مجاهد الصوابي - خاص ترك برس
أكد د. أيهان أوغان رئيس منظمة التعاون المدني في تركيا والقيادي بالعدالة والتنمية، أن ما تمر به تركيا اليوم هو إعلان عن التأسيس الثالث للدولة التركية؛ إذ كان التاسيس الأول في عام 1923 بينما التأسيس الثاني 1950 بإقرار التعددية الحزبية، واليوم 2018 هو موعد التأسيس الثالث بإقرار النظام الرئاسي حسبما قال دولت بهتشلي رئيس حزب الحركة القومية، قبل الانتخابات الأخيرة وهو ما أكد عليه الرئيس أردوغان بعد ظهور النتيجة: "اليوم نمهد للمرحلة الجديدة ونؤسس لدولة قائمة على إرادة الشعب".
وأضاف في الندوة التي نظمها بيت الإعلاميين العرب مساء أمس الأول تحت عنوان "تركيا بعد الانتخابات"، أن الذين يعارضون حكومة حزب العدالة يغضبهم ما يحدث من تغير في نظام الحكم التركي وهؤلاء طبقة "الإليت" الطبقة المتعالية الذين لا تزيد نسبتهم عن 5% أو 2%، وهؤلاء هم الذين كانوا يستفيدون فقط من الدولة ولا يريدون أن يستفيد الشعب من خيرات بلاده ويغضبون جدا من امتلاك الشعب إرادته؛ لأنهم يرون الشعب مجموعة من الغوغاء والجهلة ويتعاملون بمنتهى التعالي ويتمسحون بالأيديولوجيات وهم لا يمثلون أيا منها هم منتفعون فقط... ويطلق عليهم أيضا الدولة العميقة أو "الحرس القديم".
النموذج التركي للديمقراطية الأنسب للمنطقة
وأوضح القيادي بالعدالة والتنمية، أن النموذج التركي في التنمية يصلح لأن يكون ملهما لكافة الشعوب التي نتافح من أجل الحرية في العالم العربي والإسلامي وأمريكا اللاتينية ودول أفريقيا وغيرها من الدول التي تتعرض للهيمنة الغربية التي تقرر لها مصيرها وتختار لها حكامها طوال الـ100 عام الأخيرة إذ نجحت تركيا في التخلص من هذه الضغوط والهيمنة الغربية التي كانت تقرر مصير البلاد وذلك من خلال الديمقراطية الشعبية.
وشدد د. أوغان على أن تركيا نجحت في التخلص من التبعية للغرب خلال الـستة عشر عاماً الأخيرة من حكم العدالة والتنمية، كما تغلبت على الضغوط الغربية الخارجية بالاحتماء بالشعب التركي لتنسج بنفسها نموذجا رائعاً ومتفرداً من الديمقراطية الشعبية التي تستمد قوتها من الداخل وليس من الخارج وتعتمد على العنصر المحلي وليس الخارجي.
ثورة سلمية ديمقراطية قادها أردوغان
وواصل أن هذا التحول في الديمقراطية أو الثورة على البيروقراطية، و"الحمد لله كان تحولًا سلميًا في وسط محيط من الانقلابات الدموية التي شهدتها المنطقة في الدول المحيطة... والتحول في تركيا تحول ديمقراطي سلمي، وبلطف من الله أن رزقنا بأردوغان الذي هندس هذا التحول الأبيض النظيف".
وقال إن تجربة حزب العدالة والتنمية خلال 16 عامًا هي النموذج الذي ستواصل تركيا الجديدة مسيرتها على طريقته، بإعطاء الأولوية للشعب وحاجة الشعب ومصلحة الشعب في المقام الأول؛ الأمر الذي جعل تركيا تتقدم الصفوف وتعيش أفضل سنوات مجدها السياسي والاقتصادي في الإقليم خلال أكثر من 150 عاما لتصبح اليوم في أقوى حالاتها.
وأشار د. أيهان، إلى أنهم دائما يروجون لنا نجاعة تجارب الغرب "أوروبا وأمريكا" تارة، والشرق "الصين وروسيا" تارة أخرى؛ بينما نحن نؤكد أن التجربة التركية التي هي نبت تركي أصيل... ونبت محلي غير مستورد لا من الغرب ولا من الشرق هي الأنجع والأفضل لتركيا؛ لذلك فهي الأنفع لبلادنا وهي قائمة على الإرادة الحقيقية للشعب.
وواصل، ربما البعض ينظر إلى أن مركزية ثقل العالم في الغرب ولكننا بالنظر إلى الخلف سنجد أن مركز ثقل العالم اليوم بدأ يعود مجدداً إلى منطقة المتوسط بعد أن كان يتنقل ما بين الغرب والشرق... والآن التاريخ يعيد التموضع في مركز ثقل العالم الجديد بمنطقة المتوسط، كما أن هناك استقرارا سياسيا في الغرب والشرق بينما الديمقراطية تعاني في الصين وروسيا ما يجعل نموذج الديمقراطية التركية القائم على التنمية والعدالة الأفضل لدول المنطقة.
تخبط العرب لغياب تموذج وطني للديمقراطية طوال قرن
وأوضح د. أوغان رئيس منظمة التعاون المدني بتركيا، أنه طوال الـ100 سنة المنصرمة العالم العربي منبهراً بالغرب كيف قام بتنظيم نفسه ولكن لا يوجد تجربة عربية ناجحة تعتمد على الذات في المنطقة العربية وغاب النموذج الناجح؛ لأنهم يستوردون أنظمتهم من الشرق أو الغرب.
"بينما في تركيا أصبح هناك استقرار ورغم الضغوطات والمؤامرات على تركيا إلا أنهم لا يستطيعون تغيير إرادة الشعب الذي أصبح ملتفا حول رئاسته، ولا يوجد ديمقراطية حقيقية في الشرق... لا في الصين ولا روسيا الذين عندهم استقرار سياسي ولكن لا توجد ديمقراطية عندهم؛ بينما تركيا جمعت بين الاثنين الاستقرار السياسي والعدالة والحريات والديمقراطية... فهذه هي الأهم لاستقرار أي مجتمع".
تركيا تعيش أجواء ثورة ديمقراطية
وشدد القيادي بالعدالة والتنمية، أن تركيا اليوم تعيش أجواء ثورة ديمقراطية حقيقية تجسد إرادة الشعب وتجاوزت هذه الدول في الغرب أو الشرق، وتعيش الآن أجواء الديمقراطية و"لن نشعر بقيمة هذه التغيرات الديمقراطية إلا بعد 10 سنوات على الأقل سنفهم ما يحدث... فالنموذج التركي هام جدا ليس لتركيا وحدها ولكن للعالم أجمع لا سيما العالم العربي.
وطالب د. أيهان، الإعلاميين العرب بتركيا أن يكونوا جسر التواصل لإيصال هذه التجربة التركية للعالم العربي، والذي يعاني من غياب الديمقراطية. وقال إن "ما يميز أردوغان عن كثير من القادة أن أردوغان متواصل مع الشعب بشكل كبير كأب وأخ وعم وجد وصديق، والإيمان هام جدا في هذه السياسة"، داعيا "الإعلاميين العرب إلى ايصالها إلى البلاد العربية".
وأكد على ضرورة أن يهتم أي حزب يصل للسلطة بالتنمية وأن يفكر في رفع الدخل لكافة المواطنين الأتراك إلى 3 أضعاف ولا يفكر فقط في مصلحة أعضائه، ولكن يجب أن يفكر في الشعب؛ لأن الشعب هو من أوصله إلى السلطة وهذا ما يجعله قوياً وممثلاً للشعب ومن ثم تكون بحق حكومة الشعب.
سرعة انجاز المشاريع العملاقة
ودلل د. أوغان، على أهمية النظام الرئاسي في إنجاز المشروعات العملاقة في تركيا مثل المطار الجديد الذي كلّف 40 مليار دولار ومشروعات الطاقة والمركز النووي بتكلفة 20 مليار دولار، وهناك مشروع نفق أوراسيا وغيرها من مشاريع الطرق والجسور العملاقة بعشرات المليارات؛ بالرغم من أن تركيا لا تملك ثروات طبيعية مثل البترول ولا غاز طبيعي... وكل هذه المشاريع الاستثمارية بنظام الـ "BOT" أي بناء واستثمار ثم إعادة للدولة بعد فترة زمنية تحدد في العقود.
وأضاف: "يجب أن يكون هناك إصرار لإيصال هذه المشاريع إلى بلادنا ففي تونس قطعت الكهرباء لمدة ساعتين ونحن هناك، ويجب مساعدة الأشقاء في السودان لأنه تحت الحصار، ويجب بناء بنوك استثمارية تدخل هذه الدول لتنفيذ مثل تلك المشروعات ولا تعتمد فقط على المساعدات؛ لأنها بذلك لن تحقق أي تقدم.
دور الإعلاميين العرب محوري لنقل التجربة
أشار أوغان إلى أنه" ينبغي النظر بشكل عام إلى التطور بهذه الدول، فمثلا تحتاج تونس إلى مشاريع كثيرة، وقد حصلت على 10 ملايين دولار، وتركيا قادرة على دفع هذا المبلغ، وتونس لن تدفع شيئا، وبعد مرور 20 عاما سيعود المشروع إلى ملكية الدولة التونسية"، وهنا ركز أوغان على أن "التغيير السياسي يجب أن يسير مع التنمية"، محذرا من خطورة دور الغرب في ضرب كل الأطراف في العالم العربي ببعضها حتى لا تحدث تنمية نهائيا وتظل البلاد في حلقة مفرغة من الفقر والتخلف والصراع ولا تنهض بلادهم كما هو الحال في البلاد العربية، ولكن تركيا تخلصت من ذلك المخطط الخبيث بفضل وعي شعبها وقياداتها السياسية.
ودعا أوغان الصحفيين العرب إلى الكتابة وممارسة الضغوط لتوعية الجماهير العربية والمسؤولين لأهمية التجربة التركية والحلول التركية لمشاكلهم وإلى الدعوة لقبول التجارب الناجحة مثل التجربة التركية التي تربطها علاقة صادقة وأخوة مع الدول العربية والأفريقية بعيدا عن المستعمرين الجدد الذين يحلّون محلّ الغرب بإقامة المشروعات بفوائد كبيرة جدا مما يبقي تلك الدول في حلقة مفرغة من الفقر والتخلف لاستبدال مستعمر بمستعمر آخر ويجب التخلص من كل أنواع الاستعمار.
وأوضح أن كوادر حزب العدالة والتنمية كانوا مؤمنين بنجاح تجربتهم وتعاملوا معها بهذه الروح لذلك نجحوا في جذب انتباه ووعي الشعب التركي الذي كان ينتظر منهم النجاح ووقف إلى جانبهم ودعموهم لذلك.
وقال إن "المشكلة في العالم العربي عندما زرتهم للتعرف على تجاربهم عن قرب سواء في مصر أو تونس أو ليبيا والعراق... ولم أجد عندهم إيمانا بالنجاح ولكنهم يفتقدون الثقة في أنفسهم بأنهم قادرون على النجاح، بينما العرب على العكس من ذلك تماماً وكان أردوغان وفريقه لديهم إيمان قوي بالنجاح ولذلك نجحوا واستطاعوا أن يحشدوا الشعب خلفهم ليكون داعما أساسيا لهم في النجاح وهو ما تحقق في كثير من المحطات الهامة في مسيرة حزب العدالة والتنمية".
"وبعد الربيع العربي جاء فريق من تونس وفريق ميداني فقلت لهم التغيير يبدأ منكم أنتم وبعد الحياة في السجن وما قضيتموه ولا يوجد ما تخسروه وعليكم أن تركزوا على أنكم قادرون على النجاح داخليا حتى تحققوا النجاح على أرض الواقع".
"الشعوب لا بد أن تؤمن بالنجاح، والصحفيون والسياسيون لا بد من أن يمتلكوا القدرة على الإيمان بالنجاح والثقة بالنفس؛ لأن هذا هو أساس النجاح في المقام الأول. الذين يأتون من العالم الإسلامي يأتون إلى من يشبهونهم ويأخذون معلومات عن تركيا ممن لا علاقة لهم بالشأن التركي سواء كانوا إسلاميون أو علمانيون... فالإسلاميون يحسبون أن هذا النجاح نجاح الإسلاميين، وهذا خطأ وغير حقيقي فهذا النجاح الذي تعيشه تركيا اليوم يجب أن ينسب للشعب التركي الذي نجح بالفعل في صياغة نموذج الديمقراطية الشعبية الحقيقية".
واستهجن د. أوغان ما يحدث من قبل النخب العربية التي تأخذ معلوماتها عن التجربة التركية من مصادر غير موثوقة وغير عليمة بما يحدث في الواقع التركي، مشيرا إلى أن حزب العدالة والتنمية ليس حزبا إسلاميا ولكنه حزب تركي شعبي يمثل كل أطياف المجتمع التركي حيث أن الذي فاز بالأغلبية في البرلمان هو تحالف جمهور وهذا التحالف يضم ثلاثة أحزاب هي العدالة والتنمية والحركة القومية والوحدة الكبرى وكلهم يمثلون كافة أطياف المجتمع التركي وليس إسلاميين فقط أو قوميين.
وأوضح أن في الفترة المقبلة لا مكان لأحزاب تحكم من خلال أيديولوجية سواء كانت إسلامية أو يسارية أو علمانية أو غيرها، فالأحزاب التي تحتوي كافة أطياف الشعب هي الوحيدة القادرة على النجاح في دولاب الحكم وإدارة شؤون بلادها بعيدا عن الأيديولوجيا والعرق والقومية والطائفية.
وأشار إلى ان حزب العدالة والتنمية يملك 12 مليون عضو ويعد عدد أعضائه الأكبر في العالم، وهؤلاء الأعضاء لم يعرفوا طعم الراحة طوال 40 يوم هي فترة الإعلان عن موعد الانتخابات المبكرة فلم يتركوا بابا في تركيا إلا طرقوه ولم يتركوا تجمعا إلا دخلوه يدعون لصالح تركيا الجديدة، تركيا للاتراك كافة النوادي والمقاهي والحدائق العامة والبيوت والأسواق ومراكز التسوق في المولات الكبيرة والدكاكين الصغيرة حتى رأوا لحظة الانتصار لدولتهم تركيا ونجاح ديمقراطية الشعب التي تحمي الدولة ضد أي تدخل او ضغوط خارجية.
ملف كامل عن نتائج الانتخابات على مكتب الرئيس أردوغان
وأضاف د. أوغان رئيس منظمة التعاون المدني بتركيا، "أنا قمت بإعداد ملف للرئيس طيب أردوغان أوضح فيه التوزيع الجغرافي لنتائج الانتخابات وأسباب الفوز في الساحة السياسية، وذكرت المناطق التي حصلنا فيها على تصويت اعلى ولماذا، والتي حصلنا فيه على تصويت أقل، وأوصيت بضرورة التعرف الدقيق على مختلف الشرائح والطبقات التي تدعم الحزب وتؤيده وذلك من خلال التعاون مع أكاديميين وباحثين من قسم علم الاجتماع بالجامعات التركية؛ بأن يدرسوا من هي الفئات والطبقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تدعم حزب العدالة والتنمية فهذا هام جدا لوضع خريطة للتكتلات الشعبية الداعمة للحزب".
وأوضح، أنه "لو درسنا هذه النتائج بشكل جيد نستطيع أن نفهم كيف يكون المستقبل وكيف نتعامل مع الانتخابات المحلية في المستقبل ويمكننا تحقيق نجاحات في الانتخابات القادمة؛ لا سيما وأن مؤسسة الحزب قوية وتمتلك 12 مليون عضو يعملون في الشارع بشكل كبير ولم يختارهم الشعب لأنهم مسلمون او إسلاميون وهذه قراءة خاطئة ولو اعتمدوا على ذلك دون عمل وجهد في الشارع لن يكسب حزب العدالة، ولكننا ننجح لأننا نعمل على خدمة وتلبية احتياجات الطبقات الشعبية التركية".
أردوغان نجح في الانقلاب الديمقراطي السلمي
كما أن أية قوة سياسية تتمكن من الحصول على أصوات أكثر من نصف شعبها... فهذا يعني أنها قادرة على كسب أصوات الشعب كاملة حيث يوجد مؤيد لها في كل بيت على الأقل... بينما من يعجز عن الحصول على أصوات نصف الشعب فإن هذا يعني فشله في كسب ثقة الشعب.
وأشار د. أوغان، إلى أن الرئيس أردوغان يوم التصويت 24 حزيران/ يونيو قال: "نحن نقوم بانقلاب ديمقراطي على الأوضاع البيروقراطية التي كانت سائدة وتم بإرادة الشعب..."، متسائلاً: "لماذا انقلاب ديمقراطي؟ لأنه انقلاب بإرادة شعبية وبدعم الشعب للتخلص من الوصاية والتدخلات الخارجية وليس مدعوماً من الخارج وسُمى انقلاب لأنه تخلص من كل الأساليب السياسية العتيقة".
ملامح النموذج الديمقراطي التركي
وأكد د. أوغان القيادي بحزب العدالة والتنمية، من نتائج هذه الانتخابات نستطيع أن نقول الآن اكتمل النموذج التركي بشكل جيد؛ أي تشكلت الديمقراطية التركية الشعبية المستقلة والتي تخلصت من هيمنة الوصاية الخارجية؛ حيث أنه خلال الـ100 سنة الأخيرة في معظم دول العالم لا سيما الإسلامية والنامية تُدار أمور تلك الدول وتؤسس أنظمتها على هوى الدول العظمى التي تفرض وصايتها بشكل مباشر أو غير مباشر على مقدرات تلك الدول، وحين تسعى بعض الشعوب للتخلص من هذه التبعية لا ترى البديل الجيد.
وشدد على أن "النموذج التركي في الديمقراطية الشعبية التي يدعمها الشعب بصورة حقيقية هو النموذج الأنجع لتلك الشعوب التي تسعى للتخلص من الهيمنة الخارجية والوصاية والاستقلال الحقيقي في قرارها... ولذلك فإن تركيا نجحت في صياغة ذلك النموذج الأنسب لدول العالم الثالث والعالم الإسلامي وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.
ملامح الانقلاب الديمقراطي
وحول النظام الرئاسي الجديد ماذا سيقدم لتركيا وكيف يمكنه أن ينهض بها ولماذا سماه أردوغان انقلابا ديمقراطيا؟ أوضح د. أوغان رئيس منظمة التعاون المدني بتركيا، أن "هذا النظام الجديد ليس نظام حكم الرجل الواحد الديكتاتور ولكنه نظام وحدة الإرادة الشعبية، فنحن أمام نظام إرادة الشعب وليس إرادة الفرد... والديمقراطية تقوم على ثلاث ركائز هي السلطة التنفيذية الممثلة في الحكومة والسلطة التشريعية التي ينتخبها الشعب والسلطة القضائية التي ينتخبها النواب والحكومة معاً وبذلك يكون هناك ثلاث سلطات مستقلة بينهما علاقة متوازنة... ورأينا كيف انتخب الشعب الرئيس والنواب وكيف كانت الانتخابات شفافة بشهادة مرشح المعارضة، ورأينا كيف اعترف رئيس الحزب الحاكم بالنتائج".
وأضاف أنه "لا يوجد ديمقراطية في الدنيا اليوم بمثل هذا النموذج الحقيقي في تركيا وبهذه الشفافية، فسيتم تشكيل هيئة تضم أعضاء من مختلف الأحزاب والقوى السياسية تشارك الوزير في اتخاذ القرار، ولا يمكن للوزير أن ينفرد باتخاذ القرار كما كان معمولاً به من قبل؛ إلا بعد الرجوع لهذه الهيئة، حيث تقلص عدد الوزراء إلى 16 وزارة".
وسوف يعمل الوزراء في هذه المؤسسة الجديدة بعقلية الشركة التجارية التي لا يمكن لمديرها اتخاذ أية قرارت دون الرجوع إلى الهيئة الاستشارية، والتي تتشكل من 3 إلى 15 خبيرا وسيكون هناك 9 هيئات وطنية والوزراء سيتشاورون معهم وسيأخذون منهم الاستشارة وسيكون الوزير معه القرار الإجرائي لتنفيذ ما خلص إليه من استشارات.
البيروقراطيون الجدد
وشدد على أن "قرار الرئيس أردوغان باختيار نظام الحُكم الرئاسي إنما يهدف إلى هدم البيروقراطية؛ لأن القوى الدولية والاستعمارية تتحكم في مصائر الدول التي يمارسون هيمنة ووصاية عليها من خلال هؤلاء البيروقراطيين,.. والآن في تركيا كل أربع سنوات سوف يختار الشعب البيروقراطيين الجدد ولن يستمر أي موظف بيروقراطي لمدة 40 سنة في منصبه، كما كان من قبل يمثل سداً مانعاً لأية تنمية في دولاب الدولة نظراً لأن ولاءه ليس لصالح خدمة الشعب".
وأوضح د. أوغان رئيس منظمة التعاون المدني بتركيا، أن "أحد اسباب وقف التنمية في تركيا وغيرها من الدول الإسلامية ودول العالم الثالث هو هؤلاء البيروقراطيين الذين يظلون مع كل رئيس أو كل حزب يتولى الحكومة فيمنعون التنمية بحكم سيطرتهم على مفاصل الدولة؛ لذا سيتم انتخاب البيروقراطيين بعد اليوم حتى يستطيع الحزب الذي شكل الحكومة تحقيق برامجه التنموية بفريق البيروقراطيين المنتخبين معهم، (على نسق النظام الأمريكي) وهذا هام جدا لعالمنا الإسلامي حيث أن ولاء البيروقراطيين دائما يكون لمن يمولونهم من دول خارجية وكل فريق من البيروقراطيين تموله دولة مختلفة".
"وهنا نستطيع أن نقول إن البيروقراطية التي تم انتخابها مع الحزب أو التحالف الذي يحكم لن تبقى في مواقعها إلى الأبد ولكن إذا جاء حزب أو تحالف آخر فمن حقه أيضا أن يختار العمل مع هؤلاء البيروقراطيين اأو تغييرهم جميعا من وكيل الوزارة إلى الوالي إلى مدير إدارة وجميعهم في آن واحد حتى لا يعرقلوا السياسيين الجدد وفقا للنظام الجديد".
مؤيد في كل بيت للنظام الرئاسي
"ومع هذا ستكون حكومة قوية ومؤسسة قوية لأنها أخذت الصوت والدعم من الشعب ومن يحصل على 51% يعني أنه أخذ تصويتا من كل الشعب أي من كل بيت صوت واحد على الأقل والناس أعطوك الإرادة لتقوم ببرنامجك وتغير كل ما يعوق التنمية".
وأشار الى أن "النظام الجديد مهد لانتهاء البيروقراطية تماما في تركيا لأن من أخذ 51% يكون ممثلاً للشعب نفسه؛ وبذلك يقطع الطريق على أي تدخل يأتي من الخارج لأي حزب سياسي آخر ويقول له سأمولك بالأموال لكي تستطيع أن تفوز وتتولى الحكم... كما سيقطع الطريق على أي تدخل ونفوذ للقوى الأجنبية أو حتى رجال الأعمال الذين يملكون المليارات في مصير الحكم في تركيا... هذا من ناحية".
انتهى عهد الحكومات الأيديولوجية والقومية
"ومن ناحية أخرى مهد هذا النظام الجديد لانتهاء حكم الأحزاب الأيديولوجية وأيضا الأحزاب العرقية,.. وعلى من يريد أن يمثل الشعب أن يحصل على 51% ولا مجال لحزب واحد أيديولوجي أو قومي أن يتحكم في مصير الدولة لأن من يأتي لا بد أن يكون معبرا عن كل أطياف الشعب... فلا مجال للإسلامي وحده ولا القومي ولا الشيوعي ولا الليبرالي أن يحكم البلاد وحده ولا يمكن لحزب واحد أن يحصل على أكثر من 51% ولا بد من تعاون وتحالف بين من يحصلون على الأغلبية ليعبروا عن الشعب وتنمية الشعب ومصالح الشعب.
وقال د. أوغان: "إن من يحكم تركيا يكون ممثلاً للشعب بكل تنوعاته ليخدم الشعب... بينما الايديولوجي يريد أن يخدم من يشبهونه وهكذا فالإسلامي يريد أن يخدم الإسلاميين والليبراليون يريدون أن ينتصروا لليبراليين، وهكذا الشيوعيون والقوميون؛ بينما الذي يأتي من الشعب هو الوحيد الذي سيكون قادرا على خدمة الشعب نفسه، وتكون حكومته عابرة للأيديولوجيات والقوميات والتدخلات الخارجية وهيمنة رأس المال".
وأوضح كيف تغيرت السلطات الأساسية الثلاث في تركيا، السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، وكيف تعمل كل منها بشكل قوي ومستقل وكيف تكون الإجراءات، وبذلك تغيرت فلسفة السياسة التركية، وتغير الاستقطاب السياسي في تركيا، والحزب الذي يريد أن يحكم تركيا لا بد أن يكون ممثلاً للشعب نفسه وليس لأيديولوجيا أو عرق وهذا تغير جذري في تركيا ولا بد أن نفهم السياسة التركية حتى نستطيع أن نفهم الوضع التركي بشكل جيد".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!