مجاهد الصوابي - خاص ترك برس

أكد رجب سازكايا رئيس شركة فارينس لاستطلاعات الرأي التركية، أن العالم كله يرقب أخطر وأهم انتخابات تشهدها تركيا منذ 7 عقود، حيث ستكون هناك تحولات جذرية في تركيا تتخلص خلالها البلاد من سيطرة الغرب وأمريكا على قرارها السياسي والاقتصادي ليكون تركياً خالصا، وتتحول من دولة تابعة إلى دولة تتمتع بالاستقلالية التامة في مواقفها وقراراتها.

وفي كلمة له، في ندوة أقامها بيت الإعلاميين العرب، قال سازكايا إن استطلاعات الرأي في تركيا أشارت إلى قدرة الرئيس رجب طيب أردوغان على حسم الانتخابات الرئاسية لصالحه من أول جولة باعتباره أقوى المرشحين على الساحة وحصل على أكثر من 51% من جملة المشاركين بالاستطلاعات.

وأكد رجب سازكايا، أن المرشح الرئاسي رجب طيب أردوغان مرشح قوي وموحد لتحالف جمهور الذي يضم أحزاب العدالة والتنمية والحركة القومية والوحدة الكبرى في مواجهة 4 مرشحين تابعين لتحالف أحزاب المعارضة وهو ما يعظم فرص فوزه من الجولة الأولى.

وأضاف، أن الاستطلاعات أشارت إلى احتمال خروج حزب الشعوب الديمقراطي "HDP" من البرلمان لعجزه عن كسر عتبة الـ10% لدخول البرلمان بعد أن تحررت المحافظات الجنوبية ذات الغالبية الكردية من إرهاب تنظيم "PKK" الذي كان يجبرهم على التصويت لصالحه بالقوة.

وأشار بحسب الاستطلاعات الى أن مرشحي العدالة والتنمية قادرون على حسم أكثر من 300 مقعد من مقاعد البرلمان الـ600 في انتخابات الـ24 من الشهر القادم.

وتناول بشيء من التفصيل التاريخ السياسي لتركيا خلال العقود السبعة المنصرمة منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى التسعينيات من القرن الماضي، موضحاً كيف كان الغرب هو المتحكم بكل الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد طوال تلك العقود؛ لا سيما وأن تركيا أجبرت على التوجه نحو الغرب الذي كان يحدد من يتولى السلطة ويستبعد كل ما له صلة بالإسلاميين، وأخرج الشعب نهائيا من المعادلة.

ونوه سازكايا في الندوة إلى خطورة الحرب الشرسة التي تستهدف الطيب أردوغان وتسعى للتاثير على اختيارات الناخب التركي من خلال حرب المضاربات على الليرة التركية؛ إلا أنه قلل من خطورة ذلك على مجمل النتائج حيث إن الرأي السياسي للناخب يصعب التأثير عليه في غضون أسابيع؛ إذ تشكلت قناعاتهم الراسخة قبل هذا التلاعب بفترة زمنية طويلة.

وأضاف رئيس "فارينس" لاستطلاعات الرأي، إن الأغلبية في المقاعد البرلمانية حسب الاستطلاعات ستكون من نصيب تحالف العدالة والتنمية والحركة القومية، في حين أن تحالف الشعب الجمهوري وحزب الجيد قد يحصل على نسبة 35% من مقاعد البرلمان؛ بينما قد يعجز حزب الشعوب الديمقراطي عن الوصول إلى عتبة الـ10%  وكذلك حزب السعادة.

وشدد على أن هذه الانتخابات القادمة هي الأهم في تاريخ تركيا منذ عام 1950، كما أن نتائجها ستكون حرجة للغاية نظراً لما بعدها من تحول جذري ينتظر نظام تركيا السياسي أو انتكاسة للعودة إلى النظام البرلماني السابق. حيث هناك نسبة من الأصوات تتراوح بـين 10% و15% ستكون مرجحة لكفة أحد الفريقين، والغالب أنها ستنحاز إلى من يوفر لهم وضعاً اقتصادياً واستقراراً وظيفياً أفضل وهم مرشحو العدالة والتنمية.

وأضاف أن العدالة والتنمية سيتمكن من تجاوز حاجز الـ50% بالنسبة للمقاعد بسهولة، حيث طالبهم الرئيس أردوغان بتجاوز 315 مقعدًا تحت القبة نظرا لطبيعة مرشحيه وانتشارهم في الامتداد الجغرافي؛ لا سيما بعد أن رفع عدد ممثليه إلى 600 عضو بالبرلمان القادم.

وأوضح رجب سازكايا، أن أكثر من 70% من الناخبين الأتراك ينتخبون نوابهم في البرلمان وفق أربع قواعد هامة. الأولى أن يكون النائب متصالحًا مع تاريخه العثماني ويتحدث عنه بشكل إيجابي، وأن يحترم القران الكريم والنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأي سياسي ينال من القرآن أو النبي محمد بالتحقير فلا مستقبل سياسي له لدى الناخب التركي، وخير دليل عزل سكرتير عام حزب الشعب الجمهوري الذي تطاول على شخص النبي محمد، وأن يتبنى خطاب تحقيق الرفاهية والخدمة لمصالح الشعب، وأن يظهر المرشح تبنيه السعي لجعل تركيا من الدول القوية الفعالة إقليمياً ودولياً وأن يكون جواز السفر التركي الأقوى في العالم.

حصاد الانقلابات المُرّ وهيمنة أمريكا على دستور تركيا

وعاد ليستعرض رئيس شركة فارينس، حصاد الانقلابات المر على البلاد مشيرا إلى أن كافة الانقلابات العسكرية كانت من صناعة أعداء تركيا في الغرب وأمريكا، فكان انقلاب 1960 بيد حلفاء الناتو الذين تدخلوا في شؤون الجيش التركي الداخلية فيضعون من يريدون من الضباط الموالين في المراكز المرموقة بالجيش، وسيطروا بشكل كامل على القرار داخل الجيش وجعلوه حارس العلمانية المتوحشة في تركيا.

كما اختلقت أمريكا وحلفاؤها ما عرف بـ"المؤسسات فوق الدستورية". أي التي تتجاوز الدستور، وهي هيئات عليا فوق الدستور والقانون وهي هيئة مدعومة من الخارج لتعترض على أية قرارات للوزراء أو كبار المسؤولين إذا كان بها بصيص من الإرادة الشعبية أو الهوية الإسلامية، ولم يسمحوا لتركيا أن تتقدم لا سياسيا ولا اقتصاديا؛ لا سيما من قبل الـدول الخمس الكبار واستمر ذلك الوضع حتى 1990.

 كما كانوا حريصين على ألا يوجد هدف أو مشروع قومي كبير يجمع الأمة التركية، ولم تتوقف التدخلات الرأسمالية حتى 1990، إذ أنه وبعد الانقلاب العسكري في عام 1980 بهندسة غربية أمريكية صهيونية وعملاء وتنظيم دفع المليارات، وكان الاقتصاد التركي في ذلك الوقت منكمشًا ومنهارًا.

ولفت رئيس مركز الاستطلاع، إلى أن عام 1970 كان بداية انطلاق فكر الإسلام السياسي في العالم العربي وتركيا؛ والذي واجهته عاصفة تنكيل أجنبية قوية من الخارج نفذها عملاؤهم من العسكر في بلاد المسلمين بمن فيهم تركيا؛ حيث بذلوا المستحيل للحيلولة دون وصول رموز الإسلام السياسي إلى السلطة أو الاقتراب منها.

وفي عام 1990، ومع وصول الرئيس التركي تورغوت أوزال للحكم كانت لديه رؤية جيدة وعنده مشاريع جديدة، كما أفسح المجال للإسلاميين للتواجد والعمل بأريحية وانفتح على التعامل مع الغرب، وخفف المشاكل مع البلاد العربية فلم يكن أوزال إسلاميًا متشددًا ولا غربيًا متشددًا فعاشت تركيا فترة مريحة بعد انقلاب 1980.

أوزال المتسامح مع وجود إسلاميين بالساحة السياسية

وقال رجب سازكايا، في زمن تورغوت أوزال بدأ الاستقرار السياسي في تركيا يظهر، وبعدها وصل حزب الرفاه للحكم؛ ولكن تم الانقلاب عليه خوفاً من تقدم الإسلام السياسي، وبدأت فترة ظهور الائتلافات السياسية والحكومات الائتلافية، وشهدت تركيا حراكاً سياسياً واقتصادياً كبيرا وبالتالي صارت المشكلات الاقتصادية التي أدت إلى نوع من عدم الاستقرار في البلاد، وذلك في نهاية التسعينيات.

وفي عام 2000 طُرحت فكرة انتخاب الرئيس مباشرة من قبل الشعب التركي؛ ولكن حزب الشعب الجمهوري كان من الرافضين لذلك وأوقف هذه الفكرة عبر المحكمة العليا وبدعم من الغرب الذي يريد أن يستمر منصب الرئيس في تركيا شرفيًا وصوريًا غير فعال، ويحدث الانفصام ما بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء لإعاقة التقدم السياسي والاقتصادي في تركيا.

ولادة العدالة والتنمية في 2002 ليكون منقذ تركيا

وبالطبع بعد وصول العدالة والتنمية للسلطة في 2002 وتجاوزه حاجز الـ10% ووصوله للبرلمان هو وحزب الشعب الجمهوري، واجه بعض التهديدات من نفوذ العسكريين، وبدأت ملامح التقدم والاستقرار الاقتصادي تتضح في 2007، حين كانت تركيا تتفاوض حول دخول الاتحاد الأوروبي في ظل حزب أردوغان.

وألمح رجب سازكايا، إلى أن القرار الأخير الذي اتخذه الرئيس أردوغان بالتحالف بين العدالة والتنمية والحركة القومية يعود لسبب تاريخي، هو أن بهتشلي وحزب الحركة القومية كان يدعم ذلك التوجه منذ عام 2000.

ظهور تنظيم غولن ومطالباته المرفوضة

وحول ظهور جماعة غولن في الساحة السياسية، فقد كان في عام 2007، ثم في الاستفتاء على تعديل الدستور 2010، وظهرت آنذاك قوة فتح الله غولن وتعاون مع العدالة والتنمية ثم بدأت مطالب غولن تتزايد حتى أصبحت تفوق حجمه، وهنا بدأت تظهر المشاكل الاقتصادية من 2012 حتى 2015... ثم كانت التسجيلات الصوتية والتنصت على الرئاسة ورئاسة الأركان، وبعدها اخترعوا فكرة اعتقال رئيس المخابرات هاكان فيدان ومنذ ذلك الوقت رفض الرئيس أردوغان مثوله للتحقيق ووصل إجرام غولن إلى الضلوع في المحاولة الفاشلة للانقلاب في 15 تموز/ يوليو 2016.

انتخاب أول رئيس مباشرة من الشعب

وفي آب/ أغسطس 2014 تم انتخاب الرئيس أردوغان مباشرة من قبل الشعب التركي، وبعدها بدأ الخلط بين الأمور نظرا للنظام الجديد ولكنه عمل على تنسيق المشهد، وتغلب على محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز، وعلى أثرها تم اتخاذ قرارات ربط الكليات العسكرية والمدارس العسكرية بإشراف الدولة، وحدث تقارب كبير بين رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي وبين رئيس العدالة والتنمية الطيب أردوغان، وهذا ما جعلهما يتحالفون ويتفقون على كثير من الإجراءات السياسية والاقتصادية.

الانتخابات المبكرة وافشال مخطط ضرب اقتصاد تركيا

رأى بعض المراقبين للوضع التركي أنه إذا أجريت الانتخابات في موعدها بعد عام ونصف ستسبقها الانتخابات المحلية، التي قد يكون لها تأثير سلبي على الرئاسة، فكانت الانتخابات المبكرة استدراكا لهذا الخلل لكي يستعيد الرئيس أردوغان ثقة الشعب التركي أو النسبة التي كانت رافضة للاستفتاء، بينما رأى آخرون أن ذلك سيمكن دولت بهتشلي من تقليص نفوذ أردوغان أو تقزيم العدالة والتنمية في الفترة المقبلة.

وقال، إن الاستطلاعات أشارت إلى أن مرشح حزب الشعب الجمهوري محرم إينجه قد يحصل على نسب تصل إلى 25%، بينما ميرال أكشينير يتوقع حصولها على نسبة 13%، ومرشح حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش لن تتجاوز نسبته 10%، في حين أن مرشح حزب السعادة لن يتجاوز نسبة 2%.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!