ترك برس

رأى جهاد صقر، الكاتب في مجال الحريات والإستراتيجيات، أن ألمانيا تُفضّل تركيا اليوم ضعيفة مفككة، بسقف إستراتيجي لا يعدو فوهة مدفع في وجه الأطماع الروسية جنوب شرق أوروبا، أو صنبورا يُقفل دون جحافل اللاجئين غربا.

وفي تقرير تحليلي نشره موقع "الجزيرة نت"، تحدث صقر عن وجود تعقيد وتشابك في العلاقة بين ألمانيا والعالم الإسلامي، نابع من تعقيدات سياسة ألمانيا الخارجية من جهة، ومن تداخل المشهد على مستوى العالم الإسلامي في الجهة المقابلة.

واعتبر أن خروج الكنيسة من دائرة صنع القرار السياسي وتنافس ألمانيا وجيرانها عززا ارتباط الألمان والعثمانيين لاحقا بعلاقات وثيقة وصلت لدرجة التحالف أحيانا، مما ساعد على سقوط عدو مشترك هو الإمبراطورية الروسية بين براثن الثورة البلشفية عام 1917.

فقد شكلت الإمبراطوريتان العثمانية والألمانية عائقا صلبا في العمق الأوروبي حال دون وصول إمدادات الإنجليز والفرنسيين (خلال الحرب العالمية الأولى) إلى حليفهم الإمبراطور الروسي، بحسب الكاتب.

وأشار صقر إلى أن التنافس الاستعماري المحموم مع بريطانيا وفرنسا، دفع ألمانيا للوقوف بقوة مع فكرة الوحدة الإسلامية أيام السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وفق ما اعتبره خبير العلاقات الألمانية الإسلامية د. عبد الرؤوف سنو "تلاعبا بالورقة الإسلامية إلى حد إعلان إمبراطور ألمانيا صداقته للمسلمين في العالم، متحديا نفوذ فرنسا وبريطانيا ببلاد الشام، ليعود على الألمان بمنافع اقتصادية ضخمة".

وبحسب صقر، سمحت ألمانيا في السنوات الأخيرة بتعليم اللغات العربية والتركية والبوسنية والتربية الإسلامية في المدارس الحكومية إن توفر عدد كاف من الراغبين فيها. ومع ذلك سيّست بعض الولايات هذا الملف معلقة إياه فترة المسيرات ضد الانقلاب العسكري التركي، بحجة أن مؤسسة ديانت التركية بألمانيا -المساهمة ببرامج التربية الإسلامية- مؤيدة للديمقراطية التركية.

وقال إن نجاح تركيا في تقديم نموذج ديمقراطي عصري يحترم القيم الإسلامية، وصوتها المسموع عالميا، وسعيها منذ عقود للانضمام للاتحاد الأوروبي؛ يضع العلاقة الألمانية التركية في صلب علاقات ألمانيا مع العالم الإسلامي.

وأضاف أن الملاحظ هنا هو أن تعاطي ألمانيا اليوم مع هذا الملف متباين شكلا وموضوعا مع تعاطيها معه أيام ماضيها الإمبراطوري، بينما لا تجد اختلافا كبيرا في تعاطي أتراك اليوم والأمس في ملف العلاقة مع ألمانيا.

وتابع الكاتب أنه بعدما كانت الدولة العثمانية هي العمق الإستراتيجي لألمانيا الإمبراطورية نحو المياه الدافئة ومصادر الطاقة وأسواق الهلال الخصيب والهند والصين شرقا؛ يفضل الشريك الألماني تركيا اليوم ضعيفة مفككة، بسقف إستراتيجي لا يعدو فوهة مدفع في وجه الأطماع الروسية جنوب شرق أوروبا، أو صنبورا يُقفل دون جحافل اللاجئين غربا.

ولعل تغير خريطة تحالفات ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية هو ما أفرز تغير النظرة تجاه تركيا من حليف إلى تابع، رغم شراكة الطرفين في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!