محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس

أصدرت  رئاسة جمهورية العراق قانون رقم واحد لسنة 2018 والذي يتضمن التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب رقم 45 لسنة 2013 بخمسة مواد إضافة إلى مادتين تحتم العمل بهما بعد التصويت عليهما من قبل مجلس النواب، وهذه المواد تشمل إعادة العد والفرز اليدوي لكل المراكز الانتخابية في العراق وإلغاء نتائج العد والعمل بجهاز تسريع النتائج الإلكترونية، وتعتمد النتائج على أساس العد والفرز اليدوي، مع شمول العد والفرز كافة المحطات الملغاة عنها.

والمادة الثالثة التي ربما أثير حولها الكثير من الجدل فهي إلغاء نتائج الخارج لجميع المحافظات وانتخابات التصويت المشروط في مخيمات النازحين والحركة السكانية لمحافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وأصوات النزلاء في السجون وانتخابات التصويت الخاص في إقليم شمال العراق، كما خول القانون الهيئة القضائية المشرفة بإلغاء بعض النتائج في حال وجود مخالفات في بعض المراكز الانتخابية.

وكان مجلس الوزراء قد صادق على الاستنتاجات والتوصيات الواردة في محضر اللجنة العليا المؤلفة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 198 لسنة 2018 التي تضمنت: (1) عدّ وفرز يدوي بما لا يقل عن 5 % في جميع المراكز، (2) إلغاء نتائج انتخابات الخارج والنازحين لثبوت خروقات تزوير جسيم ومتعمد وتواطؤ حسب ما ورد في توصيات واستنتاجات اللجنة العليا. (3) يوجه مجلس الوزراء جهاز المخابرات الوطني وجهاز الأمن الوطني والأجهزة الاستخبارية لوزارة الداخلية بملاحقة المتلاعبين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفقا للقانون. (4) يطلب مجلس الوزراء من المدعي العام تحريك دعاوى جزائية بناء على ما ورد بالتقرير. (5) يحيل مجلس الوزراء التقرير المذكور إلى هيئة النزاهة للتحقيق واتخاذ الإجراءات الرادعة.

وبالنسبة لانتخابات الخارج التي كثر الجدل حولها قبل ظهور النتائج، فذلك بسبب ضعف الكادر الفني وعدم الاستناد إلى رؤية عملية في توزيع المراكز الانتخابية للمدن التي تتواجد بها كثافة سكانية من اللاجئين والمقيمين العراقيين في معظم البلدان التي فتحت بها مراكز انتخابية سواء في أوروبا أو تركيا أو الدول العربية.

إن معظم الأصوات التي ألغيت في انتخابات الخارج إضافة لأصوات الحركة السكانية والتصويت المشروط في المخيمات كانت من محافظات نينوى والرمادي وصلاح الدين وديالى، وقد ألغيت بسبب ثبوت خروقات تزوير جسيم ومتعمد وتواطؤ حسب ما ورد في توصيات واستنتاجات اللجنة العليا، لكن لم تحدد اللجنة العليا الأطراف التي تعمدت وتواطأت وزورت النتائج.

وبصيغة أخرى لقراءة المشهد نرى أن اللجنة العليا قد أكملت بالفعل وبدقة كل المهام التي لم تستطع فعلها المفوضية العليا للانتخابات من عمليات الإقصاء التي خطط لها ورغم أن النتائج التي أظهرت قد خيبت آمالهم في تقدم الكتلة التي يقودها السيد مقتدى الصدر، وبهذه فإن إجراءات أخرى ستتم في سبيل تقليص عدد النواب الصدريين في المجلس الجديد، ولكن ربما تكون تلك العملية مكلفة جدا وتؤدي إلى ما تؤدي إليه من كوارث قد تقضّ مضاجعهم ونفوذهم في الدولة وبين أبناء الشعب عامة.

إن اللجنة العليا المشكلة من قبل مجلس الوزراء كانت لها مهام محددة تستطيع من خلالها فعل ما تراه ضروريا لإقصاء أطراف معينة لا تملك نفوذا في الدولة، بل كانت أصوات تلك الأطراف مشتته ولها عدة ولاءات، وبالتالي لا تشكل خطا أحمر أمامها، ولإقصاء هذه الأطراف لا تختلف أية جهة متنفذة، بل هي تحصيل حاصل في أي عملية جراحية تجرى داخل البدن العراقي (كالزائدة الدودية التي يستأصلها الجرّاح في أي عملية تجرى في بطن الإنسان).

ومن هنا فإن هناك مهام أخرى تنتظر اللجنة العليا، وحتما بالتعاون مع فلول المفوضية العليا لإنهاء كل أثر لعمليات التزوير المروعة في الانتخابات الأخيرة قبل بدء لجنة القضاة المختصين المُشكّلة من قبل مجلس القضاء الأعلى بالتحقيق في عمليات التزوير وكشفها وكشف الأيادي التي كانت وراء تلك العمليات المهينة.

وجاءت عملية إحراق مخازن المفوضية في الرصافة، والتي تحوي صناديق الاقتراع إضافة إلى أجهزة تسريع النتائج، لتنهي تلك الآثار إلى الأبد وليدخل العراق في دوامة سياسية وتكتلية، وربما يشهد تصعيدا مسلحا في البيت الشيعي تحديدا بعد إقصاء الطرف السني بالكامل، وربما أيضا تكون هناك دوامة صراع بين أطراف كردية بعد الاتهامات الكثيرة لبعض الأطراف بالقيام بالتدخل في نتائج الانتخابات وتسخير ملفات الخزن في الأجهزة لصالح تلك الأطراف.

وعلى الفور وبعد إحراق المخازن التي تحوي صناديق الاقتراع تعالت الأصوات إلى إعادة الانتخابات وتشكيل حكومة تصريف الأعمال تتولى مهام تمشية أمور الدولة لحين انتهاء الانتخابات التي دعوا لها.

والسؤال هنا، هل تقبل الأطراف الفائزة بالانتخابات إجراء انتخابات جديدة؟ أم أن لها رأيًا وفعلًا آخر؟ وبانتظار الأحداث المتلاحقة ندعوا الله أن يُجنّب هذا البلد دوامة الفراغ السياسي ودوامة العنف المستمر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس