ترك برس

أكّد تقرير موسّع في "مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية" التركي، إلى ضرورة الفهم الجيد لموقع الدفاع الأمريكي، من أجل الوصول إلى فهم كامل لأهمية قطر الجيو ـ استراتيجية العسكرية، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة الأمريكية تم تشكيلها لتلبية احتياجات قوة عظمى تسعى للنفوذ العالمي.

وأوضح التقرير أنه بِموجب خطة القيادة الموحدة، تم بناء ستة من أصل تسعة من القيادات القتالية الأمريكية على أساس جغرافي، أحدها هي القيادة المركزية، المعروفة على نطاق واسع باسمها المختصر "سنتكوم، CENTCOM"، حيث تمتد المناطق التي تقع تحت مسؤوليتها من الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى.

التقرير (Turkey’s Forward-Basing Posture) الذي أعدّه الدكتور "جان كسب أوغلو"، وهو حاصل على درجة الدكتوراه من "معهد الأبحاث الاستراتيجية" في "الكلية العسكرية التركية"، تمت ترجمته من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية من قبل "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات".

وأضاف التقرير أن أحد المهام الريادية للقيادة المركزية كانت عملية "الحزم الصلب Operation İnherent Resolve" لمحاربة إرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش). وفي حين أن القيادة العامة للـ"سنتكوم" تقع في فلوريدا، فإنها تعمل من خلال قيادات جزئية متقدمة.

وهناك اثنتان من أصل خمس قيادات جزئية للـ"سنتكوم"، إحداها للقوات الجوية والأخرى لقوات العمليات الخاصة، تقع مقراتها في قطر. ومن وجهة نظر استراتيجية، تشكل هذه المقرات أحد أهم الموارد المساعدة على مكافحة تنظيم الدولة. وبعبارة أخرى، تشكل قطر مركزا رئيسيًا للعمليات.

وبحسب التقرير، وقعت واشنطن والدوحة اتفاقية تعاون دفاعي في سنة 1992. ومنذ ذلك الحين، استمرت العلاقات الدفاعية الثنائية ضمن إطار رسمي. وتم تجديد اتفاقية التعاون الدفاعي في 2013. أما عن نص الاتفاقية فهو سري، لكن يستطيع المرء أن يفهم بسهولة أنه يتضمن قضايا حيوية نظرا لكون نحو 10 آلاف جندي أمريكي منتشرين في قطر.

ويرتكز الوجود العسكري المتقدم للولايات المتحدة في هذه الدولة الخليجية الصغيرة على الوضعية القوية لسلاح الجو في قاعدة العديد التي تلعب دورا أساسيا في عملية الحزم الصلب. وعلاوة على ذلك، تتمتع قاعدة العديد ببنية تحتية ممتازة تمكنها من تشغيل قاذفات "ب-52 ستراتوفورتس، stratofortress B-52" الاستراتيجية طويلة المدى.

وأخيرًا، فإن عناصر الجيش الأمريكي المنضويين تحت "سنتكوم" منتشرون بمستوى لواء في قاعدة السيلية. وبالمجمل، تستضيف قطر موارد أمريكية حيوية لإدارة الإستراتيجية العسكرية للبنتاجون في الشرق الأوسط، وفق التقرير.

وأشار التقرير إلى أنه ليس لدى الدوحة سوى قدرات دفاعية متواضعة، فوقفا لتقديرات مفتوحة المصدر، يبلغ إجمالي القوى العاملة النشطة للقوات المسلحة القطرية نحو (11,800)، أي بالكاد ما يعادل عدد أفراد كتيبة قياسية.

وبما أن قطر لديها عدد قليل جدًا من السكان، فهناك طريقتان فقط لتعزيز قدرات الدفاع الوطني: إما بناء التحالفات العسكرية أو التركيز على الأسلحة المتطورة لتجهيز القوات الوطنية. وتبقى عمليات الانتشار المتقدمة للجيش الأمريكي الركيزة الأساسية لسياسة التحالف العسكري للدوحة. ومن المتوقع في هذه المرحلة أن يساعد الانتشار التركي المتقدم على تنويع قدرات قطر كدولة مضيفة.

وتحت عنوان "تقديم الانتشار التركي المتنامي"، سرد التقرير تفاصيل قانون الدفاع المشترك بين تركيا وقطر، والذي صادق عليه البرلمان التركي يوم 7 حزيران/يونيو الماضي، في جلسة تشريعية مهمة جرت بسرعة، حيث كانت الخطوة الملموسة الأهم التي اتخذها أنقرة خلال أزمة الخليج.

وعقب التصويت البرلماني، أرسلت أنقرة بعثة عسكرية رفيعة المستوى لبدء استعدادات نشر القوات. وكان أهم عاملين في بناء القاعدة التركية المتقدمة في الخليج هما خريطة الطريق و توقيت عملية الانتشار.

وببساطة، من المتوقع أن تصل القاعدة إلى مستوى كتيبة خلال سنة 2017، ومن المحتمل أن يكون الهدف النهائي منها تمركز قوة بمستوى لواء، بحسب التقرير.

تشير إجراءات لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي إلى أن الخطة الأولوية هي إنشاء كتيبة قوية قوامها 500ـ600 في قطر ( يطلق عليها اسم "مقر الشعبة التكتيكية المشتركة")، يرأسها جنرال قطري برتبة نجمتين، ويستلم قائد لواء تركي منصب نائب القائد.

كما أفيد نحو تسعين جنديا تركيا، أي ما يعدل سرية، انتشروا في أراضي الدولة الخليجية منذ سنة 2015. وفي وقت كتابة هذا التقرير، أشارت بعض المصادر الصحفية إلى أن الدفعة الأولى من عمليات الانتشار المخطط لها يمكن أن تصل إلى ألف جندي، مما يشير إلى إمكانية إجراء تعديل في عملية توريد القوات بسبب الحالة الملحة في قطر.

وعلاوة على ذلك، ذكرت وسائل الإعلام التركية أن التدريبات بدأت بالفعل في 19/6/2017. أخيرا، أظهرت هذه الإجراءات أن أنقرة اقتربت من الانتهاء من إنشاء بعثة مشتركة مستقلة بين الدرك التركي وقوات الأمن الداخلي القطري.

ومما لا شك فيه أن أهم مادة في اتفاق التعاون الدفاعي هي المادة التي تسمح للقوات التركية بالتمركز على الأرض القطرية. ومع ذلك، وعلى عكس التكهنات، فإن المعاهدة التي تم التصديق عليها لا تتضمن شرط الدفاع المشتركة (بالاتينية CASUS FOEDERİS)، وهو شرط ديبلوماسي يحدد الظروف التي يتم بموجبها المشروع بالتحالف العسكري، كالمادة 5 من اتفاق حلف شمال الأطلسي (ناتو) "North Atlantıc Treaty Organızatıon".

وبالتالي، فإن تركيا ليست ملزمة قانونيا بالدفاع عن دولة قطر. وعلى سبيل المقارنة، فإن الشراكة الدفاعية التركية الأذربيجانية، على سبيل المثال، تتضمن بنودا غير مقيدة، يمكن تفسيرها على أنها "CASUS FOEDERİS" أي شرط الدفاع المشترك في أوقات الحرب.

وفي الوقت نفسه، فإن القواعد المتقدمة التركية في قطر هي بالتأكيد أكثر من وجود "رمزي". وحتى الجيب التركي في سورية، والذي يمتد حول القبر التاريخي لسليمان شاه، الذي كانت تحرسه فرقة المراقبة الشرفية على مدى عقود، أدى إلى حدوث قضايا معقدة، بما في ذلك عملية إجراء لتلك القوات ثم عملية إعادة توغل.

وفي حالة قطر، حيث يعمل آلاف الرجال الذين يرتدون الزي الرسمي في القاعدة المتقدمة المشتركة، فإن الاستثمار العسكري هناك كبير ويعكس الأولوية  الجيو - سياسية لأنقرة ومصالحها الجوهرية في الخليج.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!