

لا يمكن لواشنطن أن تبرر بشكل منطقي، التناقض بين إدراج حزب العمال الكردستاني تنظيمًا إرهابيًّا، واعتبار امتداده، حزب الاتحاد الديمقراطي حليفًا لها. كذلك لا يمكن قبول حماية واشنطن لفتح الله غولن، والكادر القيادي في منظمته المتهمة بالمحاولة الانقلابية الفاشلة.

خلال الحملة الانتخابية قال دونالد ترامب بنفسه إن المحاولة الانقلابية في 15 يوليو/ تموز هي من تدبير وكالة الاستخبارات المركزية. وعليه فإن الأتراك ينتظرون مواقف صادقة من أصدقائهم.

عن الكاتب

رحيم إر

كاتب في صحيفة تركيا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس