سمير صالحة  - ترك برس

ما الذي ذهب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يفعله في القارة السمراء ولماذا هذا الاهتمام المتزايد من قبل حزب " العدالة والتنمية " بافريقيا والوصول الى عواصمها ؟

الصحافي التركي كورتولوش تاييز الذي كان في عداد الوفد الاعلامي المرافق يروي قائلا " 

نرافق نحن ومجموعة من الصحفيين رئيس الجمهورية اردوغان في جولته الخارجية إلى إثيوبيا والصومال وجيبوتي، وكانت الخطوة الأولى للرحلة العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

الاتراك يرون في هذه الجولة في دول القرن الأفريقي امتدادا للانفتاح التركي الاخير على القارة التي انسحب منها الاتراك مع انتهاء الحرب العالمية الاولى وبعد حوالي أربعة قرون من التواجد والانتشار هناك .

 تركيا، التي أعلنت العام 1998 عام الانفتاح الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي على افريقيا، عادت وفي خطوة استراتيجية اخرى في العام 2008 لتكون الشريك الاستراتيجي للقارة .

ثم كانت قمة اسطنبول في العام 2008 التي شارك فيها 53 دولة أفريقية بهدف تأطير خطط التعاون بين الجانبين التي كانت ترجمة عملية لدعم تركيا في المحافل الدولية وبينها عضويتها في مقعد مجلس الامن الدولي غير الدائم، حيث أعلنت تركيا شريكا استراتيجيا لدول القارة. 

تركيا قطعت مرحلة التأسيس والانفتاح على دول افريقيا وانتقلت الى مرحلة التنسيق الاستراتيجي بعد توقيع اتفاقية "التعاون الاستراتيجي" بين الجانبين في العام 2010 هذا الى جانب جيش من الفاعلين في تقديم الخدمات التي اشرف عليها منظمة التعاون الإنساني "تيكا". 

لكن الملفت أكثر من غيره كان ارتفاع أرقام التبادل التجاري من 9 مليارات دولار في العام 2005  الى 13 مليار في العام 2007 ثم 15 مليار دولار في العام 2010 و 24 مليار دولار في العام 2013 وليصل الرقم اليوم الى حوالي 30 مليار دولار. كما ان الترجمة المباشرة والعملية لهذا التقارب التركي الأفريقي جاءت من خلال رفع عدد التمثيل الدبلوماسي التركي في القارة حيث ارتفع عدد البعثات الدبلوماسية التركية من 13 بعثة دبلوماسية الى 40، وزاد عدد سفارات الدول الأفريقية في انقرة من 8 الى نحو 20 سفارة خلال السنوات الاخيرة . 

 لكن الذي فعله اردوغان كان باختصار هو الكشف عن ان تركيا التي اعلنت العام 1998 عام الانفتاح الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي على افريقيا عادت وفي خطوة استراتيجية اخرى في العام 2008 لتكون الشريك الاستراتيجي للقارة . واليوم وهي تترأس مجموعة الدول العشرين للعام الحالي تريد ان تكون هموم ومشاكل واحتياجات القارة على راس جدول اعمال المجموعة هذه المرة .

تركيا تريد إفهام القيادات الاوروبية انها تتابع حركة النمو السريع في دول القارة والتقارير الدولية التي تتحدث عن صعود انمائي وتجاري كبير في النصف الثاني من القرن الحالي وتزايد كبير في متوسط النمو الاقتصادي .   

 الرئيس أردوغان يقول "إنّ المكان الذي لا تستطيع أن تصله لا يمكن أن تعرفه لتقيم معه العلاقات . ووداد بيلغين الكاتب التركي يقول ينبغي ان لا نستغرب أنْ يدور في ذهن البعض سؤالا :"ماذا نفعل في إفريقيا؟". تركيا اليوم وبعد 100 عام، تريد أنْ تخرج من حبسها، ومن دورها الذي فرضته عليها القوى العظمى.

تركيا تعرف ان القرن الواحد والعشرين سيكون قرن إفريقيا، لهذا هي تبحث عن ماضيها في القارة السمراء، لبناء مستقبلها والمساهمة في بناء مستقبل تلك الشعوب 

حتى الأمس القريب كانت أفريقيا لا تعني سوى الجرح التاريخي العميق والمغادرة المؤلمة للأتراك وتسليم تلك المناطق للإيطاليين والفرنسيين والإنجليز. أما اليوم فالعودة التركية إلى الصومال بهذا الحماس والاندفاع والزخم لها علاقة أيضا بالعودة إلى بلد تركه الأتراك قبل قرن وبعد أكثر من ثلاثة قرون ونصف على الوجود العثماني هناك.

في اطار جولته الافريقية اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان تركيا ستشرف على عملية ترميم 3 مساجد عثمانية بدعم وتنسيق من وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) تعود للعهد العثماني، فضلًا عن شق طريق ساحلي في جيبوتي بطول 500 كيلو مترا سيطلق عليه اسم “فانوس إسطنبول”.

أحمد داود أوغلو ردد أكثر من مرة أن أفريقيا حلقة في «العمق الاستراتيجي» للسياسة الخارجية التركية الجديدة وهو مصر على المنازلة ولعب ما يملك من أوراق وحتى على المكشوف أحيانا. لماذا يتنافس الأميركيون والروس والصينيون والأوروبيون على حماية مصالحهم في أفريقيا ويظل الأتراك بعيدين عما يجري؟

عن الكاتب

د. سمير صالحة

البرفسور الدكتور سمير صالحة هو أكاديمي تركي والعميد المؤسس لكلية القانون في جامعة غازي عنتاب وأستاذ مادتي القانون الدولي العام والعلاقات الدولية في جامعة كوجالي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس