فخر الدين ألتون – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
عادت إسرائيل لتكون مشكلةً تواجه العالم الإسلامي مرة أخرى، إذ تسبّبت دولة الاحتلال بتخريب المناطق التي تتواجد فيها من خلال سياسة الاستعمار والظلم التي تنتهجها في الأراضي الفلسطينية، وهناك دوافع عديدة تفتح المجال أمام دولة الاحتلال لتقوم بمثل هذه الأعمال، وأهم هذه الدوافع هي دعم أمريكا لسياسة إسرائيل وتشتّت العالم الإسلامي وعدم اكتراثه للمشكلة التي تشكّلها دولة الاحتلال.
إسرائيل ليست مشكلة بالنسبة للشرق الأوسط فقط، إنما هي مشكلة كبيرة بالنسبة لساحة السياسة العالمية في الوقت نفسه، وخصوصاً أن دولة الاحتلال أصبحت عاملاً هامّاً بالنسبة لدول المنطقة من أجل تحسين العلاقات مع أمريكا، إذ أصبح تأسيس علاقات جيدة مع إسرائيل شرطاً من شروط تأسيس علاقات جيدة مع أمريكا، وقد زاد وضوح سياسة الدعم والحماية التي لطالما انتهجتها واشنطن تجّاه إسرائيل بشكل أبرز بعد أن أصبح ترمب رئيساً لأمريكا، وقد بذل الأخير جهوداً ملحوظة لفتح مجال التقدّم أمام إسرائيل من أجل الحصول على دعم الإنجيليين واللوبي اليهودي، كما صرّح ترمب عن اعترافه بالقدس على أنها عاصمة دولة الاحتلال، وانتقلت السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس عقب هذا التصريح، وبذلك جعل ترمب استراتيجية حماية إسرائيل وزيادة قوتها محوراً للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
في السياق ذاته جاء الرد الأقوى على استراتيجية ترمب المذكورة من تركيا، إذ عملت الأخيرة على لفت الانتباه حول حقيقة أن إسرائيل لا تقتصر على أن تكون مشكلة إقليمية فقط، إنما تمثّل مشكلة هامّة بالنسبة إلى البنية العالمية أيضاً، وبذلك دفعت تركيا الرأي العام الدولي لإظهار ردود فعل قوية من خلال الأمم المتحدة تجاه أمريكا وإسرائيل، لكن لم تكن ردود الفعل المذكورة كافيةً لإيقاف إسرائيل، بل على العكس تماماً زادت دولة الاحتلال من شدّة سياسة العنف والظلم التي تمارسها على الشعب الفلسطيني، معتمدةً في ذلك على دعم أمريكا لها خلال المرحلة الجديدة.
لقد أصبح مفهوم إرهاب الدولة أمراً مألوفاً بالنسبة إلى إسرائيل، وأدت سياسة الإرهاب العنصري والعرقي التي انتهجتها دولة الاحتلال إلى خسارات كبيرة في صفوف الفلسطينيين، فيما تحاول دولة الاحتلال إضفاء الطابع الرسمي لسياستها المذكورة من خلال الحصول على دعم الجهات الدولية في هذا الصدد.
في السياق ذاته اتّخذ البرلمان الإسرائيلي قراراً في غاية الدهشة والترويع، إذ أقرّ الأخير قانون الدولة القومية اليهودية، واتّخذ قراراً ينص على تعبئة الفراغات المتشكّلة في الدستور بالتشريعات المفروضة في التوراة، وكذلك اعترف باللغة العبرية على أنها اللغة الرسمية، وبالعربية على أنها اللغة الثانية للبلاد.
من جهة أخرى تم الإعلان عن إسرائيل على أنها الدولة الأولى لليهوديين، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي "ناتنياهو" الدستور الجديد بأنه تغيير هام جداً في تاريخ الصهيونية والدولة الإسرائيلية، لكن في الواقع إن ما حدث هو عبارة عن محاولة لإضفاء الطابع المؤسسي على السياسة العنصرية والفاشية التي تنتهجها دولة الاحتلال في فلسطين.
إسرائيل هي دولة عنصرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لذلك يجب على العالم الإسلامي أن يدع خلافاته الداخلية إلى جنب ويسعى لإيجاد حل للتخلّص من الخطر الذي تشكّله دولة الاحتلال تجاه المنطقة.
مع اتّخاذ البرلمان الإسرائيلي للقرار المذكور انخفض مستوى الفرق بين اليهودية والصهيونية، وذلك بدوره سيؤدي إلى زيادة "معاداة السامية" في الغرب، ولذلك يجب على اليهود الذي يعانون من معاداة السامية أن يسارعوا لدفع دولة الاحتلال إلى التراجع عن هذا القرار الذي قد يجلب سوء الظن تجّاه اليهوديين في جميع أنحاء العالم، وبالتالي قد تؤدي مشاعر العنصرية المُتبادلة إلى تشكّل موجات عنف جديدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس