ترك برس

دخل العثمانيون إلى سوريا في عام 1616، بعد انتصارهم على المماليك في معركة مرج دابق،إبان عهد السلطان سليم الأول، فسيطروا على حلب ثم باقي بلاد الشام، ليتوالى دخولهم البلاد العربية لاحقًا.

بدأت الحقبة اﻷولى من حكمهم مع بداية القرن السادس عشر وانتهت مع نهاية القرن الثامن عشر، لتبدأ الثانية من بداية القرن التاسع عشر وتنتهي بخروج العثمانيين من الأقطار العربية مع نهاية الحرب العالمية الأولى ودخول الدول الأوروبية المستعمرة في عام 1918.

أبقى العثمانيون على التقسيمات اﻹدارية التي كانت في عهد المماليك، حيث كانت ولاية حلب وتتبعها ثمانية صناجق، وولاية دمشق وتتبعها تسعة صناجق، وولاية طرابلس وتتبعها سبعة صناجق، ثم استحدثت ولاية صيدا.

كان جان بردي (الذي خان ملكه قانصوه الغوري)، أول والٍ على سوريا، وأول من ثار على السلطان العثماني من الولاة، ولذلك قسمت سورية إلى ثلاث ولايات لتسهل السيطرة عليها، وخوفا من اجتماعها بيد والٍ واحد.

ساد الهدوء في بلاد الشام في عهد السلطانين سليم الأول وابنه سليمان القانوني، بعد ذلك اعتلى العرش سلاطين فسدت المؤسسات في عهدهم وانحطّ مستوى الجيش.

وفي القرن الثامن عشر، حظي الولاة بحماية الصدر اﻷعظم كآل العظم، الذين حكموا بلاد الشام،وطرابلس واللاذقية، وحماة والمعرّة، كما لو أن بلاد الشام حكمت وراثيا من قبل أفراد أسرة العظم.

وتعرضت بلاد الشام إلى فوضى عند نهاية القرن الثامن عشر، بسبب الصراع على السلطة من قبل بعض الأسر، وتعرضت البلاد إلى كوارث ومجاعات وأوبئة، مما أدى لاحتلال دمشق من قبل المملوكي علي بك، ومن بعده أحمد باشا (كان السلطان راضيا عن أدائه ﻹخضاعه المتمردين)، وبقي حتى مجيء نابليون إلى مصر و محاولة سيطرته على الشام عام 1799.

في مستهل الفترة الثانية من الحكم العثماني لسوريا، تعرض المشرق العربي إلى أحداث هزت الدولة العثمانية، وأولها بروز الدعوة الوهابية (التي بدأت تنشط في عام 1744)، وإقامة دولتها التي وحدت أقاليم الجزيرة العربية في ظل اﻷسرة السعودية. وثانيها زحف الاستعمار نحو البلاد العربية، الذي بدأه نابليون بونابرت بحملته على مصر والشام.

أما الثالث فهو محاولة محمد باشا والي مصر تأسيس دولة مستقلة عن العثمانيين. رأى محمد علي أن ولاية دمشق، لا تقل أهمية عن ولاية مصر فهما مكملتين لبعضهما عسكريا واقتصاديا، فدخل عكا عام 1832، وتابع إلى دمشق.

وبموجب صلح كوتاهية أصبحت ولاية الشام خاضعة لمحمد علي، وقام بتوحيد مصر وسورية، أما من الناحية اﻹدارية فقد اعتبرت بلاد الشام ولاية واحدة، قسمت إلى ألوية عاصمتها جميعا دمشق.

وَجّهت الدول الغربية إنذارًا إلى محمد علي، تطالبه بالانسحاب من سورية خلال عشرة أيام، وتحت وطأة التمرد والعصيان من الأهالي، وضربات القوات الحليفة بعد نفاذ مدة اﻹنذار،ارتدت المقاومة المصرية عام 1840.

تعرضت سورية منذ منتصف القرن التاسع عشر، إلى إثارة الفتن الطائفية وأبرزها ثورة حوران عام 1851، التي منيت فيها القوات العثمانية بخسائر كبيرة، وثورات عشائر البدو في قرى ونواحي دير الزور، التي كان للقناصل الغربيين دور كبير في إثارتها.

قام السفير البريطاني والسفير الفرنسي في دور خطير بإثارة الفتنة ما بين الدروز والموارنة في لبنان التي امتد لهيبها إلى الشام وتصدى لها اﻷمير عبد القادر الجزائري وكبار العلماء والوجهاء.

تعاقب على ولاية سورية في هذه الفترة عدد من الولاة العثمانيين، منهم محمد رشد باشا 1863 -1866، ومحمد راشد باشا 1866 -1871، الذي امتدحه القنصل الإنجليزي في دمشق بقوله "لا يوجد والٍ غادر سورية،وكان الأسَفُ عليه عامًا كهذا الوالي".

من أبرز ولاة هذه المرحلة مدحت باشا، الذي كان يضيق بتدخل القناصل الغربيين في الشأن الداخلي بحجة حماية الطوائف السورية. تعاون المسلمون والمسيحيون في عهده على إنشاء غرفة للتجارة ومقر للبورصة في بيروت.

والوالي حسن رفيق باشا الذي مُدّت سكة الحديد في عهده. ويعد حسين ناظم باشا أطول الولاة عهدا 1897 - 1909، وهو الذي أمر بربط دمشق برقيا مع المدينة المنورة، وجر مياه عين الفيجة إلى دمشق. وبنى الثكنة العسكرية "الحميدية" التي تشغلها اليوم بعض كليات جامعة دمشق. 

وكان آخر ولاة الدولة العثمانية على دمشق الوالي رأفت بك،الذي انسحب منها بعد دخول القوات العربية والبريطانية إليها عام 1918.

أما حلب فمن أشهر ولاتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، الوالي أحمد جودت باشا، وهو من المؤرخين المشهورين له "تاريخ جودت" في عدة مجلدات.

وناشد ناشد، وكامل باشا، وجميل باشا الذي امتدت ولايته ما بين 1879 - 1886، وينسب إليه بناء المكتب الرشدي العسكري ومشفى الغرباء في حلب. والوالي رأفت باشا، 1885 - 1909، الذي أسف أهالي حلب على عزله مع مطلع القرن العشرين.

ما قام به جمال باشا من قتل لمعارضيه وانحياز الدولة العثمانية إلى المعسكر الألماني،دفع مجموعة من النخبة العربية إلى الانحياز للاتفاق مع الإنجليز مقابل وعد بإنشاء دولة عربية مستقلة.

أعلنت الثورة في الحجاز يوم 10 حزيران/ يونيو 1916، و سيطرت على الحجاز واﻷردن وفلسطين، ودخل فيصل بن الحسين إلى دمشق في تشرين الأول/ أكتوبر 1918.

فوجئ العرب بالمؤامرة الغربية،حيث احتلت فرنسا سورية ولبنان عام 1920، كما احتلت بريطانيا،العراق واﻷردن وفلسطين،بحسب اتفاقية سايكس بيكو. وأنزل العلم العربي من على دور الحكومة في المدن السورية كافة، لتبدأ مرحلة من مراحل الصراع ضد الاستعمار.

وتم جلاء القوات الفرنسية والبريطانية من اﻷراضي السورية في 17 نيسان/ أبريل 1949، وأعلن يوم الجلاء عيدا وطنيا.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!