خليل المقداد - خاص ترك برس

لعله من سخرية الأقدار بنا كشعوب عربية وإسلامية أن يتم فرض قائد الإنقلاب السيسي كأحد أركان الحرب على ما يسمى الإرهاب في المنطقة، لا بل إن مجرد وجود هذا الرجل على رأس هرم الحكم في مصر هو السخرية بعينها. فمنذ الإنقلاب العسكري الذي قاده السيسي ومصر في حالة موت سريري، نتيجة التخبط في القرارات، وانتهاج السياسات الفاشلة على كافة الأصعدة عسكريًا وأمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.

لقد نجح السيسي وبوضاعته المعهودة في الحصول على لقب المتسول الأول، ليس على المستوى الدولي والإقليمي وحسب، بل والمحلي أيضا، إذ لا يكاد يخلوا خطاب له، من فقرة يطالب بها فقراء مصر وأغنيائها بالتبرع لمصر ولو بجنيه، عدا عن مطالبته البنوك باقتطاع "الفكة" من المعاملات البنكية لصالح النظام المنهك إلا من الكذب.

لا يذكر للسيسي وهو العالة على مصر وشعبها، أي فضل أو إنجاز سوى قتل وإعتقال وتهجير المصريين وتدمير أو مصادرة ممتلكاتهم، وهو ورغم كل عهوده ووعوده للمصريين بمستقبل زاهر لم يستطع تحقيق حتى الحد الأدنى من هذه الوعود، فسياساته ورهاناته الفاشلة أسهمت في انفضاض حلفائه عنه، ولولا وصول ترامب لسدة الرئاسة في مصر لكان له وضع آخر، فترامب نجح بفرضه مجددًا على الداعمين العرب.

في قمة الرياض لم يجد ترامب ما يناقشه مع السيسي سوى إظهار إعجابه بحذائه، وربما يكون قد استكثر عليه نوع الحذاء!

السيسي بدوره يرد الجميل لترامب بالقول: "أنت شخصية فريدة قادرة على فعل المستحيل"!

ترامب يوافق على التوصيف! فهو معجب بحذاء السيسي؟ وأمن مصر مستتب، والفضل في هذا ربما يعود للحذاء!

محير هو أمر هذه الشعوب التي تُسامُ سوء العذاب على يد جلاديها ثم لا تنتفض في وجههم، حتى بعد أن خَبِرَت لذة الحرية والكرامة الإنسانية وإن لشهور؟!

السيسي ليس سوى جنرال فاشل ومتملق كاذب لا يصلح "كعمدة" أو "شيخ غفر"، لكنه يحكم بالكذب جهارًا نهارًا، ويستمر المخدوعون في تصديقه، ربما يعلمون حقيقته لكنهم يغمضون أعينهم عنها ويستمرون في ممارسة دور الرعية الصالحة، ربما خوفًا. قد يسبونه داخل الأبواب المغلقة لكنهم في العلن صامتون، مئة مليون أو يزيدون هم عدد المصريين، لكنك لا تجد منهم مليونا ينتفضون! فما السبب؟

هل هو غياب النخب، أو نخب صنعها المستبد، لا فرق!

اتضحت الرؤيا منذ انقلاب السيسي على شرعية مرسي، بدعم الغرب ومال العرب! هكذا أرادت إسرائيل!!

شعوب لا تتعلم، ولا تريد التعلم، وربما استسهلت الهوان فهانت!

شعوب تربت على نام الرئيس، قام الرئيس، قال الرئيس، عاش الرئيس، في مصر يسمونه الريس!

الريس قال قبل سنين: مصر ح تبقا قد الدنيا وبكرة تشوفوا .. بس صبح عليها بجنيه!

تنحرف المفاهيم فيصبح الذئب حارسا للقطيع بدل الكلب، لا وجود للراعي في حضرة اللص، فهو الراعي!

وفي المسلخ تتساوى الذبائح، فلا فرق بين خروف وتيس، ولا عجل أو جمل، جميعها وجدت لتذبح ثم تأكل هنيئا مريئا!

ثورات الشعوب على المستبد إرهاب لابد من استئصاله، والحرية لا تليق بالعبيد هكذا يريد السيد!

ليس من حق العبد أن يطالب بشيء من كرامة وعدالة ولا حرية رأي!

لهذا كان لابد من تأديب الشعوب الإرهابية، فهي ناكرة لجميل المنعم المتفضل الحاكم بأمره والناهي.

لو جبتم العالم أو بحثتم في معاجم التاريخ فلن تجدوا بمثل صفاقة رجل يقتل ويهجر ويجوع ويسخر من الشعب صبح مساء ثم يستمر بالحكم كيف لا وترامب معجب بحذائه، وعلى الشعب أن يهتف اليوم: عاش حذاء الرئيس!

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس