ترك برس

بعد أن أعلنت الولايات المتحدة تعليق تسليم تركيا مقاتلات إف 35 والعمل المشترك معها في برنامج هذه الطائرات حتى تلغي ضفقة شراء صواريخ إس 400 الروسية، يبدو الخلاف بين أنقرة وواشنطن في الظاهر راجعا إلى علاقات تركيا الدافئة مع روسيا، ولكن يبقى العامل الأهم، كما يقول المحلل البريطاني آدم غاري، هو العامل الإسرائيلي.

وأوضح غاري في تحليل نشره موقع "يوراسيا فيوتشر" أن العلاقات التركية الإسرائيلية التي شهدت تدهورا كبيرا خلال السنوات الماضية كان لها دور كبير في تحرك الولايات المتحدة نحو استبعاد تركيا بشكل فعال من مشروع F-35.

ويضيف أن وزارة الدفاع الأمريكية عبرت في السابق عن استعدادها لتسليم تركيا المقاتلة الأمريكية، ولكن معارضة الكونغرس التي يغذيها تحالف فريد من جماعات الضغط الأرمنية واليونانية واليهودية المتمركزة في الولايات المتحدة ما تزال تعارض تسليم الطائرات إلى تركيا العضو في حلف الناتو.

ويلفت إلى ما قاله مصدر إسرائيلي رفيع المستوى من أن إسرائيل تريد الحفاظ على كونها القوة الكبرى والأكثر تميزًا في الشرق الأوسط، وهي تحقق ذلك من خلال مقاتلات F-35 التي حصلت عليها أخيرا، وأشار إلى أن تل أبيب تخشى أن تكشف دول أخرى ماهية قدراتها العسكرية.

كما أن صحيفة هآرتس ذكرت أن إسرائيل سعت للتدخل في الصفقة بين أنقرة وواشنطن، وراقبتها من كثب خلال الفترة الماضية.

تحالف جديد ضد تركيا في شرق البحر المتوسط ​​وبين جماعات الضغط الأمريكية

ويشير غاري إلى أن جماعات الضغط اليونانية والأرمينية في الولايات المتحدة ظلت على مدى القرن الماضي تحرض أمريكا على اتباع تهج أقل ودية تجاه تركيا، والاعتراف بما يسمى مذبحة الأرمن عام 1915، واتخاذ موقف أكثر تشددًا بشأن وضع شمال قبرص. ولكن هذه الجهود لم تكلل بالنجاح.

وفي المقابل كان اللوبي الصهيوني أقل سلبية تجاه تركيا، نظرا لأن العلاقات بين تل أبيب وأنقرة كانت في أفضل حالاتها، فضلا عن أن تركيا لم تصدر قط أي تشريع مُعادٍ للسامية كما فعلت معظم القوى الأوروبية قبل منتصف القرن العشرين.

ولكن مع دعوة الرئيس التركي أردوغان علانية إلى مزيد من التضامن الإسلامي مع فلسطين، ووصف إسرائيل بالدولة الإرهابية، انضم اللوبي اليهودي الأمريكي إلى خصوم تركيا التقليديين في التحريض علنًا على تبني الإدارة الأمريكية مواقف أكثر عدائية تجاه تركيا.

تعطل مشروع توصبل الغاز الإسرائيلي لتركيا

وعلى هذه الخلفية، تعطلت خطط سابقة لإقامة خط أنابيب للغاز من إسرائيل لتركيا. ونتيجة لذلك، أصبحت تل أبيب أقرب إلى النظام المصري منافس تركيا، ولكن كان الأهم من ذلك هو الحديث عن خط أنابيب شرق البحر المتوسط "إيست ميد" ​​الذي يرعاه الاتحاد الأوروبي بين إسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا.

ووفقًا لتقرير موقع New Europe، فإن خط أنابيب إيست ميد يتجاوز تركيا، إلى توصيل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا. وكان هدف إسرائيل من الانضمام إلى القوى المعادية لتركيا " قبرص واليونان ومصر" هو عزل أنقرة عن الاتحاد الأوروبي.

إسرائيل تدعم خصوم تركيا الرئيسيين

ويذكر غاري أن إسرائيل اتخذت خطوات واضحة بعيدًا عن تركيا وقربًا من خصومها اليونانيين المكروهين. وإذا كان المسؤولون في أنقرة في الماضي مترددين في قطع العلاقات مع تل أبيب بسبب الاعتبارات الاقتصادية، قد أصبحوا الآن أقرب إلى فعل ذلك.

ويضيف أنه يعد التعاون العسكري المكثف لإسرائيل مع كل من اليونان وقبرص بمثابة علامة أخرى على أنه عندما يتعلق الأمر بتركيا، فإن تل أبيب تبذل كل ما في وسعها لتستبدل شراكتها مع تركيا التي كانت جيدة في الماضي بشراكة الدول الفقيرة ذات السمعة السيئة والتي تجمعها علاقات سيئة بتركيا.

ثم هناك مسألة الدعم الإسرائيلي للميليشيات الانفصالية في كل من شمال سوريا وشمال العراق. وقد أوضح الرئيس أردوغان أن هذا أحد الخطوط الحمراء العديدة التي يمكن لإسرائيل تجاوزها فيما يتعلق بالحفاظ على علاقات شبه طبيعية.

ويخلص غاري إلى أنه عند النظر إلى حالة العلاقات بين تركيا وإسرائيل وما قاله المسؤولون الإسرائيليون بأنفسهم عن تركيا وطائرات F-35، يبدو  من الواضح أكثر أن قضية الصواريخ الروسية إس 400 ومقاتلات إف 16 لا تتعلق بالحرب الباردة الجديدة بين واشنطن وموسكو بقدر ما تتعلق بإسرائيل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!