حمزة تكين - خاص ترك برس

لا يخفى على عاقل متابع للأحداث أن تنظيم pyd الإرهابي في مناطق شمالي سوريا هو امتداد لتنظيم pkk الإرهابي صاحب الأيديولوجية الماركسية اللينينية المدرج على لوائح الإرهاب في تركيا والاتحاد الأوروبي وأمريكا وغيرها، والذي تسبب بسقوط أكثر من 45 ألف ضحية من المدنيين في مناطق جنوب شرقي تركيا خلال الأعوام الـ 35 الأخيرة.

وبدل العمل على محاربة تنظيم pyd في سياق ما تم الإعلان عنه من محاربة الإرهاب وخاصة تنظيم "داعش"، عملت بعض القوى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية على دعم هذا التنظيم بشكل علني بحجة محاربة تنظيم إرهابي آخر، والحقيقة تقول أن تنظيمي "داعش" وpyd وجهان لعملة واحدة من الإرهاب وقتل الأبرياء وتدمير القرى وتهجير البشر خدمة لأجندات لا تمت لشعوب منطقتنا بصلة.

منذ ان احتل تنظيم pyd الإرهابي العديد من مناطق شمالي سوريا، لا يمر يوم إلا ويرتكب فيه عناصر هذا التنظيم جريمة بحق أهالي تلك المناطق، من الأكراد قبل غيرهم من العرب والتركمان، فهو يعتبر أن كل من لا يركب مركبه عدو خائن يجب قتله سواء كان كرديا أو عربيا أو تركيا أو تركمانيا، تمام كفكر وإيديولوجية تنظيم "داعش" الإرهابي مع اختلاف في المكياج والبودرة فقط لا غير.

منذ 3 سنوات يعاني السكان هناك من إرهاب هذا التنظيم فضلا عن اقدامه على القيام بعدة عمليات إرهابية ضد المدنيين داخل الأراضي التركية خاصة من خلال نصفه الأول تنظيم pkk الإرهابي، ونشر تهديدات يومية لتركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان وشعبها بكل أطيافه من كرد وعرب وأتراك وأرناؤوط وشركس وتركمان.

ثلاث سنوات وتركيا تحذر بشكل شبه يومي من خطر هذا التنظيم وتحذر داعميه وتدعوهم لإيقاف تسليحه لما يشكله هذا الأمر من خطر على وحدة الأراضي السورية والمدنيين سواء في سوريا أو تركيا أو العراق وصولا لإيران في وقت لاحق.

ثلاث سنوات ولم يكترث أحد وخاصة أمريكا للتحذيرات التركية، بل على العكس كل يوم كان يزيد الدعم لهذا التنظيم ـ وهذا أمر طبيعي في الأجندة الأمريكية ومن لف لفها تنفيذا لمشروع التقسيم السرطاني الخبيث ـ ولكن ظنوا أن تركيا تتكلم فقط دون فعل، ظنوا أن تركيا لن تقدم على خطوة لسحق من يهدد أمنها وأمن من يأتمن بها.

تركيا حذرتهم - جميعا - أن لا يتجاوزوا حدودهم ولكن تجاوزوها وعليهم اليوم أن يستحملوا إن كان بمقدرتهم الاستحمال وعليهم أن يدفعوا ثمن تجاوزهم للحدود، فليست كل حدود حدود، وحدود تركيا ليست ككل الحدود.

وقد قال الرئيس أردوغان بعيد إطلاق العملية "صبرنا وصبرنا وصبرنا وصبرنا وقصفنا فجأة".

واليوم أطلقت تركيا عملية عسكرية لمحاربة التنظيمات الإرهابية في منطقة عفرين شمالي سوريا، ومناطق أخرى يتم الكشف عنها من قبل المعنيين في حينه، وقد حملت العملية اسم "غصن الزيتون".

اسم أثار الكثير من اللبس عند عدد من المسؤولين والإعلاميين والنشطاء هنا وهناك، كيف تستخدم تركيا شعارا هو شعار للسلام وتطلقه على عملية عسكرية تشمل استخدام سلاح ودبابات وطائرات وما إلى هناك من الأمور العسكرية الحربية، حتى وصل الأمر ببعض المصطادين بالماء العكر لتصويب سهام سمّهم إلى أن تركيا "تخادع في هذه العملية من خلال اسمها".

لقد حولت تركيا غصن الزيتون إلى سيف ذي حدين حادّين، نعم فالعملية لم تأتِ من أجل الحرب أو حبا بالحرب أو رغبة بالحرب، وإلا لو كان الأمر كذلك لتدخلت تركيا عسكريا منذ زمن طويل.

لقد أتت العملية من أجل السلام، نعم من أجل السلام ومن أجل أن يبقى غصن الزيتون أخضرًا يعج بالحياة، فالقضاء على تنظيمي pyd و"داعش" الإرهابيين هو من أجل السلام ومن أجل سلامة المدنيين والأبرياء والحدود والحاضر والمستقبل.

العملية في عفرين وما بعد وقرب وحول عفرين ليست من أجل الحرب ولا من أجل نهب الثروات ـ كما تفعل الجيوش الغريبة التي تأتي من خلف المحيطات ـ بل من أجل المدنيين ومصالحنا جميعا، ومن يشك في ذلك فليذهب وليسأل المدنيين هناك وكم يعانون من الإرهاب وكم يتوقون للأمن والسلام والحياة.. وهذا ما تفعله تركيا بزرع غصن الزيتون.

ولا بد من أجل حماية "غصن الزيتون" من سيف حاد من كلا جهتيه، ولذلك سيكون "غصن الزيتون" في الوقت نفسه سيفا ذا حدين، الأول يحمي المدنيين والأبرياء والمظلومين المنهكين من الإرهاب والحرب والظلم، والثاني يقضي على الإرهابيين وإرهابهم وظلمهم وتخريبهم ومشاريعهم التقسيمية الخبيثة وعنصريتهم القومية البغيضة.

سيقضي هذا السيف على أحلام الحالمين بتقسيم المنطقة على أسس عرقية وطائفية وقومية خدمة للكيان الصهيوني.

سيقطع هذا السيف الحبل السري الذي يغذي أجنبيًا الإرهاب والتنظيمات الإرهابية بحجة محاربة الإرهاب، وكله إرهاب.

لن يسمح هذا السيف بتأسيس دويلة قوامها الإرهاب تطل على البحر المتوسط لتُستخدم لاحقا كدمية بيد أمريكا ومن يلف لفها لابتزاز واستهداف تركيا.

سيحفر هذا السيف حفرتين، الأولى للإرهابيين يتم دفنهم فيها، والثانية لنزرع فيها معًا أتراكا وعربا وأكرادا غصن الزيتون ليكون لنا ولأبنائنا وأحفادنا رزقا حلالا طيبا مباركا فيه.

خياران لا ثالث لهما، من يحمل غصن الزيتون سيرى غصنا مماثلا يقابله، ومن يحمل سيفا حتى لو كان يعاني من الصدأ سيجد سيفا حادا يذيقه عذابا أليما لن يجد علاجا له حتى عند أسياده خلف المحيطات.

عن الكاتب

حمزة تكين

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس