ترك برس

قال الخبير والمحلل السياسي التركي محمد زاهد جول، إن الرؤية التي يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتغييرها في المناهج الدراسية التركية المسيئة إلى العرب، ينبغي أن تقابلها خطوات إيجابية في كل الدول العربية، التي لا تزال تدرس مثل هذه العبارات ضد الأتراك.

وفي تقرير نشرته صحيفة القدس العربي، أشار جول إلى أن ما وقع في التاريخ القريب لا يمثل أكثر من مرحلة تاريخية لها ظروفها التاريخية القاهرة، وتطلعات تركيا وشعبها اليوم بخلاف ما هي عليه النظرة الخاطئة التي أدرجت مثل هذه العبارات في الكتب المدرسية قبل عقود، وسوء النوايا أو المواقف الخاطئة لبعض الأحزاب القومية التركية أو العربية التي أسست ثقافتها الحزبية قبل نصف قرن وأكثر، ينبغي أن لا تبقى تحكم على الأتراك ولا العرب بالمنظار نفسه اليوم.

وقال إن الدول العربية العصرية أصبحت واقعا - كما هو الحال - بالنسبة للجمهورية التركية، وينبغي أن لا توجد مخاوف للأنظمة السياسية العربية من تركيا، وألا توجد مخاوف عربية بين أنظمتها السياسية نفسها، فالمحاولة الخاطئة من صدام حسين لضم الكويت بالقوة عام 1990 تمت مواجهتها من المجتمع الدولي والأمم المتحدة، واستخدمت القوة العسكرية الدولية لإلغائها.

ورأى الخبير التركي أن استقرار النظام الدولي الحالي في البلاد العربية والاسلامية ليس مهددا بالزوال، والمساعي بين هذه الدول ينبغي أن تكون لتحسين العلاقات السياسية بينها، خدمة لمصالح شعوبها، وليس لمصالح أنظمتها السياسية فقط.

وشدّد على أن السياسة التركية الراهنة نحو العرب تمثل مؤشرًا على أن تفكير الرئيس التركي والسياسة التركية تتطلع، على المدى القريب والبعيد، لتوثيق العلاقات التركية العربية، بغض النظر عما ترسمه الظروف الراهنة والمعاصرة، فالرئيس التركي طالب بتغيير المناهج الدراسية في الكتب المدرسية، التي تعلم التلاميذ الأتراك بأن العرب طعنوا الدولة العثمانية والأتراك من الظهر.

ووجهة نظر الرئيس التركي أن هذه القضية غير صحيحة، وأن ما وقع من أخطاء بين العرب والأتراك في التاريخ القريب كانت له ظروفه التاريخية الخاصة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، التي لا يتحمل مسؤوليتها العرب اليوم، ولا في المستقبل، وبالتالي فإن بقاء هذه المواقف العدائية بين العرب والأتراك ليس صحيحا، ولا صواباً، لأن القواسم المشتركة بينهما أكبر بكثير من نقاط الاختلاف.

ويقول الرئيس أردوغان: أستذكر بكل فخر واعتزاز مئات الآلاف من جنودنا الذين سارعوا إلى الشهادة دون أدنى تردد، وإخواننا العرب الذين حاربوا إلى جانبهم، كي لا تدنس أقدام الأعداء مقدساتنا الإسلامية، لقد آن الآوان لكي نضع جانبًا الكذبة القائلة إن "العرب طعنونا من الخلف"، التي انحفرت في الأذهان على مر الأجيال، لأنها أُدرجت في الماضي بشكل مقصود وخاطئ في كتب التعليم المدرسية.

ورأى جول أن ما قاله أردوغان هو أن التاريخ الاسلامي المشترك بين العرب والأتراك شاهد على الوحدة والتضامن والتعاون بينهما قرونا طويلة، بينما التركيز على لحظات تاريخية قليلة وخاضعة لظروفها التاريخية ينبغي أن لا تحكم على كل التاريخ التركي العربي.

والمهم أن الرئيس يقول إن هذه المقولة العدائية بين الأتراك والعرب أدرجت في الماضي بشكل مقصود وخاطئ في كتب التعليم المدرسية، لأنها أدرجت لتعمل على توسيع شقة التباعد بين الأتراك والعرب بعد إسقاط الدولة العثمانية، وفي الوقت نفسه أدرجت في الكتب المدرسية العربية مثل هذه العبارات ضد الأتراك، في لحظات بعث القومية التركية، أو بعث القومية العربية بشكل خاطئ ومقصود، والسعي لإزالة هذه العبارات من الكتب المدرسية التركية خطوة إيجابية لتغيير مفاهيم الشعب التركي عن العرب، والعكس صحيح أيضاً.

في سياق متصل، قال الكاتب والخبير في الشأن التركي سعيد الحاج، في تحليل نشره موقع "عربي21"، إن تصريح أردوغان يأتي في سياق استثنائي ومهم بالنسبة للسياسة الخارجية التركية، التي تعاني من أزمات وتوترات مع محاورها الغربية أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، بينما تنتهج مؤخرا سياسة الاتجاه شرقا من جهة والسعي للانخراط أكثر في قضايا المنطقة من جهة أخرى.

ورأى أن الادعاء الكاذب الذي تحدث عنه أردوغان يقابله ادعاء "الاستعمار التركي" للبلاد العربية وتقريبا لنفس السبب أي أخطاء بعض الأفراد أو الجهات أو حتى الدولة نفسها لكن في فترة تاريخية لها ظروفها وسياقاتها.

وأضاف الحاج: "يعمل الادعاءان في الظاهر باتجاهين متناقضين، لكنهما في الحقيقة يكملان بعضهما البعض ويلعبان دوراً سلبياً على صعيد العلاقات التركية - العربية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!